الخميس 18 أبريل / أبريل 2024

رسائل متعدّدة خلف انفجار إسطنبول.. كيف سيكون الردّ التركي؟

رسائل متعدّدة خلف انفجار إسطنبول.. كيف سيكون الردّ التركي؟

Changed

ناقش "للخبر بقية" الرسائل خلف تفجير إسطنبول، وماهية الردّ التركي عليه (الصورة: غيتي)
حمل انفجار إسطنبول رسائل متعدّدة داخليًا وخارجيًا، فمن هي الجهة التي تقف خلفه؟ وكيف سيكون الردّ التركي وأين؟

6 قتلى و81 جريحًا على الأقل هي حصيلة الانفجار الذي نُفّذ بقنبلة وهز شارع الاستقلال في منطقة تقسيم وسط إسطنبول.

ووقع الانفجار، وفق لقطات وثّقت لحظاته الأولى، في وقت كان شارع الاستقلال السياحي الشيهر يغصّ بالمارّة عند حوالي الساعة 4:20 عصرًا بالتوقيت المحلي.

وأفادت وسائل إعلام وشهود عيان بأن دوي الانفجار كان قويًا، ومسموعًا من مناطق مجاورة.

وعقب الانفجار، فتح المدعي العام في إسطنبول تحقيقًا في ملابساته، كما أرسلت قوات الأمن خبراء بتفكيك المتفجرات، ومنعت الدخول إلى شارع الاستقلال، ودعت الجميع إلى الامتناع عن مغادرة المنازل والمحال في المنطقة.

 وبالتزامن مع ذلك، حظرت محكمة الصلح الجنائي بثّ الأخبار المتعلقة بالحادثة، كما أصدرت الهيئة العليا للإذاعة والتلفزيون التركي قرارًا بمنع نشر أي معلومات تتعلّق بالانفجار، ودعت وسائل الإعلام للامتثال للأمر.

وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إن العمل جارٍ على تحديد هُوية مرتكبي الهجوم الشنيع، مشيرًا إلى ضلوع إمرأة فيه، مؤكدًا أن منفّذي التفجير سينالون العقاب.

وشدّد على أن محاولات إخضاع تركيا وشعبها للإرهاب ستفشل، كما ستفشل محاولات النيل من الدولة.

"الردّ سيكون في أماكن تواجد الإرهابيين"

وأوضح محمد صادق يلدرم، الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية، أن الانفجار يحمل رسائل متعدّدة لتركيا، منها سياسية وأمنية واقتصادية.

وقال يلدريم، في حديث إلى "العربي"، من أنقرة، إن "الهدف من الانفجار يتمحور حول زعزعة الأمن والاستقرار بخاصة وأن إسطنبول لم تشهد مثل هذه الهجمة الإرهابية منذ ست سنوات، وزعزعة الاقتصاد التركي، مضيفًا أن تركيا مقبلة على انتخابات رئاسية في يونيو/ حزيران المقبل، وهذا الانفجار للإيحاء بأن الأجواء غير ملائمة لإجرائها".

وأشار إلى أن "الرسالة الأهم تكمن في الايحاء بأن تركيا غير قادرة على حماية أمنها، حتى تقوم بحماية مونديال قطر 2022، حيث أرسلت عددًا من قواتها إلى الدوحة للمساعدة في تأمين هذا الحدث الكروي الهام في المنطقة".

وشرح يلدريم أن "تركيا تتعرّض لهجمات إرهابية منذ 40 سنة، وكل الدلائل تشير إلى تورّط حزب العمال الكردستاني و"تنظيم الدولة" بالتفجير، والتي تهدف إلى زعزعة استقرار تركيا".

واعتبر أن "هناك إستراتيجية جديدة للإرهاب تتمحور في نقل النار إلى داخل المجتمع التركي، ولذلك ستحرص الحكومة على أخذ هذا في الاعتبار وتأخذ تدابيرها بحيث يكون الردّ في أماكن تواجد الإرهابيين".

رسائل متعدّدة في بالي

من جهته، أشار الدكتور برهان كور أوغلو، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ابن خلدون، إلى أن أصابع الاتهام تتّجه نحو حزب العمال الكردستاني، نظرًا إلى تشابه هذا التفجير مع  العمليات السابقة التي قامت بها هذه المنظمة، والأخرى التي قام بها "تنظيم الدولة".

