السبت 13 أبريل / أبريل 2024

أزمة سد النهضة.. هل تنجح مصر والسودان في إعادة إثيوبيا للمفاوضات؟

أزمة سد النهضة.. هل تنجح مصر والسودان في إعادة إثيوبيا للمفاوضات؟

Changed

يبدو احتمال الذهاب إلى المسارات الأخرى القانونية والدولية واردًا جدًا، وإن كانت كلّ المؤشّرات تشير إلى أنّ الذهاب إلى مجلس الأمن هو الأقرب للجميع.

تقترب إثيوبيا من موعد الملء الثاني لسدّ النهضة بالإصرار على موقفها الرافض لأي من المقترحات المصرية والسودانية، في وقت تكثّف فيه مصر والسودان من مساعيهما الدبلوماسية في أكثر من اتجاه دولي، ولا سيما إفريقي، في محاولة لإعادة إثيوبيا إلى المفاوضات الفنية إن لم تستطع دفعها إلى تأجيل الملء الثاني أو الاتفاق حول الجدولة.

ويبدو احتمال الذهاب إلى المسارات الأخرى القانونية والدولية واردًا جدًا، وإن كانت كلّ المؤشّرات تشير إلى أنّ الذهاب إلى مجلس الأمن هو الأقرب للجميع، فالمراسلات من أطراف الأزمة وصلت إلى مجلس الأمن، والحديث عن جلسة استماع حاضر.

ففي سياق المواقف، ترى إثيوبيا السد موجًا هادرًا من نهضة مقبلة ومشروعًا قوميًا جامعًا تدحض به عقود عطش ومجاعة طُبِع اسم البلاد عليها في القارة والعالم. في المقابل، يرى السودان أنّ 50 في المئة من سكانه مهدَّدون بمصائر إثيوبية سابقة من العطش والجوع والموت على ضفاف النيل.

أما مصر فترى أن مشروع إثيوبيا، وإن تفهّمت مبرّراته، لا ينبغي أن يحجب عنها ما يهوي بمشاريعها المستقبلية، فقد شرعت في تبطين وتأهيل الأرض والمصارف لتسهيل تدفق المياه وتقليل نسبة الهدر.

وفيما تتمسك مصر برفضها الملء الثاني، ويؤكد وزير الريّ فيها أنّها على أتمّ الاستعدادات لكل السيناريوهات، تُطرَح تساؤلات بالجملة حول خيارات القاهرة والخرطوم في حال تمّ الملء الثاني، وما هي سيناريوهات إدارة الأزمة وتحت أي غطاء وإلى متى.

المقترحات الجديدة "ليست في صالح" إثيوبيا

ينفي رئيس جمعية السلام والتنمية الإثيوبية في أميركا جمال بشير أحمد علم إثيوبيا بالمقترحات المصرية والسودانية الجديدة، لكنّه يعرب عن اعتقاده بأنّها ليست في صالح أديس أبابا، التي سبق أنّ أثبتت حسن نيّتها بالتنازلات التي قدّمتها.

ويؤكد أحمد، في حديث إلى "العربي"، أنّ إثيوبيا لا ترفض كلّ شيء، بل على العكس من ذلك، هي لا تمانع القبول بأي أمر يتعلق بسدّ النهضة، شرط أن لا يضرّ مصالحها، معتبرًا أنّ "هذا موقف أيّ متفاوض".

وينتقد بشير أحمد ما يصفه بـ"تسييس الموقف" من الجانبين المصري والسوداني، معتبرًا أنّهما أخرجا النقاش من سد النهضة إلى مواضيع تتعلق بالسياسة والمشاريع المستقبلية.

ويشدّد على أنّ "إثيوبيا واضحة منذ القدم وتسير على الخطى المتفق عليها في اتفاقية المبادئ في 2015 وهي لم تخرج منها قيد أنملة".

إثيوبيا "أجهضت المحاولة تلو الأخرى"

أما الباحثة المتخصصة في الشؤون الإفريقية أسماء الحسيني من القاهرة، فتعتبر أنّه "يجب على الجانب الإثيوبي أن يفكّر مليًا لماذا وصل الحال الآن إلى ما هو عليه من تعقد وتأزمّ للأمور".

وتذكّر الحسيني، في حديث إلى "العربي"، بأنّه "في 2015 ذهبت مصر والسودان إلى أديس أبابا، وكان هناك نوايا حسنة وإرادة طيبة للتعامل مع إثيوبيا للتقليل من أضرار السد وتعظيم فوائده"، مشيرة إلى أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زار آنذاك البرلمان الإثيوبي وأبدى رغبة كبيرة في التعاون.

لكنها تشير إلى أنّ "المماطلة والتسويف والرغبة الأحادية لدى الجانب الإثيوبي في فرض سياسة الأمر الواقع هي التي أزّمت الأمر"، مشيرة إلى أنّ "إثيوبيا كانت تنفي الملء الأول قبل أن تعترف بأنها بدأت به بالفعل دون اتفاق أو توافق أو تنسيق مع الجانبين المصري والسوداني".

وتشدّد الحسيني على أنّ "الجانب المصري أعلن أنه قدّم العديد من الحلول، لكن في كل مرة كانت إثيوبيا ترفضها"، معربة عن اعتقادها بأنّه "كان يجب أن يكون هناك وفقًا لاتفاق المبادئ اتفاق قانوني ملزم قبل أن يتم الشروع في ملء السد والانتهاء منه".

وتخلص إلى أنّ "إثيوبيا هي التي أجهضت المحاولة تلو الأخرى في واشنطن ثم في الاتحاد الإفريقي الذي تريد الآن وساطته".

الدول الثلاث "تبحث عن عدو خارجي"

من جهته، يتحدّث وزير الري والموارد المائية السوداني السابق عثمان التوم عن جانبين مختلفين للأمر، أولهما إيجابي والآخر سلبي.

ويشرح التوم، في حديث إلى "العربي"، أنّ الجانب الإيجابي يكمن في أنّ فيضان النيل الأزرق طوال السنوات الخمس الماضية كان أعلى من المتوسط ولا سيما في السنة الماضية حيث كان مرتفعًا جدًا، معتبرًا أنّ "هذه نعمة من الله خصوصًا على الجانب المصري لاحتياجاته الشديدة من المياه".

أما الجانب السلبي في الأمر، فيختصره التوم في أن "الدول الثلاث لها ما يكفيها من المشاكل الداخلية"، مشيرًا إلى أنّها "تبدو كأنّها تبحث عن عدو خارجي حتى تلقي عليه المشاكل الداخلية لتصوّر المشكلة على أنّها خارجية وليست داخلية".

وإذ ينفي التوم أن يكون ممثلًا للسودان كونه لا يشغل أيّ منصب رسميّ حاليًا، يشدّد على أنّه لا يقصد إثيوبيا فقط بكلامه، وإنما الدول الثلاث، التي حوّلت سدّ النهضة إلى ما يشبه "الشمّاعة التي تعلّق عليها كل مشاكلها".

ويخلص إلى أنّه ليس متفائلا بحصول اتفاق فعلي بين مصر والسودان وإثيوبيا قبل بدء الملء الثاني.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close