الأحد 14 أبريل / أبريل 2024

تعزيزات روسيا العسكرية على أعتاب أوكرانيا.. رسالة سياسية أم هجوم وشيك؟

تعزيزات روسيا العسكرية على أعتاب أوكرانيا.. رسالة سياسية أم هجوم وشيك؟

Changed

استدعت أوكرانيا جنود الاحتياط لتحصين حدودها الشرقية والشمالية، ردًا على تحركات القوات الروسية.
استدعت أوكرانيا جنود الاحتياط لتحصين حدودها الشرقية والشمالية ردًا على تحركات القوات الروسية (غيتي)
أثار نقل روسيا قواتها من أماكن بعيدة مثل سيبيريا إلى الحدود مع أوكرانيا وشبه جزيرة القرم مخاوف في منطقة كانت نقطة خلاف رئيسية بين الغرب وموسكو منذ عام 2014.

تحشد روسيا أكبر وجود عسكري لها منذ سنوات بالقرب من الحدود الأوكرانية، برًا وبحرًا، في اختبار للدعم الغربي لكييف ومعاركها ضد الانفصاليين الموالين لموسكو، بعد أقلّ من ثلاثة أشهر من تسلم بايدن منصبه.

ولا تزال دوافع روسيا بشأن الحشد العسكري غير واضحة، كما لا يمكن اعتبارها دليلًا على هجوم وشيك. لكن نقل القوات من أماكن بعيدة مثل سيبيريا - على بعد أكثر من ألفي ميل - إلى الحدود مع أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، أثار مخاوف في منطقة كانت نقطة خلاف رئيسية بين الغرب وموسكو منذ عام 2014.

وفي مارس/ آذار من العام 2014، ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا؛ ما أدى إلى إدانة دولية وفرض عقوبات. وفي الشهر التالي، اندلعت الحرب في منطقة دونباس بشرقي أوكرانيا بين الانفصاليين المتحالفين مع روسيا والجيش الأوكراني.

ورجّح محلّلون تحدّثوا لصحيفة "واشنطن بوست" أن يكون رفع روسيا تواجدها العسكري المفاجئ في المنطقة، عدَّة وعديدًا، بمثابة رسائل أكثر من استعداد لشنّ هجوم جديد.

وبالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن علاقات أوكرانيا الدافئة مع الولايات المتحدة وأوروبا تمثل تحديًا لنفوذ موسكو في المنطقة، لا سيّما وأن بايدن تعهّد باتخاذ موقف أكثر تشددًا مع الكرملين. كما تنظر روسيا إلى تطلّعات أوكرانيا للانضمام إلى "الناتو" على أنها تهديد محتمل على أعتابها.

دبابات وقوافل عسكرية على حدود أوكرانيا

ويبدو أن الوجود العسكري الروسي على الحدود سيكون طويلًا بالنظر إلى نوعية المعدّات وأعداد القوات، حيث تمّ تشييد معسكر بالقرب من فورونيج على بعد حوالي 155 ميلًا من الحدود الأوكرانية، وفقًا لصور التقطتها الأقمار الصناعية ووثّقتها مواقع إلكترونية تراقب التحرّكات العسكرية والأمنية الروسية. كما نقلت روسيا لواء الهجوم الجوي 56 إلى فيودوسيا في شبه جزيرة القرم.

وقال رسلان ليفيف المحلل في مركز "فريق استخبارات الصراع" للصحيفة: "روسيا تختبر الجميع وتعلن موقفها للدول الأخرى (الولايات المتحدة وأوكرانيا) بأنها ستظلّ لاعبًا مهمًا"، مضيفًا أنها تحاول التأكيد أنها "لن تتسامح مع أي عقوبات أو إجراءات أخرى للضغط عليها لإعادة شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا، أو لتغيير مسار الأمور في دونباس".

وشرح ليفيف أن الجيش الروسي بدأ تحرّكاته منذ نحو شهر، حيث تمّ رصد نحو 150 مقطع فيديو، معظمها من تطبيق "تيك توك"، تُظهر نقل الجيش الروسي لدباباته وقوافله العسكرية.

وبينما أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن روسيا تنقل قواتها داخل أراضيها وفقًا لتقديرها الخاص، و"هذا لا ينبغي أن يثير قلق أي شخص"، قدّر سيرهي دينكو رئيس دائرة حرس الحدود الأوكرانية أن هناك الآن ما لا يقلّ عن 85000 جندي روسي متمركزين عند الحدود الأوكرانية وفي شبه جزيرة القرم.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي الخميس: إن الانتشار الروسي على الحدود مع أوكرانيا أكبر من أي وقت مضى منذ عام 2014.

ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول أميركي رفيع المستوى، رفض الكشف عن هويته، قوله: إن تحرّكات القوات الروسية يمكن أن تعيق جهود العمل مع موسكو في المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك المحادثات لعكس الانسحاب في عهد ترامب من معاهدة الأجواء المفتوحة.

أوكرانيا تُعزّز قواتها على الحدود مع روسيا

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أجرى اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في 2 أبريل/ نيسان الماضي، متعهّدًا "بالدعم الثابت لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها في مواجهة العدوان الروسي المستمر".

ومنذ العام 2014، قدّمت واشنطن خلال عهد ترامب مساعدات بقيمة 4.5 مليار دولار لأوكرانيا، بما في ذلك شحنتان من صواريخ "جافلين" المضادة للدبابات.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الكونغرس على اطلاع على الأمر، قولهم: إن هذه الأسلحة المتطورة ستبقى بعيدة عن الخطوط الأمامية بسبب مخاوف أميركية من إثارة روسيا، واحتمال وقوعها (الأسلحة) بين أيدي خصوم الولايات المتحدة.

كما رفض متحدثون باسم وزارة الخارجية الأميركية والبنتاغون الكشف للصحيفة عمّا إذا كانت أوكرانيا قد حرّكت الصواريخ ردًا على تحركات القوات الروسية.

واشنطن تحرّك سفنها إلى البحر الأسود

إلى ذلك، أفادت وزارة الخارجية التركية الجمعة بأن سفينتَين حربيتَين أميركيتَين في طريقهما إلى البحر الأسود، وستبقى هناك حتى 4 مايو/ أيار.

كما استدعت أوكرانيا جنود الاحتياط لتحصين حدودها الشرقية والشمالية؛ ردًا على تحركات القوات الروسية.

وقالت أليونا غيتمانشوك مديرة معهد "مركز أوروبا الجديدة" في كييف لـ"واشنطن بوست": "ما هو واضح بالنسبة لي هو أن زيلينسكي والأشخاص المحيطين به قلقون للغاية بشأن غزو محتمل".

وفي اتصال هاتفي مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، يوم الثلاثاء الماضي، طالب زيلينسكي بالانضمام إلى عضوية الناتو من منطلق أنها "الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب مع الانفصاليين".

في المقابل، حذّر ديمتري كوزاك، كبير مفاوضي الكرملين في العلاقات مع كييف والانفصاليين، يوم الخميس، من أنه إذا انضمت أوكرانيا إلى "الناتو" فإن هذه الخطوة ستؤدي إلى "تفكّك" البلاد، مضيفًا أنه يؤيد الأصوات من الداخل الأوكراني التي تحذّر من أن "بدء العمل العسكري يعني بداية نهاية أوكرانيا".

تصاعد التوتر بين أوكرانيا وروسيا

وتصاعدت التوتّر بين أوكرانيا وروسيا في الأشهر الأخيرة، حيث تحرّك زيلينسكي لتنفيذ إصلاحات موالية للغرب، وإضعاف القبضة السياسية لحكم الأقليات الأوكرانية، فعاقب رجل الأعمال فيكتور ميدفيدشوك صديق بوتين.

كما غضبت موسكو من إغلاق زيلينسكي العديد من وسائل الإعلام الموالية لروسيا في فبراير/ شباط الماضي.

وقال مستشار مقرّب من زيلينسكي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "ينظر الأوكرانيون إلى هذا التراكم على أنه مُحيّر بعض الشيء. ففكرة أن أوكرانيا على وشك شنّ غزو لدونباس هي فكرة سخيفة وذريعة لشيء آخر".

اختبار للحكومات الأوروبية

ويُمثّل التصعيد أيضًا اختبارًا للحكومات الأوروبية، وخاصة ألمانيا، التي تعرضت لانتقادات من قبل واشنطن لخططها من أجل استكمال خط أنابيب لاستيراد الغاز الطبيعي من روسيا.

وقال دبلوماسي أوروبي للصحيفة: "الحشد الروسي هو في أحسن الأحوال موقف مزعزع للاستقرار وعدواني، وفي أسوأ الأحوال دليل على الاستعداد لهجوم عسكري"، مشيرًا إلى أن "غياب تفسير موثوق به، والمعلومات المضللة حول الاستفزاز الأوكراني يهدف إلى تقويض أوكرانيا وسيادتها".

وأضاف: "لا ينبغي لروسيا أن تقلل من شأن مدى متابعة العواصم الأوروبية لهذا الأمر من كثب في الوقت الحاضر".

المصادر:
واشنطن بوست

شارك القصة

تابع القراءة
Close