في مشهد تاريخي لم يعرفه قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الثاني عام 2023 تجمع المئات من سكان مدينة غزة حول مقاتلي كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، قبل وبعد تسليم المحتجزات الإسرائيليات الثلاث.
وأفاد مراسل التلفزيون العربي، إسلام بدر، من مدينة غزة، بأن المشهد غير المسبوق يعكس التلاحم الشعبي بين أهالي غزة ومقاتلي القسام، وأظهرت التغطية المباشرة للتلفزيون العربي الأعلام الفلسطينية التي كان سكان غزة يرفعونها، وتدافعهم حول مقاتلي القسام لالتقاط الصور معهم.
وقال مراسل التلفزيون العربي إن سكان غزة كانوا متشوقين إلى لحظة فرح تأخرت كثيرًا بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لأكثر من عام وشهرين، ووجدوا في توقف إطلاق النار فرصة للتعبير عن فرحهم، وفخرهم بما أنجزته المقاومة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن المحتجزات الثلاث المفرج عنهن، دخلن الأراضي الإسرائيلية بمواكبة قواته، وأورد الجيش في بيان "قبل فترة قصيرة عبرت الرهينات المفرج عنهن بمواكبة قوات الجيش والشين بيت الحدود إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، وهن في طريقهن إلى نقطة استقبال أولى في جنوب إسرائيل حيث سيجرى لهن تقييم طبي أول".
وأوضح الناطق باسم الجيش دانيال هاغاري في تصريح متلفز أن المحتجزات "بتن بعهدتنا وفي طريقهن إلى الديار".
وتسلّم الجيش الإسرائيلي المحتجزات من الصليب الأحمر في قطاع غزة الأحد في اليوم الأول من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، والذي شهد عودة كثيفة للفلسطينيين إلى منازلهم المدمرة جراء عدوان إسرائيلي متواصل منذ أكثر من 15 شهرًا.
وكانت حركة حماس أعلنت تسليمهن إلى الصليب الأحمر، بينما أكدت إسرائيل أنها تبلّغت من الصليب الأحمر تسلمّه الإسرائيليات الثلاث من حركة حماس في حي الرمال في مدينة غزة.
حشود ضخمة حول مقاتلي القسام
وتمّت عملية التسليم وسط انتشار كثيف لمقاتلين مسلحين وملثمين من حركة حماس تجمهرت حولهم حشود كبيرة، ما اضطرهم إلى إطلاق النار في الهواء لحمل الناس على التراجع للتمكن من نقل المحتجزات إلى سيارة الصليب الأحمر.
وكانت المحتجزات في حافلة صغيرة قبل أن ينقلهن الصليب الأحمر إلى آلية كانت مركونة في المكان.
ورفع عناصر حماس شارات النصر، فيما هتف المتجمّعون "تحية لكتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، و"نحنا رجالك محمد ضيف"، قائد كتائب القسام، و"على القدس رايحين، شهداء بالملايين".
وأكد منتدى عائلات المحتجزين في إسرائيل أسماء المحتجزات الثلاث المفرج عنهن في إطار المرحلة الأولى من تنفيذ الاتفاق، وهن ثلاث إسرائيليات، إميلي داماري التي تحمل أيضًا الجنسية البريطانية، ورومي غونين، ودورون شتاينبرخر التي تحمل أيضًا الجنسية الرومانية.
وأوضح أنه تمّ اقتياد داماري وشتاينبرخر خلال هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023 على إسرائيل من كيبوتس كفار عزة، فيما احتجزت غونين من مهرجان "سوبر نوفا".
وغونين (23 عامًا) راقصة ومصممة رقص، أما داماري (27 عامًا) فهي مولودة في إسرائيل لأب إسرائيلي ووالدتها بريطانية، وشتاينبرخر (30 عامًا) ممرضة.
عودة النازحين إلى الشمال
وبدأ آلاف النازحين العودة إلى منازلهم، واكتظت الطرق في مدن القطاع المدمّر بأعداد كبيرة من العائدين لا سيما في الشمال سيرًا على الأقدام أو في عربات تجرها دواب، حاملين أمتعتهم وخيمهم، وكان بعضهم يرفع شارة النصر، بينما حمل آخرون العلم الفلسطيني.

في منطقة المواصي في خانيونس (جنوب)، قال محمد الربايعة النازح من رفح: "سنأخذ الخيمة معنا للعودة لموقع بيتنا في رفح وسنعيش فيها حتى إعادة بنائه"، بينما عبّر محمد عبد المجيد النازح في دير البلح (وسط) عن "شعور مختلط"، وقال إنه يشعر "بفرح لأن الحرب انتهت جزئيًا وتوقف شلال الدم، وبحزن على الأعداد الكبيرة من الضحايا والمآسي المتكررة التي تحتاج إلى سنوات حتى نتعافى منها".
بدء دخول المساعدات الإنسانية
ودخلت أولى شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بعد بدء تنفيذ وقف إطلاق النار، على ما أعلن مسؤول في الأمم المتحدة عبر منصة "إكس"، وكتب جوناثان ويتال، كبير مسؤولي الأراضي الفلسطينية المحتلة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، "بدأت أولى شاحنات الإمداد تدخل بعد 15 دقيقة" على بدء الهدنة.

وأعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي السبت أنه "تمّ الاتفاق على نفاذ 600 شاحنة يوميًا" إلى داخل غزة، بينها "50 شاحنة وقود"، وذكر مسؤول مصري اليوم أن 260 شاحنة دخلت الأحد قطاع غزة، بينها 16 شاحنة وقود".
وبين الموعد الأساسي لبدء تنفيذ الاتفاق الساعة الثامنة والنصف صباحا، وبدء العمل به، نفّذت إسرائيل ضربات على شمال قطاع غزة أوقعت ثمانية شهداء، بحسب الدفاع المدني في غزة.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة اليوم ارتفاع حصيلة الشهداء في القطاع نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى 46913 منذ بدء الحرب قبل أكثر من خمسة عشر شهرًا.