الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

سعد الحريري يخرج من الحياة السياسية.. بداية لفصل جديد في لبنان

سعد الحريري يخرج من الحياة السياسية.. بداية لفصل جديد في لبنان

Changed

تناولت حلقة "للخبر بقية" انسحاب سعد الحريري من الحياة السياسية في محاولة لقراءة خلفيات القرار وتداعياته على المشهد في لبنان (الصورة: غيتي)
يخرج تيار المستقبل من الحياة السياسية، بسلم هذه المرّة، وقد تعرّض قبل نحو عقدين لانفجار دموي في عين المريسة أفقده زعيمه الأول رفيق الحريري.

علّق رئيس تيار "المستقبل" في لبنان سعد الحريري، العمل السياسيّ، وعزف عن الترشح إلى الانتخابات النيابية المقبلة، معلنًا سلفًا عدم وجود أي ترشيحات من تياره أو باسمه.

وأوضح الحريري أن سبب قراره "المفاجئ" نوعًا ما، اقتناعه بألا مجال لأيّ فرصة إيجابية للبنان في ظلّ النفوذ الإيراني والتخبط الدولي والانقسام الوطني.

فما الذي يعنيه قرار الحريري بالابتعاد عن السياسة؟ هل هو قرار نهائي بالفعل؟ هل هي صفحة طويت أم أنّ هذا القرار بداية لفصل جديد في لبنان قد تكون ملامحه غاضبة ومقلقة كما يخشى كثيرون؟

وأبعد من ذلك، أيّ تداعيات محتملة لقرار الحريري، خصوصًا في ضوء ما يُحكى عن احتمال أن يليه خطوات لقيادات سياسية سنية أخرى ما قد يلوح باحتمال مقاطعة سنية للانتخابات المقبلة؟

خروج "سلمي" من السياسة

هكذا إذًا، يخرج تيار المستقبل من الحياة السياسية، بسلم هذه المرّة، وقد تعرّض قبل نحو عقدين لانفجار دموي في عين المريسة أفقده زعيمه الأول رفيق الحريري.

جاء قرار سعد الحريري في لحظة داخلية وخارجية حاسمة، على أبواب انتخابات برلمانية توصَف بـ"المفصلية"، وفي وقت لا يكاد لبنان يطلّ على جار أو صديق عربي.

ويأتي القرار أيضًا في وقت يُتهَم لبنان بالارتماء في حضن إيراني قيّد الساحة الداخلية ولم يُبقِ للحريري فرصة في اجتياز حواجز الاختلاف لبناء التفاهمات.

الانتخابات قد لا تبصر النور

ومع قرار الحريري، قد لا ترى الانتخابات التي يرجى منها التأسيس لتوافقية جديدة النور وقد بدأت بانسحاب بحجم تيار المستقبل، بحسب ما يرى كثيرون.

يتعزّز هذا الرأي بقول مركز الاستشراف الإقليمي للمعلومات في أحدث استطلاع للرأي إن تيار المستقبل يمثل 40% في الشارع السني الذي لا يقبل عنه بديلًا.

ولا يبدو التشابك السياسي الماثل في حياة اللبنانيين غريبًا عن واقعهم اليومي، ولعلّ الصادم حتى الآن فيه انبطاح الليرة أمام الدولار وتورط الساسة في جحيم استعار لقمة العيش.

وكان تقرير للبنك الدولي اتهم قيادات النخبة في لبنان بتدبير كساد الاقتصاد، متوجّسًا من خطر يقع على استقرار وسلم لبنان الاجتماعي.

"جردة حساب" سعد الحريري

يرى الباحث السياسي يوسف دياب أنّ موقف الحريري لم يكن مفاجئًا، إذ إنّ الأجواء والمعلومات سبقت عودته إلى بيروت، وما كان متوقَّعًا أعلِن على الملأ بالأمس.

لكنّ دياب يلاحظ، في حديث إلى "العربي" من بيروت، أنّ كلام سعد الحريري لم يقتصر على إعلانه أنه لن ينخرط في العملية الانتخابية، بل بالعزوف عن العمل السياسي في الفترة المقبلة وإن كان أوحى بأن هذا التعليق هو مؤقت.

ويشير إلى أنّ العودة المتوقعة لسعد الحريري لن تكون يسيرة ولا قريبة باعتبار أن الكثير من الملفات الداخلية والخارجية ينتظر أن تتبلور قبل أن يدلي بموقفه ما إذا كانت العودة ستكون متوسطة الأمد أو طويلة.

