الإثنين 15 أبريل / أبريل 2024

تمثال ذهبي ورمزية سياسية.. ترمب "يعود بقوة" من بوابة مؤتمر "سيباك"

تمثال ذهبي ورمزية سياسية.. ترمب "يعود بقوة" من بوابة مؤتمر "سيباك"

Changed

تمثال ذهبي لترمب في مؤتمر للحزب الجمهوري
يحمل تمثال الرئيس السابق دونالد ترمب رمزية كبيرة تؤكد "نفوذه" داخل الحزب الجمهوري الأميركي (غيتي)
تحول المؤتمر الذي يحضره المئات من المحافظين من يمين الحزب الجمهوري، إلى ساحة لإعلان التأييد للرئيس السابق، الذي يبدو أنه من سيدير الحزب ويسيطر على مجرياته.
ريما أبو حمدية - مراسلة العربي - فلوريدا

يقف في إحدى الزوايا حيث يزوره كل معجب. إنه تمثال صنعه أحد معجبي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لينتهي به المطاف في مؤتمر العمل السياسي المحافظ، أو "سيباك"، (CPAC).

يقول تومي زيغان، الفنان الذي صمّم وصنع التمثال ذا اللون الذهبي، إنّه لا يسعى إلى الشهرة، مشيرًا إلى أنه بدأ العمل على تصميمه قبل ثلاث سنوات ردًا على ما صممه محتجون غاضبون من ترمب، مثل بالون الطفل ترمب الباكي.

أكثر من رمز يحمله التمثال، يقول زيغان: إذ تمثل البدلة ترمب رجل الأعمال، وتمثل ربطة العنق الحمراء الحزب الجمهوري. أما الصندل الصيفي، فينبع من اعتقاد الفنان بأن على ترمب أن يأخذ إجازة فاخرة، فيما تشكّل العصا السحرية ردّه على تصريحات للرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي تساءل يومًا: كيف يستطيع ترمب إعادة الوظائف.. بالعصا السحرية إذًا.

ترمب يدير الحزب الجمهوري

لكن، بعيدًا عن الشكل، لا شكّ أنّ رمزية التمثال أكثر من ذلك بكثير. يقول التمثال بما لا يدع مجالًا للشك، إضافة إلى كلمات المتحدثين وهمسات الحاضرين، إن ترمب يدير الحزب الجمهوري، ويسيطر على مجرياته في المستقبل القريب.

هكذا، تحول المؤتمر الذي يحضره المئات من المحافظين من يمين الحزب الجمهوري، إلى ساحة لإعلان التأييد للرئيس السابق؛ لا غرابة إذًا أن يردّد الحاضرون مزاعمه عن أنه كسب الانتخابات، خلافًا للنتائج المُعلَنة.

في المؤتمر أيضًا، يؤكدون استعدادهم للانتخابات المقبلة، التي ذهب السيناتور تيد كروز في كلمته "الحماسية"، إلى حدّ القول: إنهم "سيكتسحونها"، سواء على مستوى الكونغرس عام 2022، أو على مستوى الانتخابات الرئاسية عام 2024.

بومبيو "فخور بما صنع"

هي الانتخابات إذًا التي تحرك كل فعل وتصريح. كل من يأمل بفرصة فيها كان موجودًا في المؤتمر. ولم لا؟! طالما أنّه يمثّل عادة فرصة لاختبار الرسائل السياسية الأولى، وربما أيضًا، الجو العام في حقبة ما بعد ترمب.

في المؤتمر أيضًا، يدافع وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو عن سجله. لا يعير انتباهًا لما جرى بعد خروجه من المنصب. "نيويورك تايمز" قالت إنه وزير الخارجية الأسوأ، والصين فرضت عليه عقوبات، لكنه فخور بما صنع، كما يؤكد، فقد "قاوم" مع الإدارة، الاشتراكية وثقافة الإلغاء.

انتقادات بالجملة لإدارة بايدن

وإلى المنصة التي تحدث منها بومبيو صعد آخرون، في مقدمتهم ابن الرئيس السابق، الذي وجد فرصة سانحة في توجيه انتقاداته للإدارة الحالية لجهة توجيه ضربة لسوريا، وهو انتقاد اشترك فيه كثير من المتحدثين.

من جهته، ينتقد السيناتور الجمهوري تيد كروز إدارة بايدن، لا لسياساتها فقط، ولكن أيضًا بسبب فرض الكمامات، هو الذي تعرض لانتقادات حادة بعد هجره لولايته خلال محنتها بسبب الأوضاع الجوية السيئة، هربًا إلى دفء شمس كانكون المكسيكية.

