توفّي مظفر النواب بعيدًا عن العراق. الشاعر الذي كتب يومًا أنه ارتضى أن يكون نصيبه في الدنيا كنصيب الطير، قال إن الأخير له أوطان يعود إليها، أما هو فما زال يطير.
وبعد صراع مع المرض، خفض مظفر النواب "جناحيه". رحل اليوم الجمعة في أحد مستشفيات دولة الإمارات. هو الذي حلّق طويلًا خارج مسقطه، كانت قصائده ريحًا تعصف بالوجدان، وتؤجج المشاعر، وهي لا تنفك تحافظ على الوقع نفسه، بينما تستعيدها الأجيال وتستحضرها المآسي.
نظم الشاعر العراقي شعرًا في الحب والغزل، وأعاد صياغة أوجاع المستضعفين في أبيات وانتفض على الانكسارات في القصيدة.
حضرت عواصم عربية عدة في كتاباته، وفاضت إزاء نكبات فلسطين اختلاجاته، ومما نظمه "القدس عروس عروبتكم"، التي هاجم فيها القادة العرب. أما العراق، "فلا خبر يجيء منه" كتب، وهو، بعيدًا منه، رحل عن عمر ناهز 88 عامًا.
وعلى الأثر، نعته وزارة الثقافة العراقية التي أشارت إلى أنها تعتزم إعادة طبع كتبه ودواوينه، "لتشكل منهلًا للقراء والمهتمين".
يبقى حيّاً في ذاكرة الشعب مَن زرع مواقفه السياسية والوجدانية بشكل صادق، ولهذا فإن الشاعر العراقي الكبير #مظفر_النواب لا يمضي إلى العدم. فهو حيّ في ذهن كل مَن ترنم بقصائده الخالدات. لروح المبدع الفذ المغفرة والرحمة، ولأسرته ومحبيه وقرّائه الصبر والسلوان. pic.twitter.com/5rbTRzd9B5
— Barham Salih (@BarhamSalih) May 20, 2022
بدوره، كتب الرئيس العراقي برهم صالح في تغريدة على تويتر: "يبقى حيًا في ذاكرة الشعب من زرع مواقفه السياسية والوجدانية بشكل صادق، ولهذا فإن الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب لا يمضي إلى العدم، فهو حي في ذهن كل من ترنم بقصائده الخالدات".
من هو مظفر النواب؟
وُلد النواب في يناير/ كانون الثاني 1934 بالعاصمة بغداد، ودرس في كلية الآداب التي تخرّج فيها عام 1956 قبل أن يتم تعيينه مفتشًا فنيًا في وزارة التربية.
انتمى في شبابه إلى الحزب الشيوعي العراقي، وناضل في صفوفه إلى أن دخل السجن نهاية عام 1963، حيث نظم قصيدته الشهيرة "البراءة"، التي تُعد واحدة من أهم ما نظم.
هرب من السجن مع زملاء له إلى أن صدر عفو عام عن المعارضين السياسيين عام 1969، فغادر العراق وتنقل بين عدد من العواصم العربية منها بيروت ودمشق وعمان.
اهتم كثيرًا بالقضية الفلسطينية، فنظم عنها عشرات القصائد. وبحسب وكالة "رويترز"، فإن قصيدة "القدس عروس عروبتكم" منعته بسببها معظم الدول العربية من دخول أراضيها، فكان يُلقب بـ "شاعر القصيدة المهربة".
إلى ذلك، أثارت قصيدة "تل الزعتر" عن أحداث مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين في لبنان موجة غضب جديدة ضد الشاعر العراقي. كان ذلك عام 1976، وقد اضطر النواب على الأثر إلى الترحال من جديد، فانتقل إلى ليبيا.
ودأب مظفر النواب على انتقاد قمم جامعة الدول العربية، فكان ينظم قصيدة عقب كل قمة يهاجم فيها المواقف السياسية لقادة المنطقة ومن هذه القصائد "دوامة النورس الحزين" و"القمة الثانية" و"تكاثرت القمم".
ومن قصائده أيضًا "بنفسج الضباب" و"في الحانة القديمة" و"قراءة في دفتر المطر" و"يا حزن" و"عائلة القطط" و"يا جهيمان".