الثلاثاء 26 مارس / مارس 2024

زعيمة ميانمار المعتقلة.. حكاية "السيّدة" الملطّخة باتهامات الإبادة

زعيمة ميانمار المعتقلة
أخفقت سو تشي في توحيد الجماعات العرقية الكثيرة وفي وضع نهاية لحروب أهلية مستمرة منذ عقود (غيتي)
زعيمة ميانمار المعتقلة.. حكاية "السيّدة" الملطّخة باتهامات الإبادة
زعيمة ميانمار المعتقلة.. حكاية "السيّدة" الملطّخة باتهامات الإبادة
الإثنين 1 فبراير 2021

شارك

عادت أونغ سان سو تشي زعيمة ميانمار إلى المعتقل من جديد مع قيادات أخرى من حزبها السياسي نتيجة الانقلاب العسكري الذي جرى عليها.

وكانت سو تشي قد قضت 15 عامًا في إقامة جبرية خلال كفاحها من أجل الديمقراطية في ميانمار، قبل أن تصبح زعيمة للبلاد. لكنها، بعد ذلك بعامين، روّعت العالم بإنكارها مدى الحملة الشاملة التي شنها الجيش على أقلية المسلمين الروهينغيا، التي دفعت بمئات الآلاف إلى الفرار من البلاد.

ولا تزال سو تشي شخصية محبوبة في بلادها، غير أنها أخفقت في توحيد الجماعات العرقية الكثيرة، وكذلك في وضع نهاية لحروب أهلية مستمرة منذ عقود.

وشهدت البلاد تحت قيادتها تشديد القيود على الصحافة والمجتمع المدني، كما اختلفت سو كي مع كثيرين من حلفائها السابقين.

 

البداية

سو تشي هي ابنة بطل الاستقلال أونغ سان الذي اغتيل عام 1947 حين كانت تبلغ من العمر عاميْن، وقضت معظم سنوات الطفولة والشباب في الخارج. ودرست في جامعة "أكسفورد"، والتقت بزوجها الأكاديمي البريطاني مايكل أريس وأنجبت ابنين، ثم عادت عام 1988 إلى بلادها عندما كانت والدتها تحتضر.

انخرطت في صفوف الطلاب في ثورة على المجلس العسكري الذي استولى على السلطة عقب وفاة والدها، ودفع بالبلاد إلى عزلة مدمرة.

وأصبحت سو تشي، التي تشبه ملامحها ملامح والدها أونغ سان، "معبودة للجماهير"، وزعيمة لحركة جديدة حملت شعار والدها "بناء بورما حرة".

سحق الجيش الثورة وقتل وسجن قادتها. وأصبحت سو تشي سجينة في بيت أسرتها المطل على بحيرة. وكان مجرد النطق باسمها علي الملأ يجلب على أنصارها حكمًا بالسجن، ولذلك أطلقوا عليها اسم "السيدة".

لعبت سو تشي، التي اشتهرت بنبرة حديثها الهادئة، دورًا حاسمًا في تسليط اهتمام العالم على المجلس العسكري الحاكم في ميانمار وسِجلِّه في حقوق الإنسان، وفازت بجائزة نوبل للسلام عام 1991، فيما شنّ الجيش حملة لتشويه صورتها على مدى سنوات.

إقامة جبرية

وخلال فترة قصيرة تحرّرت فيها من الإقامة الجبرية خلال 1998، حاولت السفر خارج يانغون لزيارة أنصارها، ومنعها الجيش.

ونجت سو تشي من محاولة اغتيال عام 2003 عندما اعتدت مجموعة من مؤيدي الجيش يلوحون بالأسياخ والعصي على قافلة كانت تسافر فيها. وتعرّض عدد من أنصارها للقتل، أو أصيبوا بإصابات بالغة.

فرض عليها الجيش بعد ذلك الإقامة الجبرية من جديد، وصارت تلقي من خلف الأبواب خطبًا أسبوعية على أنصارها، وهي تقف على طاولة متداعية، تتحدث عن حقوق الإنسان والديمقراطية تحت أعين رجال الشرطة السرية.

وكانت سو كي البوذية تستعين في حديثها عن كفاحها في بعض الأحيان بعبارات روحية.

زمن الإصلاح

بدأ الجيش في العام 2010 بسلسلة من الإصلاحات الديمقراطية، وتم الإفراج عن سو تشي في حضور آلاف من أنصارها، بين دموع البعض، وتهليل البعض الآخر، وقوبلت بالحفاوة والتكريم في الغرب.

وأصبح باراك أوباما أول رئيس أميركي يزور ميانمار عام 2012، ووصفها بأنها "مصدر إلهام للناس في مختلف أنحاء العالم بمن فيهم أنا نفسي".

كما خففت واشنطن العقوبات الاقتصادية الأميركية على ميانمار، لكن سو تشي ظلت تتوخى الحذر فيما يتعلق بمدى الإصلاحات.

وحققت سو تشي فوزًا في انتخابات 2015، وأصبحت رئيسة مجلس الدولة. وتعهّدت بإنهاء الحرب الأهلية، ودعم الاستثمار الأجنبي، وتقليص دور الجيش في الحياة السياسية.

كما وعدت الحلفاء الغربيين بأنها ستعمل على حلّ محنة الروهينغيا الذين تحملوا العبء الأكبر من الاشتباكات العنيفة مع البوذيين، وتم اعتقال مئات الآلاف منهم في معسكرات احتجاز.

الإبادة 

هاجم مسلحون من الروهينغيا قوات الأمن في أغسطس/ آب 2017، وردّ الجيش بحرق مئات القرى، وارتكب جرائم قتل واغتصاب جماعية؛ ووصفت الأمم المتحدة ما حدث بأنه تم "بنيّة الإبادة الجماعية".

لكنّ سو تشي قالت: "إن الجيش يعمل على فرض سيادة القانون"، وبدا أنها مرتبكة وجاهلة بحجم حركة النزوح التي شهدتها البلاد.

ورغم أنها لم تكن تملك السلطة لتوجيه عمليات الجيش، فقد أصدرت الحكومة أوامر بأن تتحول الأراضي المحروقة إلى أرض مملوكة للحكومة، وأشرفت على هدم القرى المدمرة.

نددت مؤسسات عالمية ومؤيدون سابقون من بينهم الدالاي لاما بسو تشي على الملأ، وأُلغيت العديد من الأوسمة الكثيرة التي نالتها، واتهمتها محكمة العادل الدولية بارتكاب إبادة جماعية، وذهبت في العام 2019 إلى لاهاي للرد على الاتهامات.

واعترفت باحتمال ارتكاب جرائم حرب، لكنها صوّرت الحملة التي شنّها الجيش على أنها "عملية عسكرية مشروعة تستهدف إرهابيين".

المصادر:
رويترز

شارك