أما السيناتور جوش هولي فلم يستطع "تحميس" المشاركين في المؤتمر خلال إلقاء كلمته، إلا عندما قال بكلّ فخر إنه حاول قلب نتيجة الانتخابات.

أبرز الغائبين عن المؤتمر

لا يمثل هؤلاء سوى قلة من المتحدثين على مدى ثلاثة أيام في أورلاندو الدافئة على حساب برودة السياسة في واشنطن بعد وقوع ترمب عن قمتها.

لكن ربما الأهم في المؤتمر ليس من حضر، ولكن أولئك الذين لم يحضروا، أو لم تتمّ دعوتهم، أو أنّهم آثروا الابتعاد إلى اليمين ليقولوا إنهم وسطيون.

أبرز الغائبين ليز تشيني، ثالث قيادية في الحزب الجمهوري، المرأة التي أغضبت القاعدة بعد تصويتها مع تسعة آخرين لصالح عزل ترمب بعد اقتحام الكونغرس. وقد جددت غضب الجمهوريين بعد أن أعربت عن اعتقادها بأنه لا يجب أن يكون لترمب دور في مستقبل الحزب الجمهوري.

من جهتها، آثرت نيكي هيلي، مندوبة واشنطن السابقة لدى الأمم المتحدة، عدم الحضور، رغم الصداقة المتينة التي جمعتها مع الرئيس السابق. ويتكهن البعض أنها غابت لأنّها لا تريد ربط اسمها مع اليمين، ولو كانت حالمة بالمكتب البيضاوي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ماذا عن المغيّبين؟

في المقابل، ثمّة من لم يقرّروا الغياب من تلقاء ذاتهم، لكن المؤتمر هو الذي قرّر عدم دعوتهم.

من هؤلاء السيناتور ميت رومني الذي لطالما كان أحد المفضلين للمؤتمرين في "سيباك"، ليصبح من "الأقلية" في الحزب الجمهوري؛ فهو الذي انشق عن الجمهوريين وصوّت مع الديمقراطيين لعزل ترمب في المحاكمتين الأولى والثانية.

لم يُدعَ إلى المؤتمر أيضًا السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، وأكبر قيادي في الحزب الجمهوري.

وبحسب وسائل إعلام أميركية، لم يشفع له تصويته ضد عزل ترمب خلال المحاكمة في مجلس الشيوخ، لأن تصريحاته بعد التصويت، تدينه لدى المجتمعين في هذا المؤتمر.

كما يغيب أيضًا من غاب عن الأضواء بعد اقتحام الكونغرس، نائب الرئيس السابق مايك بينس.

"ثقافة الإلغاء" تتكرّس أميركيًا

يحمل المؤتمر عنوان "أميركا غير ملغية"، شعارٌ أراده المشاركون للردّ على ما يصفونه بـ"إلغائهم" بعد خسارة الرئيس السابق في الانتخابات، وقبل ذلك على ما يرونه انتهاكًا للحريات واعتداءً على المحافظين من الشركات التقنية الكبرى.

لكن المؤتمر الذي يرفع شعار "عدم الإلغاء"، يلغي دعوة أحدث المتحدثين بعد الكشف عن تصريحات له معادية للسامية؛ هي "ثقافة الإلغاء" باختصار، مصطلح بات يتردّد كثيرًا في أروقة السياسة الأميركية.

لا وقت لدى الجمهوريين للخلافات

وإلى ما بعد المؤتمر تشخص الأنظار، فمن هنا تبدأ استعدادات الجمهوريين للانتخابات المقبلة.

يعود ترمب لذلك إلى الساحة وبقوة؛ قوة تأثيره واضحة على مناصريه، بيده من يصعد في الانتخابات التمهيدية قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وبيده أيضًا من يسقط من هامش حسابات الحزب الجمهوري.

ولذلك، لا وقت لدى الجمهوريين المحافظين لإضاعته على الخلافات، وكل من يختلف مع السياسة العامة سيعاقبه الجمهوريون في ولاياتهم، كما جرى مع أعضاء الكونغرس الذين صوّتوا لصالح إدانة ترمب في محاكمته في مجلس الشيوخ.

لدى الجمهوريين الآن مهمة واحدة، وهي استعادة السيطرة على واحد من مجلسي الكونغرس على الأقل. من دون ذلك، سيفرض الديمقراطيون أجندتهم وسياساتهم للسنوات الأربع المقبلة، وإذا ما نجحوا فقد يعني ذلك بقاء سيطرتهم للسنوات الثماني المقبلة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close