يؤرّخ الفنان التشيكيلي ألفرد طرزي للبنان وكذلك بيروت، التي عاشت كل أنواع التناقضات من الفرح والحياة إلى العنف والموت والدمار، عبر معرض يحمل عنوان "ذاكرة مدينة من ورق".
يقوم العمل الفني على الصور ورسوم الكاريكاتور، وهو نتاج تعاون مشترك مع مركز أمم للأبحاث والتوثيق.
ومن خلال "ذاكرة مدينة من ورق"، يستعيد طرزي كمًا هائلًا من أرشيف المجلات والصحف التي كانت تصدر في لبنان، ويعيد تشكيل كل ذلك تبعًا لرؤيته الخاصة.
مصادر "ذاكرة مدينة من ورق"
يعود الأرشيف الضخم، الذي استند إليه طرزي في هذا العمل الفني، إلى مصادر مختلفة منها مجموعة الفنان الخاصة. وكان جمع هذه المواد وتوثيقها قد استغرق سنوات عديدة.
ويتبع طرزي في بناء مدينته خط التسلسل الزمني منذ ثلاثينيات القرن الماضي إلى ثمانينياته، فتتوزع المواد المعروضة بين أغلفة مجلات ورسوم كاريكاتور، أعاد إحيائها على طريقته وغيرها من مواد الأرشيف النادرة التي أُنقذت.
وكان الجزء الأكبر من الأرشيف المكتبي لهذه المجلات والصحف، وجرّاء ظروف مختلفة، قد دُمر أو فُقد بالكامل.
"أردت فهم الدور الذي لعبته الصور"
في إطلالته عبر "العربي"، يتحدث طرزي عن اختياره لـ "مدينة من ورق" في عالم ابتعد عن الورقة والقلم لصالح الشاشات، فيصف هذه المرحلة بالمفصلية، لكنه يلفت إلى أن "بيروت في فترة السبعينيات كانت مطبعة الشرق الأوسط".
ويشير إلى أن "ما يزيد عن 400 مجلة وصحيفة كانت تطبع في بيروت منتصف ذلك العقد"، مردفًا بالقول: "تلك كمية هائلة من الورق أُنتجت وطُبعت، لذا أردت دراسة هذا الأمر".
ويتوقف عند فكرة "ذاكرة مدينة من ورق" وانطلاقتها، فيشير إلى أن الحرب الأهلية شكلت بالنسبة له مرحلة هامة جدًا من تاريخ لبنان والشرق الأوسط وأيضًا العالم، من حيث كيفية جرّ هذا البلد إلى العنف، لافتًا إلى أنه أراد فهم الدور الذي لعبته الصورة في تلك الحرب.
ويشير إلى أنه لاحظ خلال الدراسة، وبالاطلاع على الصحف التي صدرت خلال السبعينيات، أن كل الأفكار الثورية كانت نتيجة صور.
ويرى أنه تم تنفيذ صور ثورية، لكن تناقضًا ظهر على أرض الواقع وأمام الثورة الفعلية، بين القدرة على القيام بالثورة وما احتوته الصورة.
ويخلص إلى الإشارة إلى أن الدراسة كلها تمحورت حول الدور الذي تلعبه الصورة في التاريخ.