الخميس 18 أبريل / أبريل 2024

بيروت.. طرق منهكة وشوارع مظلمة ومشاريع معلّقة فمن المسؤول؟

بيروت.. طرق منهكة وشوارع مظلمة ومشاريع معلّقة فمن المسؤول؟

Changed

يعاني لبنان منذ عقود من مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء ذي المعامل المتداعية
يعاني لبنان منذ عقود من مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء ذي المحطات المتداعية (غيتي)
تغرق شوارع بيروت في الظلام جراء تقنين قاسٍ تفرضه مؤسسة كهرباء لبنان من جهة، وأعمدة إنارة وأضواء أنفاق تلفظ أنفاسها الأخيرة في انتظار صيانتها من جهة ثانية.

حتى إشعار آخر، ستبقى أعمدة الإنارة في بيروت مطفأة ومشاريع الترميم معلّقة والحفر تغزو الطرق. فلم تعد بلدية العاصمة ذات الموازنة الأكبر في البلاد بين البلديات تجذب المتعهدين مع استمرار دفع تكاليف المشاريع بالليرة اللبنانية التي فقدت قيمتها.

ليلًا، تغرق شوارع بيروت في الظلام جراء تقنين قاسٍ تفرضه مؤسسة كهرباء لبنان من جهة، وأعمدة إنارة وأضواء أنفاق تلفظ أنفاسها الأخيرة في انتظار صيانتها من جهة ثانية.

وتمرّ السيارات بصعوبة بين حُفَر في بعض الطرق. وعند كل تقاطع، يحاول السائقون تفادي التعرّض لحادث بسبب إشارات ضوئية مطفأة أو محطّمة. فمنذ نحو عام ونصف، لم تتجدد عقود صيانة الإنارة والطرقات وإشارات السير.

وأعلنت بلدية بيروت عن مناقصة لتلزيم مشروع صيانة إنارة شوارع وأنفاق بيروت، لكن خلال اجتماعين عقدا الشهر الماضي لتلقي العروض، لم يحضر أحد.

ويعاني لبنان منذ عقود أساسًا من مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء ذي المحطات المتداعية، ومن ساعات تقنين طويلة تتخطى 12 ساعة في بعض الأحيان.

وتدين بلدية بيروت اليوم بـ27 مليار ليرة (تساوي الآن نحو 2.25 مليون دولار في السوق السوداء و18 مليون دولار بحسب سعر الصرف الرسمي) تراكمت على مرّ 15 عامًا لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، وفق مسؤول في البلدية لوكالة "فرانس برس".

الانهيار الاقتصادي الأسوأ في لبنان

ومنذ صيف العام 2019، على وقع الانهيار الاقتصادي الأسوأ في لبنان، بدأت الليرة تتراجع تدريجًا أمام الدولار وسط أزمة سيولة حادة. ويلامس سعر الصرف في السوق السوداء اليوم 12 ألفًا للدولار. أما سعر الصرف الرسمي فلا يزال مثبتَا على 1507 ليرة.

وبالتالي، لم تعد التلزيمات مربحة وسط عدم القدرة على استيراد مواد أولية يحتاجها المتعهدون بالدولار، وعدم قدرة البلدية على الدفع إلا بالعملة المحلية.

مرفأ بيروت ليلًا

حركة ترميم بطيئة

وفي مناطق تضررت من انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب، الذي تسبّب بمقتل أكثر من مئتي شخص وآلاف المصابين وبدمار هائل في الأحياء القريبة، تبقى حركة الترميم بطيئة، في ظل أعمال يقوم بها بضعة متعهدين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحد.

ولم تتمكن البلدية التي وقعت عليها مهمة تلزيم مشاريع تدعيم البنى المتضررة، من إتمام المهمة.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول "قسمنا المباني المتضررة إلى 15 مجموعة، نجحنا في تلزيم أربع مجموعات فقط".

ورغم إعلان المناقصة مرات عدة، لم يبدِ أحد اهتمامًا بالمجموعات الأخرى. أما الشركات العاملة حاليًا فبدأت تشتكي كون العقد الذي وقعه كل منها بقيمة ملياري ليرة، جرى حين كان سعر الصرف ستة آلاف.

أزمة نفايات جديدة في لبنان

وعلى صعيد آخر، تبدو أزمة نفايات جديدة حاصلة حتمًا ما لم تتمكن البلدية من إيجاد حل مع شركة "رامكو" المتعهدة إزالة النفايات.