ويلفت إلى جردة الحساب التي مرّ عليها سعد الحريري في خطابه المقتضب، موضحًا أنّه كان صريحًا إلى أبعد الحدود حين قال إنه مني بالفشل على صعيد الشراكة الداخلية مع الأطراف الأخرى.

ويلاحظ أنّ الحريري تحدّث عن خيبة أمل من عائلته في تيار المستقبل وعائلته الصغيرة، كما تحدث أيضًا عن أن الظروف الإقليمية لم تكن مساعدة لإنجاح مشروعه في بناء الدولة.

ويشير إلى أنه كان واضحًا بأنّ الظروف التي تسبّبت بهذا الإخفاق أو تسبّبت بتدمير الدولة أو وصول البلد إلى الانهيار الذي يعيشه، مرتبطة اليوم بوجود حزب الله كقوة عسكرية وقوة سياسية تهيمن على قرار البلد في كل المفاصل والمحطات.

"أمر مستهجَن ومرفوض"

من جهته، يؤكد عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر وليد الأشقر أنّه "بغض النظر عن الخلاف السياسي مع تيار المستقبل لا أحد ينكر تمثيل تيار المستقبل للبيئة السنية في لبنان".

ويعتبر في حديث إلى "العربي"، من بيروت، أنّ غياب الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل وابتعادهما عن الحياة السياسية "هو أمر مستهجَن ومرفوض بالنسبة لنا".

ويتحدّث عن ثلاثة عوامل أساسية أدّت إلى اتخاذ الحريري لهذا القرار، أولها عدم وجود دعم خارجي وتحديدًا له، "وهذا ما كان يعوّل عليه عندما كان مكلفًا بتشكيل الحكومة".

أما العامل الثاني، برأي الأشقر، فيتمثل بغيابه عن السلطة، موضحًا أنّه كان في السلطة وكان يحظى بشعبية أكبر بكثير من تلك التي يحظى بها اليوم وهو خارج السلطة.

ويبقى العامل الثالث والذي لا يقلّ شأنًا، ويتمثّل بالمال والتمويل، بحسب الأشقر، الذي يلفت إلى أنّ تيار المستقبل يعاني كثيرًا على المستوى المالي.

وينفي الأشقر أي علاقة لحزب الله بقرار الحريري، موضحًا أنّه "إذا كان الحريري مستهدَفًا فبالتأكيد ليس من حزب الله وإنما من جهات خارجية".

ويلفت إلى أنّ "حزب الله هو الفريق السياسي الوحيد الذي وقف إلى جانب الحريري حين كان يحاول تشكيل الحكومة مع حركة أمل"، مضيفًا: "نعلم أن هناك خلافًا في السياسة بين الجانبين لكن في العمق هناك رضا من حزب الله أن الحريري يمثّل ما يمثّله في الشارع السني".

"اعتراف بالفشل"

في المقابل، يعتبر الكاتب الصحافي حنا صالح أنّ سعد الحريري باستقالته يعترف أنّ السياسات التي اتبعها أودت به إلى الفشل فأعلن عن تعليق عمله السياسي وعزف عن الترشح إلى الانتخابات.

ويوضح في حديث إلى "العربي"، من بيروت، أنّ "الفشل الأساسي الذي يشعر به سعد الحريري ويكابر كما كل الطبقة السياسية هو أنّهم كما قال البنك الدولي نخبة فاسدة انتهكت حقوق اللبنانيين وأذلّتهم وارتهنت البلد".

ويشير إلى أنّهم "قدّموا كل التنازلات لبندقية لا شرعية وفي النهاية استخدمتهم هذه البندقية لمشروع خارج الدولة"، على حدّ وصفه.

ويتحدّث عن "انقسام عميق بين الشعب اللبناني وبين طبقة سياسية أسماها الرئيس تمام سلام في ذروة معركة النفايات بالنفايات السياسية وكان على حق"، وفق قوله.

ويضيف أنّ سعد الحريري "لم يكن يومًا مع الناس بل كان ضدّهم على طول الخط كالآخرين وهو عقد التسوية الأخطر مع حزب الله بانتخاب مرشحه الوحيد رئيسًا للجمهورية ما سرّع انهيار البلد وسرّع أخذ البلد إلى الجحيم".

ويتابع أنّ الحريري "لم يتجاوب لا مع الثورة ولا مع الناس"، معتبرًا أنّه "يوم استقال كانت المنظومة تصدّعت وكانت الطبقة السياسية في الزاوية واستمرّت كذلك حتى مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي عوّمها".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close