من جديد وبلغة هادئة، كرّر الرئيس اللبناني جوزيف عون، مطالبته بحصر السلاح في يد الجيش، قائلًا: إن "القوات المسلحة هي الوحيدة المسؤولة عن سيادة لبنان"، لافتًا إلى أنه سيتم انتظار الظروف لتحديد كيفية تنفيذ حصر السلاح.
ويأتي ذلك بينما شدّد رئيس الوزراء نواف سلام، على أن الدولة هي وحدها المخولة بامتلاك السلاح، وهي صاحبة قرار الحرب والسلم.
"إحباط مخططات مشبوهة"
وتتزامن تصريحات عون وسلام مع إشادة الحكومة اللبنانية بعمل الجيش في الجنوب، وتنفيذه عملياتٍ استباقية أحبطت التحضير لعملية إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتوقيف عدد من الأشخاص، مشيرة إلى مواصلة الجيش جهوده من أجل ما سماه إحباط المخططات المشبوهة التي تسعى لتوريط لبنان.
كلُ هذا يأتي في وقت تتصاعد فيه الانتهاكات الإسرائيلية بحق لبنان، وبعد يومين فقط من تحذير أطلقه الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم ومسؤولون آخرون بالحزب؛ في وجه كل من يحاول الاقتراب من سلاحه، مشيرًا إلى أن الحزب لن يسمح لأحدٍ بنزع سلاح المقاومة.
وأوضح قاسم أن الحزب سيميل إلى ذلك في حال انسحاب الاحتلال ووقفه الغارات، وأن يكون الاتفاق في إطار استراتيجية دفاعية يكون فيها لبنان دولة مستقلة وقوية.

رؤية موحدة ومقاربة مختلفة
وفي قراءة للمشهد اللبناني، لا يرى الكاتب والباحث السياسي رضوان عقيل أيّ تضاد بين موقف حزب الله وموقف رئيس الجمهورية، بل يرى قاسمًا مشتركًا بين الجانبين يتمثل في كيفية الدفاع عن لبنان ضد الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة منذ عقود طويلة.
وفي حديث إلى "التلفزيون العربي" من بيروت، يقول عقيل: "إن مقاربة رئيس الجمهورية تختلف عن مقاربة حزب الله".
ويعتبر أنه يمكن التوصّل إلى قواسم مشتركة بين الطرفين وبناء استراتيجية أمنية تحمي لبنان. وبحسب عقيل، فالمشكلة ليست في الاستراتيجية الدفاعية، بل تتمثل في الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، والتي لا تطال فئة معينة حصرًا.
ويقيّم عقيل تعاطي رئيس الجمهورية مع الأزمة بوصفه "دقيقًا" و"احترافيًا"، على اعتبار أنه قائد جيش سابق تسلّم الرئاسة اللبنانية ويعرف قدرات الدولة اللبنانية جيدًا، كما يعرف الخطر الإسرائيلي وعملية التوازن.
ويرى الكاتب اللبناني أن الحوار الذي دعا إليه عون هو الخيار الصحيح ويَصُبّ في المصلحة اللبنانية، لافتًا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال قائمًا في جميع قرى جنوب الليطاني، بحيث لا يُسمح لسكان القرى الحدودية بالعودة إلى حياتهم الطبيعية.
تسليم السلاح "عين العقل"
من جانبه، يرى الكاتب والباحث السياسي جورج العاقوري أن "عين العقل أن يسلّم حزب الله سلاحه ومواقعه للجيش اللبناني، وألّا يهدر الوقت، لأن هذا السلاح أثبت أنه بات خارج المعادلة، وأنه عاجز عن حماية لبنان"، حسب قوله.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من بيروت، يقول العاقوري: "إن توازن الردع وغيرها من الشعارات التي رفعها حزب الله، سقطت في الثامن من أكتوبر 2023، حين ارتضى الحزب أن يوقّع على اتفاق وقف إطلاق النار".
ويلفت العاقوري إلى أن رئيس الجمهورية يدعو إلى حوار مباشر مع حزب الله من أجل بسط سلطة الدولة على جميع الأراضي اللبنانية، مشيرًا إلى وجود سلطة واحدة في لبنان، وهي سلطة الدولة اللبنانية، وأن الرئيس عون يحاول التعاطي مع الواقع بحكمة.
ويضيف العاقوري: "إن حزب الله يعيش تخبّطًا في المواقف"، وفق رأيه.
مطالب أميركية صارمة
وفي ما يخصّ الموقف الأميركي، يؤكّد أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز، إدوارد جوزيف، أن إدارة الرئيس دونالد ترمب صارمة من ناحية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُرسي في نوفمبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من ماريلاند، يشير جوزيف إلى أن نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، كانت صارمة من ناحية شرط استبدال حزب الله بالجيش اللبناني في جنوب الليطاني، ونزع سلاحه، واستبعاده من حكومة مستقبلية، حسب قوله.
ويلفت جوزيف إلى أن إدارة ترمب باشرت المفاوضات النووية مع إيران، التي تعد الراعي الأساسي لحزب الله، الأمر الذي يدخل ديناميكية جديدة وفرصة للبنان لم تكن موجودة من قبل.
وفي الوقت نفسه، يلحظ جوزيف البعد الاقتصادي للطرح الأميركي حيث نقلت أورتاغوس أن بلادها تريد للبنان أن يستقبل استثمارات خارجية كبرى، حسب قوله.