يدخل لبنان مرحلة اقتصادية جديدة، مع خفض سعر الصرف الرسمي لليرة لأول مرة منذ 25 عامًا اليوم الأربعاء بشكل كبير.
فقد أعلن مصرف لبنان المركزي في بيان اليوم الأربعاء، اعتماد سعر الصرف الجديد المتمثل بـ 15000 ليرة للدولار رسميًا اعتبارًا من اليوم بعدما كان 1500 ليرة منذ عام 1997.
وصرّح حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، أن البنوك في لبنان ستشهد انخفاض جزء من رؤوس أموالها بالليرة فور تحويله مقابل الدولار، مضيفًا أنه من أجل تخفيف أثر هذا التحوّل ستُمنح البنوك 5 سنوات لتعويض الخسائر الناجمة عن خفض قيمة العملة.
شرط صندوق النقد
كما أكّد سلامة، أن الخطوة هذه تأتي تماشيًا مع مسودة اتفاقٍ توصّل إليه لبنان مع صندوق النقد الدولي العام الماضي، وحّدد شروطًا لتقديم خطة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار.
وسينطبق سعر الصرف الرسمي الجديد على عمليات السحب بالعملة المحلية من الحسابات المصرفية بالدولار التي لم يتمكن المودعون من السحب منها بالعملة الصعبة منذ 2019.
انعكاسات رفع سعر الصرف الرسمي
ومن بيروت، يلفت مراسل "العربي" علي رباح إلى أن أكثر المتأثرين من هذه الخطوة هو مصرف لبنان نفسه، إلى جانب المصارف اللبنانية بشكل عام، وذلك كون رساميل هذه المصارف سوف تتلاشى شيئًا فشيئًا.
حتّى أن بعض الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين يتوقعون أن يُعلن إفلاس بعض المصارف، واندماج أخرى مع بعضها، وذلك تمهيدًا لإعادة هيكلة المصارف، بحسب ما نقل رباح.
ويردف مراسلنا: "كانت إعادة هيكلة المصارف شرطًا مهمًا لصندوق النقد الدولي خلال مفاوضاته الأولية مع الحكومة اللبنانية، ما يدلّ ربما على أن البلاد بدأت تدخل اليوم في هذه المرحلة".
المواطن "لن يتأثر"
أما في ما يتعلق بانعكاس هذه الرفع على المجتمع اللبناني، فيلحظ رباح أن المواطن لن يتأثّر مباشرةً وذلك لأن معيشته وحياته اليومية ترتبط اليوم بسعر الدولار في السوق الموازية، وليس وفق سعر الصرف الرسمي.
فلا يزال التحول من السعر القديم بعيدًا عن السعر في السوق الموازية التي تشهد أغلب التداولات، حيث لامس سعر صرف الدولار في السوق السوداء، اليوم الأربعاء، 60 ألف ليرة لبنانية.
كذلك، يشير مراسل "العربي" إلى أن قرار مصرف لبنان لم يأت فقط تحت ضغط صندوق النقد الدولي، إذ كانت الحكومة اللبنانية قد أقرّت موازنة عام 2022 منذ 3 أشهر فقط، واعتمدت فيها على سعر صف 15 ألف ليرة. بالإضافة إلى أن ضغوطات دولية كبيرة مورست بهذا الاتجاه.
يذكر أن الليرة اللبنانية بدأت رحلتها نحو الهبوط منذ الانهيار المالي عام 2019، عقب عقود من الفساد المستشري وسوء الإدارة من قبل النخبة الحاكمة. ويأمل لبنان في إتمام اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة إنقاذ ضرورية لإنهاء الأزمة الاقتصادية الأسوأ في تاريخه.