زُودت بأحدث التقنيات.. لماذا غرقت السفينة تيتانيك في 14 أبريل 1912؟
في 31 مارس/ آذار 1911، تجمع ما يُقدر بـ100,000 شخص على رصيف ميناء بلفاست، في أيرلندا، لمشاهدة إطلاق السفينة "تيتانيك"، التي غرقت في 14 أبريل/ نيسان 1912.
وكانت تيتانيك، التي تُعتبر سفينة "غير قابلة للغرق"، أكبر وأفخم سفينة سياحية في عصرها، إذ تجاوز طولها 882 قدمًا من المقدمة إلى المؤخرة - أي ما يعادل طول أربعة أحياء سكنية - وارتفاعها 175 قدمًا، ووزنها أكثر من 46,000 طن.
وكانت السفينة تتميز حينها بأحدث التقنيات، بما في ذلك لوحة تحكم كهربائية متطورة، و4 مصاعد، ونظام اتصالات لاسلكي متطور قادر على إرسال شفرة مورس، بحسب موقع "هيستوري دوت نت".
ورغم هذه المزايا التي كانت تتمتع بها، إلا أن السفينة الأسطورية لم تصل إلى وجهتها أبدًا.
متى غرقت السفينة تيتانيك؟
في ليلة 14 أبريل 1912، بعد أربعة أيام فقط من انطلاقها من ساوثهامبتون، إنكلترا، في رحلتها الأولى إلى نيويورك، اصطدمت السفينة تيتانيك بجبل جليدي قبالة ساحل نيوفاوندلاند، وغرقت.
والآن، بعد مرور أكثر من قرن على غرقها، لا يزال الخبراء يتجادلون بشأن الأسباب المحتملة لهذه الكارثة التاريخية التي أودت بحياة أكثر من 1500 من الركاب والطاقم.
ويتفق معظم الخبراء على أن مجموعة من الظروف هي التي يمكن أن تفسر تمامًا سبب غرق السفينة، التي يُفترض أنها غير قابلة للغرق.
الأسباب المحتملة لغرق السفينة تيتانيك
-
كانت تسير بسرعة كبيرة
منذ البداية، ألقى البعض باللوم على قبطان تيتانيك، الكابتن إي. جيه. سميث، لإبحاره بهذه السفينة الضخمة بسرعة عالية (22 عقدة) عبر مياه شمال الأطلسي المليئة بالجبال الجليدية.
واعتقد البعض أن سميث كان يحاول تحسين زمن عبور سفينة "أوليمبيك"، شقيقة تيتانيك التابعة لشركة "وايت ستار".
ولكن في ورقة بحثية نُشرت عام 2004، تكهّن المهندس روبرت إيسنهاي بأن جهود السيطرة على حريق في أحد مستودعات الفحم في السفينة، ربما كانت تُفسر سبب إبحار تيتانيك بأقصى سرعة.
-
تجاهل مُشغِّل الراديو اللاسلكي تحذيرًا رئيسيًا
تلقّت السفينة تيتانيك بلاغات لاسلكية متعددة عن وجود جليد من سفن أخرى طوال اليوم.
وقبل أقل من ساعة من اصطدامها بالجبل الجليدي، أرسلت سفينة كاليفورنيان رسالة لاسلكية تُفيد بتوقفها بسبب كثافة الجليد.
ولكن بما أن التحذير لم يبدأ بـ "MSG" (رسالة خدمة القبطان)، وهو ما كان يتطلب من القبطان تأكيد استلام الرسالة مباشرةً، اعتبر مُشغِّل الراديو على متن تيتانيك، جاك فيليبس، تحذير السفينة الأخرى غير مُستعجل، ولم يُمرره.
-
ربما اتخذت السفينة منعطفًا خاطئًا فادحًا
وفقًا لادعاءٍ قدمته لويز باتن (حفيدة تشارلز لايتولر، أكبر ضباط تيتانيك الناجين)، عام 2010، أصيب أحد أفراد طاقم السفينة بالذعر بعد سماعه الأمر بالانعطاف "بشدة إلى اليمين" لتجنب الجبل الجليدي المُقترب.
ولأن السفن آنذاك كانت تعمل بنظامي توجيه مختلفين، فقد ارتبك وانعطف في الاتجاه الخاطئ - مباشرةً نحو الجليد.
وأدرجت باتن هذه الرواية للأحداث، التي قالت إنها سمعتها من جدتها بعد وفاة لايتولر، في روايتها الخيالية عن كارثة تيتانيك، بعنوان "جيد كالذهب".
-
ضعف المسامير التي كانت تُثبّت تماسك السفينة
في عام 1985، عندما عثرت بعثة أميركية فرنسية أخيرًا على حطام السفينة التاريخي، اكتشف المحققون، خلافًا للنتائج السابقة، أن تيتانيك لم تغرق سليمة بعد اصطدامها بالجبل الجليدي، بل تفتّتت على سطح المحيط.
وألقى عالما المواد، تيم فويك وجينيفر هوبر مكارثي، باللوم على بعض المسامير التي يزيد عددها عن 3 ملايين، والتي كانت تُثبّت صفائح الهيكل الفولاذية.
وأحصى العالمان المسامير التي أُخرجت من الحطام، ووجدا أنها تحتوي على تركيز عالٍ من بقايا صهر الحديد يُمكن أن تُسبّب انقسام المعدن.
وربما يكون هذا قد أضعف الجزء من هيكل تيتانيك، الذي اصطدم بالجبل الجليدي، مما تسبب في تفتته عند الاصطدام، بحسب موقع "هيستوري دوت نت".
-
دور الطبيعة في غرق السفينة
عام 2012، أُجريت دراستان تزامنًا مع الذكرى المئوية لكارثة تيتانيك، أشارتا إلى أن الطبيعة لعبت دورًا رئيسيًا في مصير السفينة.
وناقشت الدراسة الأولى بأن الأرض اقتربت بشكل غير معتاد من القمر والشمس في ذلك العام، مما زاد من جاذبيتهما على المحيط، وأدى إلى موجات مد وجزر قياسية، مما تسبب في زيادة كميات الجليد العائم في شمال المحيط الأطلسي في وقت غرق السفينة.
أما الدراسة الثانية، التي أجراها المؤرخ البريطاني تيم مالتين، فقد زعمت أن الظروف الجوية ليلة الكارثة ربما تسببت في ظاهرة تُسمى "الانكسار الفائق".
وربما أدى هذا الانحناء في الضوء إلى ظهور سراب، أو خداع بصري، منع مراقبي تيتانيك من رؤية الجبل الجليدي بوضوح.
كما أنه جعل تيتانيك تبدو أقرب وأصغر من سفينة كاليفورنيان القريبة، مما دفع طاقمها إلى افتراض أنها سفينة أخرى بدون جهاز لاسلكي، مما منعهم من محاولة التواصل.
-
لم يكن لدى مراقبي تيتانيك مناظير
نُقل الضابط الثاني ديفيد بلير، الذي كان يحمل مفتاح مناظير تيتانيك في جيبه، من السفينة قبل انطلاق رحلتها الأولى من ساوثهامبتون، ونسي تسليم المفتاح للضابط الذي حل محله.
وفي تحقيق لاحق بشأن غرق السفينة، قال أحد مراقبي تيتانيك إن المناظير ربما ساعدتهم في رصد الجبل الجليدي وتفاديه في الوقت المناسب.
احتفظ بلير بالمفتاح كتذكار لحادثة الاصطدام التي كادت أن تودي بحياته؛ وقد بيع في مزاد عام 2007، وحقق نحو 90 ألف جنيه إسترليني.