الجمعة 19 أبريل / أبريل 2024

لودريان في بيروت.. انجاح المبادرة الفرنسية أم اعتذار الحريري عن التكليف

لودريان في بيروت.. انجاح المبادرة الفرنسية أم اعتذار الحريري عن التكليف

Changed

قبيل انطلاقه من باريس إلى بيروت وضع وزير الخارجية الفرنسي لودريان سقفًا لزيارته وهي إما تشكيل الحكومة أو العقوبات على المعطّلين. 

وصل وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت، الخميس، مسلّحًا بالعقوبات في مهمة جديدة بعد أن فشلت الجهود الفرنسية لإيجاد حل للأزمة حتى الآن، في ظل ارتباط حل الأزمة اللبنانية بملفات سياسية أكبر وأكثر تعقيدًا.

هي زيارة تبدو حاسمة لإحياء عملية تشكيل الحكومة التي تراوح مكانها منذ أشهر. والتقى لودريان، على عجل، رئيس الجمهورية اللبناني العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، فيما التقى مطوّلًا بقادة مدنيين، ملوّحًا بامكانية فرض عقوبات على من سمّاهم "معطّلي تشكيل الحكومة".

والمفارقة أن السياسيين اللبنانيين يعتبرون أن المبادرة الفرنسية "مقبولة"، لكن مع وقف التنفيذ. وقبيل انطلاقه من باريس إلى بيروت، وضع لودريان سقفًا لزيارته وهي إما تشكيل الحكومة أو العقوبات على المعطّلين

"الرمق الأخير"

وأوضح عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر وليد الأشقر أن "لا جديد في زيارة لودريان، ويبدو أن المبادرة الفرنسية تتنفّس الرمق الأخير، ويبدو أن العراقيل التي أدت إلى إفشال المبادرة الفرنسية هي التي أوصلت لبنان إلى الوضع الذي أصبح عليه".

وألقى الأشقر، في حديث لـ"العربي"، اللوم على بعض الأفرقاء، وتحديدًا رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، بتعطيل المبادرة الفرنسية، وإهدار فرص كثيرة لتصحيح الأوضاع في لبنان".

وأوضح أن "التيار الوطني الحر" ما زال "متمسكًا بالمبادرة الفرنسية حتى آخر رمق، بينما طعن الحريري المبادرة منذ بداية تكليفه، حين منح وزارة المالية للطائفة الشيعية وكأنه يمتلك الحقائب الوزارية ويستطيع توزيعها وفقًا لأهوائه".

وأكد أن توزيع الحقائب يجب أن يكون "وفق معايير موحدة، ودون أي استثناء لأي طائفة"، مشيرًا إلى أن "التيار الوطني الحر قدّم كافة التسهيلات الضرورية لتشكيل الحكومة، وأعلن تخليه عن كل الحقائب في مقابل الإصلاحات الاقتصادية والمالية".

ونفى الأشقر أن يكون "التيار قد تحدّث عن الثلث المعطّل"، متهمًا الحريري بـ"اختلاق وهم الثلث المعطّل وتصديق هذا الوهم".

وقلّل الأشقر من إمكانية فرض عقوبات أوروبية على "التيار الوطني الحر"، مؤكدًا أن "التيار"  تبلّغ من وزير خارجية هنغاريا أن العقوبات الأوروبية "ليست قائمة لغياب الإجماع عليها داخل دول الاتحاد"، مشيرًا إلى أن التوجّه الفرنسي الحالي هو فرض "عقوبات فرنسية". 

"المبادرة الفرنسية لم تمت بعد"

من جهته، قال عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل مصطفى علوش إن "هناك سوء فهم مقصود للدستور اللبناني من قبل رئاسة الجمهورية اللبنانية، لناحية آلية تعيين الوزراء"، مشيرًا إلى أن طرف الرئاسة "تخترع شواذات دستورية"، وبالتالي الخروج بشكل كامل عن أي منطق الوطن. 

واعتبر علوش ، في حديث لـ"العربي"، أن المبادرة الفرنسية لم تمت بعد، بدليل زيارة لودريان إلى بيروت في محاولة لإنعاشها"، مضيفًا أن تيار المستقبل "متمسّك بها ليس لكونها مبادرة عظيمة فحسب، بل لأنها المبادرة الوحيدة الموجودة على الساحة اللبنانية". وردًا على كلام الأشقر، قال علوش إن الحريري "يرهن مستقبله السياسي وحتى ماضيه من أجل تشكيل حكومة انقاذية تنتشل البلد من الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعانيه، وهو بالتالي يخوض معركة حياة أو موت". 