ويقول المسؤول "لا يزال العقد ساريًا مع الشركة، لكنها بين الحين والآخر تُهدد بالإضراب وتعليق العمل، لأنها تريد تعديل السعر".

وكانت قيمة العقد بالليرة اللبنانية تعادل 14 مليون دولار سنويًا، بحسب ما يقول رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني "لفرانس برس،" لكنها تبلغ اليوم نحو 1.75 مليون دولار، وفق سعر السوق السوداء.

احتجاجات متواصلة في لبنان

وفي شوارع بيروت التي تشهد منذ أشهر طويلة احتجاجات شعبية متقطعة على الوضع المعيشي حيث تحرق بين الحين والآخر إطارات، وعلى جدرانها حيث تكتب شعارات تشتم المسؤولين وتطالب بتنحيهم، يبدو الناس منصرفين الى أعمالهم وهمومهم.

احتجاجات في لبنان

وفي أحد شوارع منطقة الحمرا، يشهد تقاطع رئيسي بين الحين والآخر حادث سير، فيما إشارة السير مكسورة منذ أشهر، ونادرًا ما تعمل.

وكانت هيئة إدارة السير تستخدم مدخولها من عدادات مواقف السيارات في بيروت لتمويل صيانة إشارات السير ونفقاتها، فيما تحصل البلدية بالمبدأ على جزء من العائدات.

وأثار إعلان البلدية عام 2019 أنّها لم تتلق أي مبلغ من العائدات، تساؤلات عدّة. وخلال التحركات الشعبية المناهضة للسلطة، تعرَض عدد من العدادات للتخريب على أيدي محتجين غاضبين إثر تقارير إعلامية عن شبهات فساد في الملف. ومنذ ذاك الحين، توقّفت أيضًا صيانة إشارات السير.

وتضاف إلى المشهد ظاهرة تشهدها بيروت منذ فترة تتمثل بسرقة أغطية الصرف الصحي من شوارعها وحتى كابلات الكهرباء والقساطل المعدنية. ويرجح أن السارقين يبيعون هذه القطع بعد ارتفاع أسعار الحديد بشكل كبير.

وعن تراجع عدد المقاولين، يقول نقيب المهندسين جاد ثابت لـ "فرانس برس": إن السبب "بسيط جدًا، وهو البلدية".

ويضيف: "الشركات الخاصة بشكل عام لا تريد العمل مع أي مؤسسة رسمية لأن الالتزامات بالليرة، ولا أحد يريد أن يأخذ تلزيمات بالليرة"، مشيرًا إلى مناقصات عدة أطلقتها وزارة الأشغال "من دون أن يتقدّم أحد".

لا رخص بناء في بيروت

وتُعد بلدية بيروت أغنى بلديات لبنان، لكن تبقى اليوم من ميزانيتها حوالى 800 مليار ليرة، أي 64 مليون دولار فقط، بحسب سعر صرف السوق حاليًا.

وتبلغ نفقاتها الثابتة 300 مليار ليرة سنويًا تصرف على الراوتب وخدمات الاستشفاء للموظفين وخدمات تشغيلية وإدارة مشاريع وغيرها، فيما "تدنت الواردات بشكل كبير". فمنذ انفجار المرفأ "لم تجنِ البلدية إلا مبلغًا يترواح بين 70 ومئة مليار ليرة، بينما يفترض بها أن تجني من ضرائب ورخص بناء ورسوم أكثر من 300 مليار سنويًا".

وعلى وقع الانهيار الاقتصادي المتمادي، خسرت البلدية أحد أبرز مصادر وارداتها: رخص قطاع البناء التي تراجعت بمعدلات قياسية.

وبغض النظر عن مشاريع الاستثمار والخدمات، تاريخ بيروت مفعم بمشاريع غير مكتملة، ما جعل البعض ينظر إليها بوصفها أحد نماذج الفساد في البلاد.

فحتى قبل الأزمة، لم يكن تلزيم المشاريع يمر من دون مناورات. ويقول مصدر مطلع على عمل البلدية: "دفتر شروط المناقصة كان يُعد على حسب المتعهد" الذي يُراد العمل معه، وبالتالي تكون النتيجة محسومة سلفًا.

وانعكست الأزمة الاقتصادية على الشارع اللبناني بصور مختلفة، تمثلت بمشاجرات بين المواطنين وأصحاب المتاجر الكبرى والاعتصامات والاحتجاجات الشعبية المتكررة وقطع الطرقات.

المصادر:
أ.ف.ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close