السبت 13 أبريل / أبريل 2024

رغم الجدل المستمر.. هل تنجح بريطانيا في ترحيل اللاجئين إلى رواندا؟

رغم الجدل المستمر.. هل تنجح بريطانيا في ترحيل اللاجئين إلى رواندا؟

Changed

"للخبر بقية" يسلط الضوء على مساعي الحكومة البريطانية ترحيل لاجئين إلى رواندا (الصورة: غيتي)
أعطت لندن الضوء الأخضر رسميًا لترحيل عدد من اللاجئين إلى رواندا، في خضم تواصل التهديدات بالانسحاب من محكمة حقوق الإنسان الأوروبية.

عقب رفضها طعنًا تقدمت به جمعيات تعنى بأمور اللاجئين، أقرت المحكمة البريطانية العليا قانونية ما بات يعرف بـ"خطة رواندا" المثيرة للجدل.

بدوره، رحب رئيس الوزراء ريشي سوناك بشرعنة المحكمة للخطة والتي تنوي بموجبها الحكومة البريطانية ترحيل طالبي اللجوء الذين وصلوا أراضيها إلى رواندا.

وستتم خطة الترحيل بموجب صفقة أبرمت بين البلدين في شهر أبريل/ نيسان الماضي، دفعت بموجبها بريطانيا للسلطات الرواندية 140 مليون جنيه إسترليني.

وفي يونيو/ حزيران الماضي، كان من المفترض أن تقلع من الأراضي البريطانية طائرة تقل على متنها أكثر من 10 طالبي لجوء، من بينهم سوريون وعراقيون أكراد وإيرانيون، إلا أن تدخل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في اللحظات الأخيرة حال دون إقلاع الطائرة، وعطل عملية الترحيل.

هذا الأمر أغضب السلطات البريطانية إلى حد باتت فيه الحكومة الحالية بقيادة سوناك تهدد بالانسحاب من المحكمة الأوروبية، لضمان ما تصفه باستقلالية القرار الأوروبي وسيادته.

وجاء قرار المحكمة العليا، بعد أيام من إعلان سوناك عن خطته الجديدة بشأن تقييد حركة العبور إلى شواطئ المملكة، وحديث عن صفقة قيد الإعداد بين بريطانيا وفرنسا لمعالجة قضية النقاط التي تعبر منها الزوارق الصغيرة القنال الإنكليزي.

كما يأتي في ظل سياسات متشددة يبديها حزب المحافظين حيال قضية المهاجرين غير النظاميين.

"مهاجرون اقتصاديون"

وفي هذا الإطار، يوضح النائب السابق عن حزب المحافظين في البرلمان البريطاني بروكس نيومارك، أن الوزراء البريطانيين يأخذون النصائح القانونية من الموظفين والعاملين، مشيرًا إلى أن الأشخاص الذين سيتم ترحيلهم، ليسوا من اللاجئين وإنما هم مهاجرون اقتصاديون يبحثون عن حياة أفضل.

ويضيف في حديث لـ"العربي" من لندن، أن اللاجئين جاؤوا من فرنسا التي تعد بلدًا آمنًا إلى بريطانيا، وفي ظل أي اتفاقية للاجئين فإن القانون ينص على أنه لا بد أن يبقوا في أول بلد آمن يصلون إليه، مشيرًا إلى وجود عدد هائل من الأشخاص الذين يحاولون عبور القنال الإنكليزي من فرنسا.

ويرى نيومارك أن الأشخاص الذي يأتون إلى بريطانيا لا بد أن يأتوا بطريقة شرعية، معتبرًا أن المهاجرين ليسوا فقراء لأنهم يدفعون آلاف الدولارات للمهربين، لكنه شدد على ضرورة إظهار الرحمة مع المهاجرين الحقيقيين، حسب قوله.

"مبادئ عامة في القانون الدولي"

من جهته، يشرح رئيس جمعية المحامين في القانون الدولي مجيد بودن، أن هناك مبادئ عامة في القانون الدولي ملزمة لكل الدول، وبريطانيا ملتزمة بهذه الاتفاقيات الدولية والمبادئ، فيما يتعلق بحقوق الإنسان، موضحًا أنه يمكن الانسحاب من الاتفاقيات لكنه لا يمكن من الانسحاب من المبادئ العامة للقانون الدولي.

وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة الفرنسية باريس، يوضح أن المبادئ تقول إن أي شخص له الحرية الكاملة في التنقل، وله الحرية الكاملة في اللجوء إلى البلد الذي يرى فيه أمنه ومصلحته، في المقابل فإن البلد الذي ينوي أي شخص اللجوء إليه له حرية القبول أو عدم القبول، لكن هذه الحرية تخضع لحرية الشخص.

ويضيف مجيد بودن أن حماية الفرد الأجنبي هي من المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وللقانون الدولي، أي أن اللاجئ يجب حمايته مهما كانت جنسيته عندما يصل إلى بلد ما، ثم يتم النظر في وضعه في وقت لاحق.

ويتابع أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا يعني خروجها من كل الاتفاقيات، مشيرًا إلى أن المملكة المتحدة تريد أن تصنع قرارات جديدة وقوانين جديدة لها.

ويبيّن مجيد بودن أنه في حال انسحاب بريطانيا من الاتفاقيات، فإنها تبقى مسؤولة أمام المجتمع الدولي وأمام محكمة العدل الدولية والمنظمات الدولية باحترام المبادئ العامة للقانون الدولي، وباحترام معاملة الأجنبي.

ويقول: إن هناك طعونًا كبيرة جدًا وممكنة أمام المحكمة البريطانية، لأن القرار البريطاني ذاته لا يقول إنه يجب الترحيل بشكل أوتوماتيكي وبدون شروط، مشيرًا إلى أن القضاء البريطاني عادل ومستقل، كما تقول المحكمة البريطانية إن الحكومة قصرت في دراسة الوضعيات للأفراد، وهذا التقصير يجعل القرار غير قابل للتطبيق.

ويردف مجيد بودن أن هذه هي المشكلة الأساسية التي تواجه بريطانيا ويجب عليها أن تفتح الملفات كلا على حدة ثم تأخذ القرار، وتاليًا تبلغ الشخص المعني بالأمر الذي يمكنه الطعن في القرار، بما اتخذته.

ويخلص إلى أن المحاكم البريطانية لن تسمح للحكومة بالذهاب أكثر منذ ذلك، مشيرًا إلى أن القرار البريطاني لا يعني انتصارًا، بل وضَع شروطًا كبيرة تتمثل في فحص الملفات كلا على حدة.

"الخطة البريطانية لن تنجح"

من ناحيته يشير الكاتب الصحافي بيل لو إلى ثلاثة مكونات أساسية في هذا الإطار، "عملية وسياسية وأخلاقية".

ويوضح في حديث لـ"العربي"، من لندن، أن المكون العملي يرتبط بترحيل بضع مئات من الأشخاص إلى رواندا، الأمر الذي سيوقف العصابات الإجرامية التي تتاجر بالبشر، أما الجانب السياسي فهو اتخاذ حزب المحافظين إجراء قاسيًا وخطًا معاديًا للهجرة، مشيرًا إلى أن أغلبية الشعب البريطاني يؤمنون بالرأفة والرحمة والديمقراطية وليس بالهجوم والاعتداء على المهاجرين.

أما الجانب الأخلاقي، فيشير لو إلى أن رواندا بلد معاد للديمقراطية وسيئ، وبريطانيا على استعداد لإرسال الناس إلى هناك، بإعطاء رواندا المال، في محاولة يائسة لإيقاف العصابات الإجرامية، مؤكدًا أن هذا الأمر لن ينجح أبدًا.

ويضيف أن قضية المهاجرين هي مشكلة أوروبا بأكملها، وأنه من المؤسف أن يترك الاتحاد الأوروبي، لأن قرار قضية الهجرة لا بد أن يكون حله على مستوى أوروبا بأكملها، وأن يتم النظر إلى الأسباب الكامنة وراء المهاجرين.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close