الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

الانسحاب الأميركي من أفغانستان.. حالة عدم يقين مع ازدياد قوة "طالبان"

الانسحاب الأميركي من أفغانستان.. حالة عدم يقين مع ازدياد قوة "طالبان"

Changed

الجيش الأفغاني سيدافع عن البلاد ضدّ هجمات "طالبان" بعد الانسحاب الأميركي.
الجيش الأفغاني سيدافع عن البلاد ضدّ هجمات "طالبان" بعد الانسحاب الأميركي (غيتي)
ازداد العنف في أفغانستان خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، على الرغم من بلوغ تكاليف الحرب 815.7 مليار دولار، بحسب وزارة الدفاع الأميركية.

منذ الحرب الأميركية على أفغانستان في العام 2001، والإطاحة بحكومة "طالبان"، تقلّص نشاط الحركة، ثم بدأ في النمو مرة أخرى مع استمرار الصراع لمدة عقدين.

والآن، مع إعلان واشنطن بدء سحب قواتها، يعترف المسؤولون الأميركيون بأنهم لم يقدّروا فعلًا قوة "طالبان"، وهو ما يُوجِد حالة من عدم اليقين حول مستقبل البلاد بعد الانسحاب.

وذكر تقرير للمفتش العام الأميركي الخاص لإعادة إعمار أفغانستان، نُشر اليوم الجمعة، أنه على الرغم من محادثات السلام الجارية، إلا أن العنف في أفغانستان ازداد خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.

وكان تقرير صادر عن مركز أبحاث الكونغرس في مارس/ آذار الماضي، أفاد بأن "طالبان في وضع عسكري أقوى الآن من أي وقت مضى منذ عام 2001".

وشمل تقرير البيانات نحو 400 منطقة محلية عبر 34 مقاطعة في أفغانستان. وكانت السيطرة على تلك المناطق معيارًا أساسيًا للحكم على السيطرة الشاملة في البلاد.

"طالبان" أقوى من ذي قبل

وفي تقريره الأخير في فبراير/ شباط الماضي، قال المفتش العام لشؤون إعادة إعمار أفغانستان "سيجار": إن الحكومة الأفغانية كانت تسيطر على 54% فقط من تلك المناطق اعتبارًا من أكتوبر/ تشرين الأول 2018. ومن بين المناطق المتبقية، وصفت الحكومة الأميركية 34% منها بأنها متنازع عليها و12% بأنها تحت سيطرة طالبان.

وقال بيل روجيو، مدير التحرير في مجلة الحرب الطويلة، الذي قام بتتبع الصراع في أفغانستان لسنوات بناءً على التقارير الصحافية والبيانات التي جمعها، لوكالة "أسوشييتد برس": إن "النزاع بين الحكومة الأفغانية وطالبان يتمحور حول نصف المناطق"، مع أكثر من 120 منطقة تسيطر عليها الحكومة بالكامل، وأكثر من 70 تحت سيطرة "طالبان" بالكامل.

ووفقاً لتقرير "سيجار"، ارتفع عدد الهجمات التي يشنّها عناصر الحركة بنسبة 37% تقريبًا خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مارس/ آذار مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي.

كما ارتفعت الخسائر في صفوف قوات الأمن الأفغانية كثيرًا مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وزاد عدد الهجمات الداخلية على قوات الأمن بنسبة 82% عن العام الماضي.

وذكر التقرير أن هذا أدى إلى سقوط أكثر من ضعف الخسائر في الأرواح جراء الهجمات الداخلية.

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان قد سجّلت بالفعل زيادة بنسبة 29% في الخسائر المدنية في الأشهر الثلاثة الأولى من العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

حتى كابل ليست آمنة

"حتى كابل، عاصمة الدولة الخاضعة لحراسة مشددة، ليست آمنة"، بحسب تقرير المفتش العام.

كما أظهرت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان أن كابل سجّلت أكبر عدد من الضحايا المدنيين عام 2020، حيث قُتل 255 شخصًا وأصيب 562 آخرين.

ووفقًا لتقرير المفتش، فإن أسوأ أعمال العنف في أفغانستان هي التي استهدفت نشطاء وصحافيين وقضاة ومحامين، منذ أن أبرمت واشنطن اتفاقها مع طالبان.

ومع إعلان البيت الأبيض، أمس الخميس، بدء انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، تنفيذًا للقرار الذي أعلنه الرئيس جو بايدن منتصف أبريل/ نيسان الجاري، حذّر روجيو من أن الجيش الأفغاني "سيُواجه هجومًا كبيرًا، لن يكون قادرًا على صدّه مع انتشار أفراده في جميع أنحاء البلاد، ومن دون مساندة جوية من الأميركيين".

