رغم مرور سنوات طويلة على عمله في التجارة والاستثمار، لم يخف شغف الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني الذي تصنفه مجلة "فوربس" بأنه أحد أهم الأغنياء في دولة قطر.
ويعزز هذا الشغف تطوّر الفرص الاستثمارية داخل وخارج قطر، ليس بهدف جمع مزيد من الأموال، ولكن لأن الاستثمار بحد ذاته يشكل تحديًا مستمرًا لشخصيته.
فهو رئيس مجلس إدارة مؤسسة الفيصل القابضة والشركات التابعة لها والمهتم بجمع التراث والتحف.
وتتنوع استثمارات شركته حول العالم حيث تملك نحو 34 فندقًا، ولديها شركة متخصصة في تصنيع الصلب ومواد الإنشاء والكابلات، إضافة إلى استثمارات أخرى في مجال التعليم.
وفي لقاء خاص مع "العربي"، يروي الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني خلاصة تجربته العملية خلال أكثر من 50 عامًا.
شركات المساهمة
ويلفت إلى أن عددًا قليلًا من الشركات العائلية في قطر ودول الخليج استطاعت الاستمرار، وذلك لأن صاحب الشركة من حبه لها لا يؤهل أحدًا لكي يتسلم العمل بعده.
ويشير إلى ارتفاع الوعي الآن بحيث أصبحت الكثير من الشركات العائلية مساهمة، وبدأ مؤسسو الأعمال بإدخال أبنائهم إليها باكرًا لتأهيلهم للإدارة.
ويقول بن قاسم آل ثاني: "من وجهة نظري، الشركات ليست ملكًا لصاحبها، بل هي مبنية على كوادر وشخصيات"، منتقدًا فكرة وجود وريث يفكك المؤسسة بدلًا من الحفاظ عليها.
ويؤكد أن هاجسه منذ بداية حياته العملية هو كيف سيحافظ على مؤسسته، لذلك نظر إلى الشركات العالمية ووجد أنها تنتهي بعد مرور الزمن، باستثناء تلك المُساهمة الذي استطاع مالكوها الحفاظ عليها.
ويعتبر بن قاسم آل ثاني أن الأفضل أن "لا يورث الأب الكثير من الأموال لأبنائه، بل أن يعيش معهم ويجعلهم يعتادون على كل ظروف الحياة".
تجربة الشيخ فيصل في إدارة أعماله
وحول تجربته في إدارة أعماله، يشير الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني إلى أنه وزّع جميع الشركات التي يملكها والأصول على شكل أسهم بالتساوي بين أبنائه وأهله.
ويوضح أنه بذلك لن يستطيع أحد أن يعبث بالمؤسسة، لافتًا إلى أن من سيتولى شؤون الإدارة عليه التمتع بمؤهلات. ويتكون مجلس إدارة شركاته من العائلة ككل، بينما يفضل أن يكون الجانب التشغيلي من خارج إطار العائلة.
ويؤكد أن هذه السياسة التي اعتمدها أثبتت نجاحها، مشيرًا إلى أن الاعتماد على الكفاءة هو الضامن لاستمرارية الشركات.
دور الشركات المحلية
ويقول: "المؤسسات هي من الركائز الاقتصادية للدولة حيث توفر فرص العمل"، لذلك فإن الاهتمام بها يغني الدولة عن استقدام أخرى عالمية.
ويعتبر أن تسليم الشركات المحلية المشاريع الرسمية هو أفضل من تسليمها للأجنبية، ولا سيما إذا كانت مدرجة في البورصة.
ويشير الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني إلى أن المؤسسات يجب أن تكيّف نفسها مع نظام الدولة.
وينصح آل ثاني رواد الأعمال باللجوء إلى أصحاب الكفاءة، ويروي أنه في بداياته عمل في التجارة، وعندما وجد أن مجالات تطوره محدودة، دخل في العقارات وعمل في مجال الفنادق.
تجربة جمع التحف
ويتحدث آل ثاني عن هوايته في جمع التحف، حيث أنشأ متحفين في قطر يضمّان آلاف المخطوطات والكتب وغيرها. ويؤكد أن جميع التحف التي يمتلكها ثمينة، لكن تلك التي لها علاقة بطفولته وأهله لها معزة خاصة لديه.
كما يهتم بجمع تحف تخص شخصيات مهمة من العالم العربي نُسي بعضها، وفق ما يُشير في حديثه.
ويشير الشيخ فيصل إلى تاريخ قطر المهم، حيث نجح أهلها بالحفاظ على بلادهم وتطويرها. ويقول: "قطر لديها تاريخ، فهي لم يكن لديها جيش، ودخلت في حروب معتمدة على أهالي البلاد وأسلحتهم الخاصة".
كذلك، يحاول رجل الأعمال القطري أن ينقل قصص الأجيال التي عاصرها إلى الشباب، وقد ألّف كتابًا بعنوان: "قطر التي عشناها".
وينفي أن تكون قطر "دولة بدأت بالأمس"، مؤكدًا أن لدولة قطر تاريخًا وتمكن أهلها من التغلب على الحروب والأمراض وحافظوا على أمنهم.