الجمعة 26 أبريل / أبريل 2024

الاعتراف الأميركي بـ "إبادة جماعية" بحق الأرمن.. ماذا عن الدلالات؟

الاعتراف الأميركي بـ "إبادة جماعية" بحق الأرمن.. ماذا عن الدلالات؟

Changed

يُنظر إلى هذه الخطوة الأميركية على أنها امتحان جديد للعلاقات الاستراتيجية بين واشنطن وأنقرة، لا سيما وأن تركيا تعتبر على لسان رئيسها أن هذا الكلام محاولة من أطراف ثالثة لتسييس خلاف يجب أن يحسمه المؤرخون.

وصف الرئيس الأميركي جو بايدن السبت ما تعرّض له الأرمن في أواخر الامبراطورية العثمانية بأنه "إبادة جماعية يستحق التضامن".

وأتي إعلان بايدن بعد اتصال هاتفي بنظيره التركي رجب طيب أردوغان قبل ساعات من الذكرى الأرمنية. وأكدت وكالات أنباء عالمية أن بايدن أبلغ أردوغان قراره.  

ويُنظر إلى هذه الخطوة الأميركية على أنها امتحان جديد للعلاقات الاستراتيجية بين واشنطن وأنقرة، لا سيما وأن تركيا تعتبر على لسان رئيسها أن هذا الكلام محاولة من أطراف ثالثة لتسييس خلاف يجب أن يحسمه المؤرخون.

كما يُضاف هذا التطور إلى سلسلة من الملفات الخلافية المتراكمة بين تركيا والولايات المتحدة، التي لا يبدو أنها في طريقها إلى الانفراج في عهد بايدن. 

مسألة كانت معلقة

تعليقًا على التطورات، يشير الدبلوماسي والمسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية دنيس روس إلى أن تصنيف ما حصل للأرمن في العام 1915 بأنه إبادة جماعية كان مسألة معلقة منذ وقت طويل.

ويوضح أن كل رئيس أميركي سابق فكر بعدم الإقدام على هذا التصريح خشية تداعياته على العلاقات مع تركيا.

ويعرب روس عن اعتقاده في هذه الحالة بأن "بايدن كان قدّم عدة تعهدات في حملته الانتخابية، قال فيها إنه سيعترف ويقر بكل ما جرى في هذا التاريخ. وطالما أنه التزم بذلك فهو ينفذ التزامه وتعهده".

ويردف بالقول "إن مسألة حقوق الانسان وضعها جو بايدن كجزء من سياسته الخارجية، وهذا يعني أن هذه المسألة تغلب على التداعيات الاستراتيجية للعلاقات".

ويضيف: "هذا لا يعني أن الادارة الأميركية لا تودّ أن تدير علاقتها مع تركيا بشكل جيد، إلا أن الرئيس تعهد بهذا الموقف مسبقًا وهذا يشكل إحدى ركائز سياسته الخارجية. وبالتالي هذا ما دفع نحو اتخاذ هذا القرار، وسنرى الآن كيف ستكون التداعيات". 

السياق الحقيقي سياسي    

بدوره، يُرجع الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج الغضب التركي من خطوة بايدن إلى أن الأخير "ليس مؤرخًا ولا أكاديميًا ولا قاضيًا ولا يعبّر أو ينطق بلسان مؤسسة حقوقية أو أكاديمية؛ هو رئيس الولايات المتحدة الأميركية وبالتالي فإن ما يصدر عنه من قرارات أو تصريحات يحمل طابعًا سياسيًا".

ويضيف: "كل ما يمكن أن يُعد أسبابًا لهذا الاعتراف اليوم كان واردًا وحاضرًا لدى كل الادارات السابقة، ولم يسبقه إلى هذا الاعتراف أي رئيس سابق، وبالتالي فإن السياق السياسي الحالي هو الذي يمكن أن يفسر ذلك".

ويلفت إلى "أننا رأينا ونرى وسنرى أن هذا الحديث عن حقوق الانسان والحريات والديموقراطية كجزء من السياسة الخارجية الأميركية في عهد بايدن، لن ينطبق على كل الدول والرؤساء".

ويعتبر أنه "سيكون هناك اختيار وتصنيف وفق التوجهات السياسية للإدارة الجديدة".

ويعرب عن اعتقاده بأنه بغضّ النظر عمّا يمكن أن يسوّق به هذا التصريح والاعتراف الآن فإن السياق الحقيقي سياسي".

ويلفت إلى أن "تركيا لا تنفي أن هناك أحداثًا سلبية وكارثية حصلت للأرمن وغيرهم خلال الحرب العالمية الأولى، لكنها ترفض أن يتم تصنيف ذلك على أنه من طرف واحد وبأعداد كبيرة وممنهج بشكل مباشر ومقصود لعرق الأرمن وتوصيفه بالتالي على أنه إبادة جماعية". 

ويشير إلى أن تركيا عبّرت أكثر من مرة عن أسفها لهذه الاحداث ودعت للتحقيق به من جهات قضائية أو حقوقية أو مؤسسات أكاديمية، وقالت إنها على استعداد للتعاون الكامل.

ويردف: "لكن لا أحد هنا يريد الحقيقة أو الموضوعية أو التاريخ، بل يراد ضغوط سياسية على القيادة السياسية التركية".         

الانتقائية تضعف المصداقية

من ناحيته، يلفت أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر حسن براري إلى أن بايدن أعلى ـ منذ أن كان مرشحًا للانتخابات ـ من قيمة حقوق الانسان في توجهات السياسة الخارجية الاميركية".

ويعتبر أن "هذا أمر محمود، إذ ينبغي أن ترتكز السياسة الأميركية على قيم".

ويتدارك بالقول إن "ما يضعف من مصداقية الولايات المتحدة الأميركية في هذا الموضوع على وجه التحديد هو الانتقائية، بمعنى أنها تريد أن تعلي من هذه القيم في العلاقة مع تركيا وفي الوقت نفسه هناك شعب فلسطيني ما زال محاصرًا، وانتهاكات حقوق إنسان موثقة في تقارير دولية وحقوقية ولا يحرك البيت الابيض إزاءها ساكنًا، بل هو ربما يحمل أيضًا على هذه المنظمات الحقوقية".

ويشير إلى أن تركيا في موقع دفاعي، وهي تتحالف مع الولايات المتحدة الأميركية وتأخذ على بايدن أنه انتقائي وأنه لن يكون جادًا في ما يتعلق بحقوق الانسان".

ويرى أن "ملف حقوق الانسان أكبر بكثير من أن تقوم به الولايات المتحدة التي تعاني من مشاكلها مع أفغانستان وفي العراق وتريد الانسحاب من هذه المنطقة ونقل الصدام إلى منطقة شرق آسيا ثم معادلة كوفيد".

ويعتبر أن "ليس بوسع إدارة بايدن أن تتصدى لملف حقوق الانسان، لا سيما وأن كل حلفائها في هذه المنطقة طغاة وينتهكون حقوق الانسان".

ويؤكد أن حقوق الإنسان ينبغي أن تكون جزءًا من السياسة الخارجية على كل الملفات".    

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close