وأضاف روجيو أنه على القوات الأفغانية "توحيد صفوفها، والتخلّي عن الجنوب، وإلا فإنهم لن يستطيعوا النجاة".

الخسائر البشرية في الحرب الأفغانية

ودفع الأفغان الثمن الأعلى في الحرب، حيث قُتل ما لا يقل عن 47245 مدنيًا في الحرب حتى منتصف أبريل/ نيسان، وفقًا لمشروع تكاليف الحرب في جامعة براون، الذي يوثق التكاليف الخفية لحروب ما بعد 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

كما تصاعدت الهجمات بالأسلحة والقنابل إلى مستويات مسبوقة منذ بدء مفاوضات السلام بين الأفغان في الخريف الماضي؛ ما أدى إلى مقتل 72 صحافيًا و444 من عمال الإغاثة، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة. كما يُقدّر عدد القتلى ضمن صفوف الحكومة الأفغانية بـ66 ألفًا إلى 69 ألف جندي أفغاني.

إلى ذلك، أفاد تقرير حديث صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن الحرب أجبرت 2.7 مليون أفغاني على الفرار إلى الخارج، معظمهم إلى إيران وباكستان وأوروبا.

كما أدّت الحرب إلى نزوح نحو 90 ألف شخص داخليًا منذ بداية هذا العام وحده. ومنذ عام 2012، نزح حوالي 4.8 مليون شخص من ديارهم ولم يعودوا إلى بلدهم الذي يبلغ عدد سكانه 38 مليون نسمة.

من جهتها، أفادت وزارة الدفاع الأميركية عن مقتل 2442 جنديًا أميركيًا وإصابة 20666 في الحرب منذ عام 2001. كما تشير التقديرات إلى مقتل أكثر من 3800 متعاقد أمني خاص في الولايات المتحدة.

ووفقًا لإحصاء يحتفظ به موقع "أي كاجويلتيز" على الإنترنت، أسفرت الحرب عن مقتل 1144 فردًا من "الناتو"، المكوّن من 40 دولة والذي درّب القوات الأفغانية على مر السنين.

الخسائر المادية في الحرب الأفغانية

يُشير أحدث تقرير لوزارة الدفاع الأميركية لعام 2020، إلى أن تكاليف القتال في الحرب بلغت 815.7 مليار دولار على مر السنين.

ويغطي ذلك المبلغ تكاليف تشغيل الجيش الأميركي في أفغانستان، من الوقود والغذاء إلى عربات الهامفي والأسلحة والذخيرة، والدبابات والعربات المدرّعة إلى حاملات الطائرات والضربات الجوية.

وكشف المفتش العام الأميركي أن الكثير من المليارات التي أُنفقت على مشاريع البنية التحتية الضخمة ذهبت سدى. فالقنوات والسدود والطرق السريعة في حالة يرثى لها، حيث فشلت أفغانستان في استيعاب تدفّق المساعدات. وظلّت المستشفيات والمدارس المبنية حديثًا خالية.

ومن دون رقابة مناسبة، تفشّى الفساد الذي قوّض شرعية الحكومة.

وذكر التقرير أنه على الرغم من تكلفة حملة مكافحة المخدرات، وصلت صادرات الأفيون إلى مستويات قياسية.

وعلى الرغم من إنفاق المليارات على الأسلحة وتدريب قوات الأمن الأفغانية، سيطرت "طالبان" على مساحات أكبر.

ومع الانفاق الهائل على تأمين الوظائف، ظلّت البطالة تحوم حول 25%. ووفقًا للبنك الدولي، وصل معدل الفقر على مر السنين إلى 47% حتى عام 2020، مقارنة بـ 36% في عام 2007.

كلفة الانسحاب الأميركي من أفغانستان

على الرغم من أن البعض يريد إطالة أمد الحرب إلى ما لا نهاية، يخشى الكثيرون من أن نهايتها قد تعرّض للخطر المكاسب المتواضعة لأفغانستان في مجالات الصحة والتعليم وحقوق المرأة، والتي تحققت في السنوات الأولى مع قيام الولايات المتحدة بتوسيع الاقتصاد والإطاحة بحركة "طالبان"، التي فرضت قيودًا صارمة على النساء.

ولكن على نطاق أوسع، أدى فشل طموحات أميركا في بناء أفغانستان مستقرة وديمقراطية إلى غرق البلاد في حالة من عدم اليقين مع مغادرة القوات الأميركية المرتقبة.

وقال مايكل كالين، خبير الاقتصاد الأفغاني في كلية لندن للاقتصاد: "للأفضل أو للأسوأ، تتمتع الولايات المتحدة بوجود جاد لتحقيق الاستقرار في الوقت الحالي، وبمجرد انتهاء ذلك سيكون هناك فراغ في السلطة".

المصادر:
العربي، وكالات، صحف أجنبية

شارك القصة

تابع القراءة