وشدّد على أن الحريري "لا يريد الدخول في حكومة تتحكّم بها القوى السياسية ويُمكن أن تعطّلها"، مضيفًا أن رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل هو الذي ينطق بالأمر ونقيضه، ويعتمد الخطاب المزدوج أو خطاب "الدجل".

وإذ أشار علوش إلى أن اعتذار الحريري عن التكليف كان من بين الخيارات المطروحة خلال الأشهر الماضية، لكنّ الخيار استُبعد لصعوبة ادخال لبنان في الفراغ، وتدهور الأوضاع أكثر، "لكن بعد أن سُدّت الآفاق، ووصول البلاد إلى جهنم، كما وعد رئيس الجمهورية، وبعد العناد الذي يمارسه باسيل واحتفاظ باسيل بالحكومة كرهينة، يجري الحريري مشاورات لاتخاذ مثل هذه القرار واعطاء فرصة جديدة، ولكنّها مرتبطة بما يمكن أن تحققه المبادرة الفرنسية".

وشدّد علوش على أن الحريري "لن يبقى صامتًا إلى ما لا نهاية"، مشيرًا إلى أنه "إذا صحا ضمير القابض على التوقيع على تشكيل حكومة انقاذ، يمكن الوصول إلى حكومة تنقذ لبنان، في ظل التوترات الإقليمية التي لا تبشّر بالخير"، آملًا أن لا يكون هناك "رهان على تفاهمات اقليمية جديدة في المنطقة، من أجل أن يطغى على لبنان". 

"إعادة صياغة ما يُسمّى الدولة"

من جهته، قال الكاتب السياسي طارق وهبي، من باريس، إن فرنسا تُشدّد على عودة الأفرقاء الللبنانيين للالتزام بالدستور، وليس للأعراف التي يدعي هؤلاء أنها أقوى من الدستور، مشيرًا إلى أن المبادرة الفرنسية نشأت من "مبادرة سيدر" أي أن الفرنسيين "يسعون إلى إعادة صياغة ما يُسمّى الدولة".  

واعتبر وهبي، في حديث لـ"العربي" أن رئيس الجمهورية ليس رئيسًا لـ"التيار الوطني الحر" بل لكل اللبنانيين، وأن "التيار الوطني الحر" يُمثّل فئة معينة من اللبنانيين فقط، وما يتحدّثون عنه عن "موت المبادرة الفرنسية" لا يُمثّل آراء الأطراف السياسية الأخرى، وبالتالي فلإن من ينعي المبادرة الفرنسية "ينعي الحل الوحيد أمام اللبنانيين حتى الآن". 

وحذّر من أن الأطراف التي تنتظر أن يأتي الحل من ايران أو الولايات المتحدة "سينتظر كثيرًا، وسيشهد موجة انتحار جماعي لأن الشعب لم يعد يحتمل ما وصلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية". 

وأوضح وهبي أن العقوبات الفرنسية "ليست شبيهة بالعقوبات الأميركية التي فرضتها واشنطن على الأشخاص، بدليل أن العقوبات الفرنسية ستطال أشخاصًا يحملون الجنسية الفرنسية، والذين يملكون حسابات مالية في فرنسا أو دول الاتحاد الاوروبي".

وشرح أن العقوبات هي رسالة تحذيرية ستطال شخصيات من "الفئة الثانية" في الأحزاب والأطراف السياسية، وقد تطال بعض الشخصيات من "الفئة الأولى" من الذين يعرقلون التوصّل إلى حكومة. 

وكشف أن يدور الحديث أن من بين المستهدفين بالعقوبات مستشارين في القصر الجمهوري، ومستشارين مقربين من الحريري، ومستشارين مقربين من بري، مشيرًا إلى أن المشكلة في لبنان تكمن في الرئاسات الثلاث. 

وحذّر من أنه في حال لم تعمل الرئاسات الثلاث على إيجاد حل، فإن لبنان "أمام حائط مسدود في ظلّ مخاوف من حرب أهلية، أو التقسيم الجغرافي". 

وقال وهبي إن لبنان بالنسبة لفرنسا "خط أحمر، وهي تسعى لإنقاذ الشعب اللبناني لا الساسة".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close