وقال كور أوغلو، في حديث إلى "العربي"، من إسطنبول، إن "الهدف من التفجير هو إظهار المؤسسات الأمنية التركية بمظهر العاجز عن حماية المدنيين من مثل هذه التفجيرات"، مشيرًا إلى أن القوات التركية تقوم منذ فترة بعمليات ضد التنظيمين في العراق وسوريا وداخل تركيا.

وأوضح أن حرب تركيا مع الإرهاب مستمرة، وأن التفجير دليل على عجز الجهة المنفّذة عن محاربة المؤسسات الأمنية التركية، فلجأت إلى استهداف المدنيين.

وعن مغادرة الرئيس التركي إلى بالي للمشاركة في قمة العشرين رغم التفجير، أكد كور أوغلو أن أردوغان في مَهمة مهمّة جدًا سيستغلّها لدعوة المجتمع العالمي إلى التكاتف لمحاربة الإرهاب، وبعث رسائل متعدّدة، وإعلان مواقف تركية جديدة ضد المنظمات الإرهابية في سوريا.

وشدّد على أن كل الأحزاب السياسية وقفت خلف الحكومة في إدانة هذا التفجير الشنيع، لكن هذا لا ينفي أن هناك تحالفًا بين بعض أحزاب المعارضة مع "حزب الشعوب الديمقراطي" الذي يتمتع بصلات مباشرة وغير مباشرة مع العمال الكردستاني، ناهيك عن أن "الشعوب الديمقراطي" لم يعلن موقفه من التفجير بعد.

الحاج: سياقان داخلي وخارجي خلف التفجير

بدوره، أوضح سعيد الحاج، الباحث السياسي، أن منفّذي التفجير تقصّدوا المكان والتوقيت في الشارع الأكثر اكتظاظًا في إسطنبول، وفي يوم عطلة الأحد، من أجل الإيقاع بأكبر عدد من الضحايا المدنيين.

وقال الحاج، في حديث إلى "العربي"، من اسطنبول، إن بعض التنظيمات تقوم بمثل هذه العمليات لتحقيق أهداف ضغط سياسي من الخارج، مضيفًا أن حزب العمال الكردستاني هو المشتبه به الأول في التفجير.

وأوضح أن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التركية هو عامل آخر للشكّ بوقوف العمال الكردستاني خلف التفجير.

لكنّه، في الوقت نفسه، أوضح أن "تنظيم الدولة" سبق ونفّذ تفجيرين مشابهين في إسطنبول وأنقرة، كما أن حجاب المرأة الضالعة في التفجير لا يلغي فرضية وقوف التنظيم خلف الانفجار أو على أقل تقدير هناك من يرغب في أن يُعطي انطباعًا أن "تنظيم الدولة" هو من قام بالتفجير.

وأكد أنه بغضّ النظر عن الجهة التي نفّذت التفجير، فإن العملية الإرهابية مرتبطة بسياقين أساسيين: الأول السياق الانتخابي ومحاولة إضعاف فرص الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحزب العدالة والتنمية واللعب برأي الناخبين لناحية تراخي الأمن، والثاني الارتباط بالسياسة الخارجية التركية حيث تحاول أطراف خارجية بالضغط على تركيا بالعامل الداخلي.

واعتبر الحاج أن إصرار أردوغان على زيارة بالي هي رسالة ثقة طمأنة بأن تركيا قادرة على احتواء الأمر، رغم أن السؤال يتمحور حول استمرارية مثل هذه الهجمات في تركيا حتى موعد الانتخابات في يونيو المقبل.

وفي حال ثبوت ضلوع العمال الكردستاني في التفجير، أكد الحاج أن هذا سيضع تركيا أمام مسؤولية الردّ بطريقة أو بأخرى ومحاسبة كل من وقف خلف التفجير من جهة، ولكنه من جهة ثانية سيقوّي سرديتها في مواجهة الولايات المتحدة التي تدعم "وحدات الحماية"، و"قوات سوريا الديمقراطية" في سوريا التي لها علاقات عضوية مع العمال الكردستاني.

وشدّد على أن مبدأ مكافحة الإرهاب في تركيا يحظى بتأييد حزبي ونخبوي وشعبي كبير، وحتى أن بعض أحزاب المعارضة قد تزايد على الحكومة وتطلب منها ردًا سريعًا على الجهة المنفّذة للتفجير، مستبعدًا أن يكون الردّ على شكل عملية عسكرية موسّعة في شمال سوريا.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close