الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

فصل عنصري واضطهاد.. تقرير حقوقي يوثق جرائم إسرائيلية ضد الإنسانية

فصل عنصري واضطهاد.. تقرير حقوقي يوثق جرائم إسرائيلية ضد الإنسانية

Changed

اندلعت مواجهات بين المتظاهرين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في بيت دجن
مواجهة بين متظاهرين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في بيت دجن (غيتي)
أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أنّ الاحتلال الإسرائيلي يرتكب "انتهاكات جسيمة" ضد الفلسطينيين للإبقاء على هيمنته، ودعت لتحرك دولي لإنهاء "القمع".

وثّق تقرير جديد لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، صدر اليوم الثلاثاء، جرائم ضدّ الإنسانية يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحقّ الشعب الفلسطينيّ، وتتمثل في الفصل العنصري والاضطهاد، "للإبقاء على هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين".

وتستند النتائج التي خلُصت إليها المنظمة الحقوقية حول الانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، إلى سنوات من التوثيق الحقوقي، ودراسة الحالات، ومراجعة وثائق التخطيط الحكومية، وتصريحات، ومصادر أخرى، قارنت فيها "هيومن رايتس ووتش" السياسات والممارسات تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وإسرائيل بتلك المتعلقة باليهود الإسرائيليين الذين يعيشون في المناطق نفسها.

كما تطرق التقرير لقضايا اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون خارج وطنهم ومنعهم من حق العودة الذي نصت عليه قرارات الأمم المتحدة، إلا أن جوهر التقرير الحالي يتعلق بنظام الحكم داخل فلسطين.

"تجاوزوا الحدّ"

وتعرض المنظمة الدولية لمراقبة حقوق الإنسان في تقريرها المؤلف من 187 صفحة وبعنوان "تجاوَزوا الحد: السلطات الإسرائيلية وجريمتا الفصل العنصري والاضطهاد"، الواقع الحالي في فلسطين المحتلة، وتؤكد فيه على وجود سلطة واحدة ألا وهي الحكومة الإسرائيلية.

وتشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية هي "الجهة الرئيسية التي تحكم المنطقة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، حيث تسكن مجموعتان متساويتان في الحجم تقريبًا. وتمنح هذه السلطة بشكل ممنهج امتيازات لليهود الإسرائيليين بينما تقمع الفلسطينيين، ويمارَس هذا القمع بشكله الأشدّ في الأراضي المحتلة".

وقال كينيث روث، المدير التنفيذي في هيومن رايتس ووتش: "حذّرتْ أصوات بارزة طوال سنوات من أن الفصل العنصري سيكون وشيكًا إذا لم يتغير مسار الحكم الإسرائيلي للفلسطينيين. تُظهر هذه الدراسة التفصيلية أن السلطات الإسرائيلية أحدثت هذا الواقع وترتكب اليوم الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد".

"الأبارتهايد" نظام الفصل العنصري

ووصف تقرير المنظمة الأفعال الإسرائيلية بـ"أبارتهايد" أي الفصل العنصري، وورد أن هذه المصطلح "قد صيغ في سياق متصل بجنوب إفريقيا، وأصبح اليوم مصطلحًا قانونيًا عالميًا. ويشكل الحظر على التمييز المؤسسي والقمع الشديدَين والفصل العنصري مبدأ أساسيًا في القانون الدولي".

فالاتفاقية الدولية "لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها" لسنة 1973 أو اتفاقية الفصل العنصري، و"نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية" لسنة 1998 أو نظام روما الأساسي يُعرِّفان الفصل العنصري باعتباره جريمة ضد الإنسانية تتكون من ثلاثة عناصر أساسية: 1. نية إبقاء هيمنة جماعة عرقية على أخرى. 2. سياق من القمع الممنهج من الجماعة المهيمنة ضد الجماعة المهمشة. 3. الأفعال غير الإنسانية.

الاضطهاد ضد الفلسطينيين

أما الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الاضطهاد، كما يعرّفها نظام روما الأساسي والقانون الدولي العرفي، فتتكون من الحرمان الشديد من الحقوق الأساسية لمجموعة عرقية، أو إثنية، أو غيرها بقصد تمييزي وفق "هيومن رايتس ووتش"

وبناءً على ما ذكر، وجدت المنظمة الدولية أن عناصر الجريمتين تجتمع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، "باعتبارها جزءًا من سياسة حكومية إسرائيلية واحدة، تتمثل في الإبقاء على هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين في جميع أنحاء إسرائيل والأراضي المحتلة، وتقترن في الأراضي المحتلة بقمع ممنهج وأعمال غير إنسانية ضد الفلسطينيين القاطنين هناك".

