الأربعاء 17 أبريل / أبريل 2024

"المتضامنون"... شهودٌ على جريمة العصر لم تُثنِهم التهديدات

"المتضامنون"... شهودٌ على جريمة العصر لم تُثنِهم التهديدات

Changed

"المتضامنون" وثائقي يسلّط الضوء على ملامح حياة مجموعة من الناشطين والحقوقيين الأوروبيّين الذين ذهبوا إلى الأراضي المحتلة للوقوف مع الشعب الفلسطيني في أحلك أوقاته.

لم يعد للقضيّة الفلسطينيّة الوهج والبريق نفسه. تراجعت مرتبتها، في عيون أهلها وناسها قبل غيرهم، من القضيّة المركزيّة الأولى للعرب والمسلمين، إلى قضيّةٍ هامشيّةٍ، تُستحضَر في القمم والمؤتمرات من باب "رفع العتب".

ثمّة من يتّهم العرب بـ"إضاعة البوصلة"، فهم لا يكتفون بالتحسّر حينما يشاهدون جرائم الاحتلال التي لا تنتهي، لكنّهم يذهبون أبعد من ذلك، فيمدّون القاتل بحصانة التخلّي وشرعية القتل والتدمير والترويج لنهاية القضية.

لكنّ القضية لن تنتهي، وإن تخلّى عنها المعنيّون الأوائل بها، فثمّة "شهودٌ" قد يعتبرهم البعض "غرباء" عنها، لكنّهم يرفضون السكوت على "جريمة العصر" التي يرتكبها الاحتلال، مع كلّ يوم.

إنّهم "المتضامنون"، ناشطون وحقوقيّون غربيّون وأوروبيّون، قرّروا ترك كلّ ما لديهم، والذهاب إلى قلب فلسطين، ليقفوا في وجه أعتى قوة احتلال وآخر استعمار عنصري على وجه الأرض، مهما كان الثمن.

همسة ودّ واحترام

إلى هؤلاء الناشطين الذين لم تضلّلهم آلات التشويش الإعلامي ولم تُثنِهم التهديدات والمخاوف، وبينهم من انضمّ إلى قافلة "شهداء القضية"، يوجّه وثائقي "المتضامنون"، من إنتاج "التلفزيون العربي"، همسة ودّ واحترام، من خلال توثيق تجاربهم الحيّة، واستنطاقهم حول ما شاهدوه بأمّ العين.

يرصد الوثائقي بعضاً من مسيرة قافلة طويلة من الأسماء والأحداث ممن تجنّدوا ليكونوا شهوداً على الظلم والاحتلال، وممّن وقفوا مع قضية بعيدة عنهم ليقولوا إنّ المسألة ليست صراع وجود أو حدود، وإنما تتعلق بحقوق الناس قبل كلّ شيء.

يضيء "المتضامنون" على تجارب ناشطين هم بالمئات ومن جنسيات ومشارب مختلفة، ليؤكد دورهم وحضورهم ويعرّف عليهم وعلى تضحياتهم. وهو، انطلاقًا من ذلك، أقرب إلى رسالةٍ إنسانيّة ونضاليّةٍ بالدرجة الأولى، رفضًا للظلم والاحتلال.

تجارب حيّة

يستعرض الفيلم تجارب ناشطين فتحوا قلبهم لـ "التلفزيون العربي"، ليرووا ما شاهدوه بأمّ العين، ليخبروا عن "فظائع" الاحتلال، وليُشبِعوا "فضول" الكثيرين، ممّن يسألون عمّا يدفع هؤلاء ممن لا يشتركون مع الفلسطينيين بالتاريخ أو القومية ولا باللغة أو بالثقافة ولا حتى طريقة الحياة، إلى التضامن معهم بهذا الشكل.

من هؤلاء مثلاً الناشط السويدي بنجامين لادرا الذي قطع المسافة من السويد إلى فلسطين مشيًا على قدميه، وهو يحمل علمًا فلسطينيًّا كبيرًا، والناشطة النرويجية كريستين فوس التي تلقّت رصاصتين، إحداهما في بطنها والأخرى في قدمها، من بنادق جنود الاحتلال الإسرائيلي، وبقيت وجهتها فلسطين، ومنهم المخرج الأرجنتيني رودريغيس فازكيس الذي كانت رحلة دخوله إلى فلسطين أشبه بالمغامرة الخطرة.

ويتوقف الفيلم كذلك عند تجارب ناشطين دفعوا حياتهم ثمنًا لتضامنهم مع القضية، من بينهم رتشيل كوري التي تركت الولايات المتحدة وأتت إلى غزة لتقضي بين أنياب جرافة عسكرية، والناشط الإنكليزي توم هرندل الذي قضى، وهو يحاول حماية طفل فلسطيني في رفح، وغيرهم الكثير.

"أمر يهرس القلب"

ويخصّص الوثائقي حيّزًا واسعًا لتجربة رتشيل كوري، المناضلة الأميركية الشهيرة التي أتت إلى قطاع غزة للوقوف في وجه الإجرام الإسرائيلي، فوقعت ضحيّته، عندما قتلتها جرافة إسرائيلية كانت بصدد هدم منزل فلسطيني في قطاع غزة.

ينطلق الفيلم من شهادة لكوري من الأرشيف، ويستعيد محطّات من طفولتها، كانت تتعهّد فيها بالدفاع عن الفقراء والأبرياء، قبل أن يستنطق عائلتها، من الأب المفجوع، الذي يستذكر كيف أنّ ابنته أبلغته بقرارها الذهاب إلى غزة، من دون أن تطلب إذنه، إلى الأمّ الثكلى التي تتحدث عن مكالماتها الأخيرة معها من فلسطين قبل قتلها برصاص الاحتلال.

إنّه لأمرٌ "يهرس القلب"، تقول والدة كوري، مختصرةً بعباراتها، ونظرتها التي تعرفها الأمهات اللواتي فقدن فلذات أكبادهن، الرسالة من وراء الوثائقي، وهي ببساطة أنّ "هذا المأتم المديد لن يكون بلا شهود"... 

المصادر:
التلفزيون العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close