الأحد 21 أبريل / أبريل 2024

من ذاكرة كأس العرب.. قصة باص "انفجر" تألقًا في الأردن رغم الحرب

من ذاكرة كأس العرب.. قصة باص "انفجر" تألقًا في الأردن رغم الحرب

Changed

منتخب لبنان في الأردن عام 1988 (فيسبوك)
منتخب لبنان في الأردن عام 1988 (فيسبوك)
سجل لبنان واحدة من أغرب المشاركات في كأس العرب عندما توجه إلى البطولة التي أقيمت في الأردن عام 1988 قادمًا من نيران الحرب ليحقق مفاجأة مدوية.

شارك منتخب لبنان في بطولة كأس العرب هذا العام، حيث أوقعت القرعة منتخب "رجال الأرز" مع المنتخبين العريقين الجزائري والمصري، إضافة لمنتخب السودان في مجموعة واحدة.

وتأهل لبنان إلى البطولة بعد مباراة التصفيات الأولية مع منتخب جيبوتي، التي انتهت لصالحه بنتيجة 1-0، بهدف سجله المهاجم هلال حلوة، ليشارك للمرة السادسة في تاريخه بنهائيات البطولة.

وصمد المنتخب اللبناني أمام مصر وخسر بنتيجة 1-0، ثم بنتيجة 2-0 أمام الجزائر، قبل أن يفوز على المنتخب السوداني بنتيجة 1-0.

وكانت العاصمة بيروت أول مدينة تستضيف تلك المسابقة التي تجمع بلاد "الضاد" عام 1963، وكان لاعبه عدنان بكداش الملقب بـ"الشرقي" أول من سجل في تاريخ هذه البطولة، في مرمى الكويت. وانتهت المسابقة بفوز منتخب تونس باللقب حينها، وحل لبنان في المركز الثالث.

ثم شارك لبنان في نهائيات بطولة كأس العرب في الكويت عام 1964، ولم يسجل إلا فوزًا وحيدًا على ليبيا ليحتل المركز الرابع في مجموعته. ونال لبنان المركز نفسه في بطولة عام 1966 التي أقيمت في العراق. وخرج من الدور الأول في مسابقة عام 2002 في الكويت مسجلًا فوزًا وحيدًا على اليمن بنتيجة 4-2. 

باص "فقير" على الحدود

لكن المشاركة التي لا تغيب عن ذاكرة اللبنانيين هي تلك التي جرت في الأردن عام 1988. وكانت البلاد حينها تعيش حربًا أهلية طاحنة، حيث سيطرت الميليشيات الطائفية على الدولة، التي بدورها تفككت لمناطق تحت نفوذ القوى المسلحة المتناحرة. 

وشاء القدر أن يرحل قبل أيام أحد أبطال لبنان في تلك البطولة، وهو اللاعب محمود حمود الذي قضى إثر مضاعفات إصابته بفيروس كورونا عن عمر ناهز الـ59 عامًا. 

وغابت مسابقة الدوري عن لبنان بين عامي 1975 و1987 بسبب الحرب، قبل أن يقرر الاتحاد المحلي إقامة البطولة بما تيسر من فرق، بعد غياب طويل. وحقق نادي الأنصار اللبناني البطولة لأول مرة في تاريخه في ذلك العام.

ومع تألق عدد من النجوم المحليين خلال البطولة، ارتأى اتحاد اللعبة المشارَكة في كأس العرب رغم الظروف التي تشهدها البلاد. 

ولم يكن لبنان يمتلك أي ملعب عشبي، وكانت الإمكانيات فقيرة جدًا لتجهيز المنتخب، الذي تجمع لاعبوه حينها في ملعب أمين عبد النور في قرية بحمدون الجبلية، لإقامة معسكر تدريبي ضم نخبة من أسماء طُبعت في ذاكرة لبنان الكروية، كالحارس علي رمال وحسن عبود والمهاجم محمود حمود من النجمة، ومهندس خط الوسط غسان أبو ذياب من الصفاء، والأخوين بلال وواصف الصوفي من مدينة طرابلس الشمالية. 

ورغم تقطع أوصال البلاد، والمعارك المتنقلة بين الميليشيات، أقلع باص المنتخب إلى الأردن سالكًا المعابر البرية، لمشاركة لم يأمل منها غير التجربة بوجوده في مجموعة حديدية ضمت كبار المنتخبات العربية، وهي السعودية ومصر والعراق وتونس. 

محمود حمود
لاعب منتخب لبنان محمود حمود يوم اعتزاله عام 1994 (فيسبوك)

المفاجأة

وأمام أسود الرافدين في المباراة الافتتاحية، واجه لبنان المنتخب الذي تأهل إلى مونديال 1986 بوجود نخبة من أهم لاعبي العراق أمثال حبيب جعفر وليث حسين والنجم الكبير أحمد راضي. وضرب العراق طوقًا رهيبًا على منطقة المنتخب اللبناني، لكن الحارس علي رمال والدفاع اللبناني صمد ليخطف التعادل السلبي بنتيجة ملفتة.

وكانت النتيجة معجزة كروية لمنتخب ضعيف الإمكانيات أمام منتخب أحرز كأس الخليج قبل أشهر من كأس العرب.

وفي المباراة الثانية، التقى لبنان بالمنتخب السعودي الذي كان يتحضر لكأس أمم آسيا في قطر، والتي أحرز لقبها حينها بوجود كوكبة من النجوم أمثال الحارس عبد الله الدعيع، والنجم ماجد عبد الله وفهد الهريفي وغيرهم. ولجأ رجال الأرز للتكتل الدفاعي نفسه في المواجهة الأولى، لكن المباراة لم تنته بالتعادل السلبي، ففي الدقائق الأخيرة، ارتقى مهاجم لبنان محمود حمود حينها للكرة برأسه ليزرعها في شباك الدعيع بمفاجأة من العيار الثقيل. 

يذكر أن السعودية أحرزت لقب أمم آسيا بعد تلك المواجهة في العام نفسه.

محمود حمود
محمود حمود توفي قبل أيام جراء فيروس كورونا (فيسبوك)

وتحول البلد المنكوب بالحرب الأهلية، لبلد يحتفل كرويًا مع منتخبه الذي سجل مفاجأة من العيار الثقيل، بإمكانيات شبه منعدمة، قبل أن يلعب المواجهة الثالثة مع "الفراعنة" الذين توجهوا بأسماء من طينة حسام حسن وطاهر أبو زيد وأحمد شوبير وغيرهم من نجوم الكرة المصرية حينها. 

وأدرك الفراعنة أنهم أمام منتخب "أفخاخ" فتداركوا الأمر ودكوا شباك لبنان بثلاثية لحسن وأبو زيد وأيمن شوقي. 

وبقي لبنان يحمل آمال التأهل شرط خسارة العراق أمام مصر، وفوزه على نسور قرطاج في المباراة الأخيرة. وتقدمت تونس بهدف أول ليبدد آمال اللبنانيين، لكن محمود حمود استعاد الكرة مجددًا ليدرك التعادل لمنتخب بلاده في الشوط الثاني. وانتظر اللبنانيون حتى الدقائق الأخيرة دون جدوى، فيما تعادل العراق مع مصر سلبًا لتنتهي واحدة من أغرب رحلات المنتخبات العربية في البطولة. 

وأغدقت الصحافة اللبنانية لاعبي المنتخب بالمديح، وسجل لبنان واحدة من أهم تجاربه، قبل أن تعود البعثة لحياة كروية تحت نيران الحرب الأهلية التي انتهت عام 1990.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close