كما أشار التقرير إلى تقديم السلطات الإسرائيلية لليهود "امتيازات منهجية" بسبب انتمائهم في مقابل قمع جميع الفلسطينيين، بمستويات مختلفة، أشدها خطورة انتهاكات حقوق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1967.

وراسلت هيومن رايتس ووتش الحكومة الإسرائيلية في يوليو/ تموز 2020 طالبة منها عرض وجهة نظرها بشأن هذه القضايا، لكنها لم تتلقَ أي رد، بحسب القائمين على التقرير.

أبرز ما ورد في تقرير "هيومن رايتس ووتش"

وأبرز ما ورد في التقرير هو أنّ حوالي "6.8 مليون يهودي إسرائيلي و6.8 مليون فلسطيني يعيشون في المنطقة الممتدة من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن، وهي منطقة تشمل إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. تتكوّن هذه الأخيرة من الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة. في معظم أنحاء هذه المنطقة، إسرائيل هي القوة الحاكمة الوحيدة؛ وهي تمارس في باقي المناطق سلطة رئيسية، إلى جانب حكم ذاتي فلسطيني محدود".

ويضيف:"تمنح السلطات الإسرائيلية في هذه المناطق امتيازات بشكل ممنهج لليهود في أغلب مناحي الحياة، وتميّز ضدّ الفلسطينيين. توضح كل من القوانين، والسياسات، وتصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين أن الهدف الرامي إلى إبقاء الهيمنة الإسرائيلية اليهودية على التركيبة السكانية، والسلطة السياسية، والأرض هو ما وجّه سياسة الحكومة منذ زمن طويل".

ويردف تقرير "هيومن رايتس ووتش": لتحقيق هذا الهدف، عمدت السلطات بدرجات مختلفة من الشدة إلى نزع ممتلكات الفلسطينيين، وإخضاعهم، وعزلهم، وفصلهم قسرًا بحكم هويتهم. في بعض المناطق، بحسب ما يظهره التقرير، كان هذا الحرمان شديدًا إلى درجة أنه يرقى إلى مستوى الفصل العنصري والاضطهاد، وهما جريمتان ضدّ الإنسانية".

وتبيّن المنظمة أنه على مدى السنوات الـ 54 الماضية، "سهّلت السلطات الإسرائيلية نقل اليهود الإسرائيليين إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنحتهم مكانة أعلى بموجب القانون مقارنة بالفلسطينيين الذين يعيشون في المناطق نفسها فيما يتعلق بالحقوق المدنية، والوصول إلى الأرض، وحرية التنقل والبناء، ومنح حقوق الإقامة للأقارب".

فرغم أن الفلسطينيين لديهم قدر محدود من الحكم الذاتي في أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أنّ إسرائيل حافظت على سيطرة أساسية على الحدود، والمجال الجوي، وحركة الأشخاص والبضائع، والأمن، وسجل السكان بأكمله، وهو ما يُحدّد بدوره مسائل أخرى مثل المكانة القانونية وأهلية الحصول على بطاقات الهوية وفق المنظمة العالمية بمراقبة حقوق الإنسان.

ووجدت المنظمة أن النتائج التي تخلص إلى وجود جرائم ضد الإنسانية يجب أن تدفع المجتمع الدولي إلى "إعادة تقييم طبيعة عمله في إسرائيل وفلسطين واعتماد نهج يركز على حقوق الإنسان والمساءلة بدل أن يقتصر على عملية السلام المتوقفة".

كما شدّد على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق تابعة لـ"الأمم المتحدة" للتحقيق في التمييز والقمع الممنهجَين في إسرائيل وفلسطين، واستحداث منصب مبعوث عالمي تابع للأمم المتحدة لجريمتَي الاضطهاد والفصل العنصري، مع تفويض لحشد الإجراءات الدولية لإنهاء هاتين الجريمتين في جميع أنحاء العالم.

وقال روث: "بينما يتعامل معظم العالم مع الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ نصف قرن على أنه حالة مؤقتة ستحلها قريبًا عملية سلام" التي استغرقت عقودًا، وصل اضطهاد الفلسطينيين هناك إلى حد واستمرارية يتوافقان مع تعريفات جريمتَي الفصل العنصري والاضطهاد. على أولئك الذين يسعون جاهدين إلى تحقيق السلام الإسرائيلي-الفلسطيني، سواء كان الحل في دولة واحدة أو دولتين أو كونفدرالية، أن يعترفوا في هذه الأثناء بهذا الواقع على حقيقته ويستخدموا أدوات حقوق الإنسان اللازمة لإنهائه".

المصادر:
هيومن رايتس ووتش

شارك القصة

تابع القراءة
Close