الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

حكم العسكر في اليمن.. هل يستطيع الجيش "المتفكّك" إعادة بناء نفسه؟

حكم العسكر في اليمن.. هل يستطيع الجيش "المتفكّك" إعادة بناء نفسه؟

Changed

ازداد وضع الجيش اليمني تعقيدًا بعد أن اشتعلت الحرب بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، وأدّت إلى ازدياد تفكّكه ضمن جماعات وفصائل.

بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على حكم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، انطلقت شرارة الثورة في تعز عام 2011، أسوة بدول الربيع العربي للمطالبة بسقوط النظام وتحقيق الدولة المدنية، خصوصًا بعد تفشّي الفساد وتحضير صالح لتوريث الحكم لابنه أحمد.

وسرعان ما انقسم الجيش اليمني فور إعلان اللواء الأول علي محسن الأحمر تأييده للثوار ومطالبهم، وشهدت الثورة تحوّلًا مفصليًا إثر استخدام النظام القوة المفرطة في مواجهة المتظاهرين؛ ما أفضى في النهاية لتوقيع المبادرة الخليجية.

وازداد وضع الجيش اليمني تعقيدًا بعد أن اشتعلت الحرب بين الحكومة الشرعية بدعم التحالف السعودي الإماراتي، وجماعة الحوثي، ممّا ابقى التساؤل مفتوحًا حول ما إذا كان الجيش اليمني يستطيع إعادة بناء نفسه باعتباره جيشًا مستقلًّا وطنيًا بعيدًا عن التجاذبات السياسيّة الداخلية والإملاءات الخارجية.

نواة الجيش اليمني

كانت البدايات منذ تأسيس نواة الجيش اليمني عند قيام المملكة المتوكلية في الشمال عام 1918 بقيادة الإمام يحيى حميد الدين الذي تبنى سياسة انعزالية في حكمه خوفًا من مطامع الاستعمار البريطاني آنذاك، خصوصًا أنّه كان يحتلّ الجنوب.

حينها، كان ولاء الجيش بالمطلق للحاكم، إلا أنه برزت بعض الحركات المعارضة للسياسات الإمامية، انتهت بمقتل الإمام في ثورة الدستور عام 1948، واستطاع ابنه أحمد إنقاذ المملكة ليستمرّ حكمه من بعد أبيه.

ثورة سبتمبر وبناء الجيش الوطني

لم يستطع اليمنيون التخلص من حكم الإمامة في محاولة الانقلاب التي قادها المقدم أحمد الثلايا عام 1955 ضد الإمام أحمد، إلا أنّ تمكُّن عبد الرحمن البيضاني المستشار السابق للإمام من وضع خطة تقتضي قيام ثورة عرفت بثورة سبتمبر، أدّى إلى تمكّن الثوار من اغتيال الإمام في قصره، ليتسلم مكانه ابنه الإمام بدر.

وكان بناء الجيش الوطني أهمّ أهداف الثورة حيث شهد اليمن في ستينيّات القرن الماضي إعدادًا وتدريبًا لكوادر الجيش، ووصل الدور العسكري ذروته عندما قرر العقيد عبد الله السلال رئيس الحرس الإمامي آنذاك التحرك ضد الإمام بدر.

وفي صباح 26 سبتمبر/ أيلول، أعلنت الإذاعة الإطاحة بالإمام والتخلص من الحكم الملكي وقيام النظام الجمهوري.

وبانتهاء الإمامة، انتقل اليمن لمرحلة تاريخية أخرى بمختلف جوانبه، ولا سيما العسكرية منها.

أول رئيس مدني في اليمن

بعد ثورة سبتمبر دخلت البلاد حربًا أهلية بين الملكيين بدعم سعودي والجمهوريين بدعم مصري وقيادة السلال، وعلى إثر ذلك، شهد الجيش تدهورًا كبيرًا، ممّا جعل التغيير مطلبًا حتميًا، خصوصًا بعد الخلافات بين القيادة المصرية والسلال، والتي أدّت في النهاية لترتيب حركة التصحيح واختيار القاضي عبد الرحمن الأرياني رئيسًا لليمن بإجماع، ليكون أول رئيس مدني يتسلم الحكم في عام 1967.

لكن، الرئيس الأرياني اتخذ خطوة غير مسبوقة في تاريخ الانقلابات العسكرية عند اتصاله بالضابط إبراهيم الحمدي ليقدّم استقالته ويسلّمه مقاليد الحكم في عام 1974 وذلك بعد قيام الأخير بانقلاب ضده وُصِف بالأبيض، ليصبح الحمدي رئيسًا لليمن في عام 1975.

كيف وصل علي عبد الله صالح إلى الحكم؟

لم يلبث الحمدي طويلًا في الحكم، ففي العام 1977 دعي لمأدبة الغداء الأخير له في منزل نائب رئيس القيادة أحمد الغشمي، بحضور علي عبد الله صالح لواء تعز آنذاك، حيث كشفت وثائق ويكيليكس عام 2016 تورّطهما في قتله ليخلفاه في رئاسة الجمهورية.

وبعد أقلّ من شهر على مقتل الغشمي في ظروف غامضة عام 1978، تمكّن علي عبد الله صالح من صعود سلّم الرئاسة ليعيَّن رئيسًا لليمن، بعد انتخاب مجلس الرئاسة له بالإجماع.

وقد استطاع صالح منذ استلامه الحكم كسب تأييد القبائل في صفّه، وذلك من خلال منحهم المناصب في الدولة، وقام بإجراء تغييرات كبيرة على الجيش، أهمّها تأسيس الحرس الجمهوري عام 1997، وحصر تسليم القيادات العسكرية لأبناء قبيلته وأقربائه.

تفكّك الجيش.. فاتورة الحرب الدموية

بعد ثورة 2011 وتولي الرئيس عبد ربه منصور هادي السلطة، عاد صالح لما عُرف عنه سابقًا، رجل التحالفات المتناقضة، ليتحالف مع الحوثي، وينقلب على الشرعية عام 2015، حتى وصل الأمر لحصار الرئيس في صنعاء، ممّا دفعه للتحالف مع السعودية، لتبدأ بعدها حرب أدّت إلى ازدياد تفكّك الجيش، ضمن جماعات وفصائل، وحرب دموية لم تنتهِ حتى يومنا هذا.

ولعلّ الأرقام تكفي لاختصار الوضع "المعقَّد" الذي يعيشه الجيش اليمني في المرحلة الحالية، فقد قُدّرت أعداد الجيش اليمني نهاية عام 2014، أي قبل بدء الحرب، بـ401 ألف جندي، والقوات الاحتياطية بـ450 ألفًا، فيما كان عتاده العسكري يشمل: 106 دبابات، و600 مدرعة، و362 طائرات حربية، و33 قطع بحرية، و94 هليكوبتر.

أما اليوم، فلا تتخطّى أعداد جيش الحكومة الشرعية في 2019، 200 ألف جندي، وفقًا للأرقام.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close