السبت 20 أبريل / أبريل 2024

المفاوضات إلى طريق مسدود.. هل يشعل سد النهضة حرب مياه إقليمية؟

المفاوضات إلى طريق مسدود.. هل يشعل سد النهضة حرب مياه إقليمية؟

Changed

فيما تشبّثت أديس أبابا بموقفها الرافض للوساطات، صعّدت القاهرة والخرطوم اللهجة، وندّدتا باللهجة الإثيوبية لكسب الوقت، واعدتَين بتدويل الملف وربما عسكرته.

يعود ملف سد النهضة إلى الواجهة من جديد بعدما فشلت مساعي التوصل إلى اتفاق بين دولة المنبع، إثيوبيا، ودولتي المصبّ، مصر والسودان.

ففيما تشبّثت أديس أبابا بموقفها الرافض للوساطات، صعّدت القاهرة والخرطوم اللهجة، وندّدتا باللهجة الإثيوبية لكسب الوقت، واعدتين بتدويل الملف وربما عسكرته.

ويبدو أنّ إثيوبيا لا تريد وساطة تفوح منها رائحة الضغوطات الدولية، وتصرّ على أنّ السدّ شُيّد على أراضيها بقرار سياديّ لسدّ احتياجاتها الشديدة من المياه دون إلحاق ضرر بجيرانها.

ماذا يعني ملء سد النهضة للمرة الثانية؟

يتزامن تعثّر المفاوضات حول سدّ النهضة مع اقتراب ملء السدّ للمرة الثانية خلال شهر يوليو/ تموز المقبل حتى دون اتفاق، وهو ما يعني - إن حصل - حرمان دولتي المصبّ من كميات ضخمة من المياه تصل خمسة مليارات متر مكعب سنويًا، إضافة إلى تسجيل انخفاض في منسوب المياه المتدفقة وفي توليد الطاقة الكهربائية.

لذلك، دفعت الخطوة الإثيوبية في كينشاسا كلًا من القاهرة والخرطوم إلى اتهام أديس أبابا بالتعنّت والاستمرار في سياسة المماطلة وكسب الوقت وفرض أمر واقع، لا سيما وأنّ مصر والسودان تمسّكا بالاتفاق على آلية ملء السد خلال المفاوضات.

حرب مياه على ضفاف النيل الأزرق

ويتطابق الخطاب المصري مع نظيره السوداني، حيث تلوّح كلّ من القاهرة والخرطوم بالتوجّه إلى الخيارات المفتوحة، من بينها تدويل القضية وطرح الملف أمام مجلس الأمن.

لكنّ نسق التصريحات المتبادلة بين دولتي المصب ودول المنبع الذي ينبئ باشتعال حرب مياه على ضفاف النيل الأزرق، رفضته واشنطن من خلال تصريحات وزارة خارجيتها، التي انتقدت الإجراءات الأحادية الجانب من الدول الثلاث ودعت إلى العودة إلى طاولة المفاوضات.

ولم تكتفِ الوساطة الأميركية بذلك، بل قدّمت مقترحات فنية أيضًا لحلّ أزمة تبقى سيناريوهاتها مفتوحة على أكثر من واجهة.

10 سنوات من المفاوضات حول سد النهضة

يذكر أنّ المفاوضات حول سد النهضة استمرت على مدى عشر سنوات، وهي تعود إلى عام 2011، حين أعلنت إثيوبيا تدشين مشروع إنشاء سد النهضة على النيل الأزرق، وتعهّدت حينها بإطلاع القاهرة على مخططات السد لدراسة مدى تأثيره على دولتي المصبّ، مصر والسودان.

في عام 2015 وقّع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره آنذاك عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا حينها هايلي ديسالين في الخرطوم على وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة، التي انبثقت عن قواعد القانون الدولي للتعامل مع الأنهار الدولية.

بعدها بعامين، نشب خلاف بين العواصم الثلاث، القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، بشأن مخرجات التقرير المبدئي حول السد. وفي يناير/ كانون الثاني 2018، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ديسالين دعوة مصر لتحكيم البنك الدولي في النزاع، ولم تتوصل بعدها الأطراف الثلاثة إلى نتائج، وأجّلت المفاوضات إلى وقت آخر.

عام 2019، استضافت واشنطن وفودًا من الدول الثلاث بحضور وزير الخزانة الأميركي ورئيس البنك الدولي للوساطة في مفاوضات السد. وفي يونيو/ حزيران 2020، طلبت القاهرة رسميًا تدخّل مجلس الأمن الدولي لحسم النزاع بعد فشل الوساطة الأميركية.

في شهر فبراير/ شباط الماضي، اقترحت الخرطوم تطوير آلية التفاوض وتقوية وساطة الاتحاد الإفريقي بضمّ الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لجهود الوساطة، وأيّدت القاهرة ذلك. لكنّ إثيوبيا رفضت مقترح الوساطة الرباعية، وتمسّكت بقيادة الاتحاد الإفريقي للمفاوضات.

ما علاقة تغيير الأنظمة بتعثر المفاوضات؟

ويرى الباحث والخبير في شؤون القرن الإفريقي عبد الوهاب الطيّب البشير أنّ أسباب تعثر المفاوضات تعود لتغير الأنظمة السياسية في السودان ومصر وأثيوبيا.

ويشير الطيب البشير، في حديث إلى "العربي"، إلى أنّ مجمل القضايا الخاصة بالسد مُتفق عليها بين الأطراف، معتبرًا أنّ إثيوبيا ترفض وجود رقابة دولية للاتفاق والتوقيع عليه.

ويخلص الخبير في شؤون القرن الإفريقي إلى أنّ إثيوبيا لا تسعى إلى التكامل الإقليمي، وتتجاهل اتفاقيات التعاون والشراكة الاقتصادية.

إثيوبيا تخشى "أجندات" لا تتفق مع مصالحها

في المقابل، يلفت رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية ياسين أحمد بعقاي إلى أنّ مشروع سد النهضة ليس جديدًا بل بدأ التفكير فيه منذ أكثر من نصف قرن.

ويرى بعقاي، في حديث إلى "العربي"، أنّ "من حق إثيوبيا رفض الوساطة الرباعية الدولية لأنها تخشى وجود أجندات دولية لا تتفق مع مصالحها، وقد تكون منحازة لمصر والسودان".

ويشير إلى أنّ "على مصر أن تتعاون وتستثمر في إثيوبيا من أجل ربط مصالح البلدين بعضها ببعض".

وإذ يتحدّث بعقاي عن "إجماع شعبي" حول السد، يستبعد اللجوء إلى الخيار العسكري، لأنّ "هناك مصالح دولية مشتركة في إثيوبيا".

مصر لن تقبل بـ"مسّ نسبتها" من مياه النيل

أما الباحث في الأنثروبولوجيا السياسية والمختص في شؤون القرن الإفريقي عصام شعبان، فيلفت إلى وجود دول كبرى مشاركة في بناء السد، معتبرًا أنّ هذا الأمر "عقّد المفاوضات أكثر، وساهم في فشلها إلى حد الآن".

ويشير شعبان، في حديث إلى "العربي"، إلى أنّ "إثيوبيا لم تلتزم بمراعاة مصالح مصر والسودان بإصرارها على ملء السد "، معتبرًا أنّها "تسعى لكسب الوقت ولا تهدف للوصول لاتفاق".

ويشدّد شعبان على أنّ "مصر لا يمكن أن تقبل أن تمس نسبتها من مياه النيل"، معربًا عن اعتقاده بأنّ موقف الدول العربية المساند لمصر له تأثيره الإيجابي".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close