الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

عزمي بشارة: ما يجري في القدس تصوير رمزي للنكبة.. والسوريون بحاجة لقيادة جامعة

عزمي بشارة: ما يجري في القدس تصوير رمزي للنكبة.. والسوريون بحاجة لقيادة جامعة

Changed

المفكر العربي عزمي بشارة
اعتبر المفكّر العربي عزمي بشارة أن الأنظمة التي تسعى إلى التطبيع مع إسرائيل تفعل ذلك لإرضاء الولايات المتحدة، لكنها تزيد من الفجوة بينها وبين الشعوب العربية
تناول المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة، في حوار خاص مع "تلفزيون سوريا" تطورات الوضع الفلسطيني، كما قدّم قراءة شاملة لمسار الثورة السورية.

أكد المفكّر العربي عزمي بشارة، في لقاء خاص مع "تلفزيون سوريا"، أن خروج الفلسطينيين إلى الشارع أثار تعاطف الشعوب العربية في كل مكان، وهو ما سيؤدي إلى محاصرة "الخط التطبيعي" مع إسرائيل.

وأضاف مدير "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" أن المشكلة، بالنسبة لإسرائيل، ليست الأنظمة بل الرأي العام الرافض للتطبيع معها، وغير المعترف بشرعيتها، باعتبارها مشروعًا استعماريًا استيطانيًا.

واعتبر الدكتور بشارة أن الأنظمة التي تسعى إلى التطبيع مع إسرائيل تفعل ذلك لاعتباراتها الخاصة في الصراعات الإقليمية ولإرضاء الولايات المتحدة عنها داخليًا، لكنها في تحركاتها تلك تزيد من الفجوة بينها وبين الشعوب العربية.

واعتبر أن ما يجري في حي الشيخ جرّاح وسلوان هو تصوير رمزي لـ"النكبة"، مؤكدًا على الأمل الكبير بـ"هذا الجيل من الشباب المقدسي الذي وقف مع أهل البيوت لحمايتهم".

وأكد د. بشارة أن الفلسطينيين في الضفة الغربية جاهزون للخروج ضد الاحتلال، لكنهم يصطدمون باحتمال المواجهة مع السلطة الفلسطينية التي إذا منعت تحركاتهم سيتحول الصدام إلى صدام داخلي مع السلطة وليس مع إسرائيل.

ودعا إلى وضع خطة طويلة المدى لمواجهة تهجير الفلسطينيين من القدس، وعدم الركون إلى محاكم الاحتلال، مشددًا على أن النضال يأتي بنتائج ملموسة، لكنه "يحتاج إلى نَفَس طويل" وإلى من يترجمه إلى إنجازات سياسية وإلى مؤسسات وتنظيمات.

وفي الشأن السوري، قدم د. بشارة قراءة في تحولات الوضع في سوريا، على صعيدَي النظام والمعارضة على حد سواء، بعد عشر سنوات على الثورة.

وإذ أكد على "الموقف البديهي" في تأييد الشعب السوري في وقوفه ضد النظام، رأى أن الثورة السورية كانت شعبية سلمية مدنية في بدايتها، وأدرك النظام خطورة هذا الأمر، لذلك استخدم هذا الكم الهائل من العنف في قمعها، ليدخل عنصر جديد على الثورة، معتمدًا على السلاح تحت شعار حماية المتظاهرين.

وأبدى د. بشارة أسفه لأن هذه "الثورة العظيمة" التي قدّمت هذا العدد من الضحايا، فشلت في تقديم بديل سياسي ديمقراطي.

وأكد أن النظام السوري غير قادر على الحكم، ولم ينجح في استعادة الشرعية الدولية، على الرغم من المحاولات الروسية المتكرّرة للدفع إلى إعادة العلاقات مع سوريا، وتوجّه بعض الدول العربية إلى التطبيع مع النظام وكسر الحظر الدولي المفروض عليه.

وأشار إلى أن النظام نجح في إقناع حليفَيه، الروسي والإيراني، بأن يقبلا ببقائه مع غياب البديل المناسب بالنسبة إليهما، مستبعدًا تخليهما الآن عن الأسد في غياب أي سبب يدعوهما إلى ذلك.

ورأى د. بشارة أن الانتخابات الرئاسية "الصورية" المقبلة لن تقدم ولن تؤخر، بل هي مجرد إعادة تدوير للوضع القائم. واعتبر أن الملف السوري ليس ضمن أولويات الإدارة الأميركية حاليًا، مؤكدًا في الوقت نفسه على إمكانية حدوث تغيير في أي وقت مع أي تطور يطرأ على العلاقات الأميركية الروسية أو الأميركية الإيرانية.


فلسطين والتضامن مع "الضحية المقاومة"

أكد المفكّر العربي عزمي بشارة أن قضية فلسطين هي آخر قضية استعمارية في العالم، ولها وزن معنوي عند شعوب جنوب الكرة الأرضية، كما أن للقدس وزنًا معنويًا أيضًا عند المسلمين والمسيحيين.

واعتبر مدير "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" أن المشكلة، بالنسبة لإسرائيل، ليست الأنظمة بل الرأي العام الرافض للتطبيع معها، وغير المعترف بشرعيتها، باعتبارها مشروعًا استعماريًا استيطانيًا.

وأوضح أن إسرائيل لم تقم بما يسمح بشرعنتها لدى الرأي العام؛ كأن تقبل بمبادرة السلام العربية أو بتسويات أو حلول فيها حد أدنى من العدالة النسبية، بحيث يتغير موقف الرأي العام في العالم العربي تجاهها.

واعتبر د. بشارة أن الأنظمة التي تتحرك لعقد صفقة مع الولايات المتحدة، مقابل التطبيع مع إسرائيل والتخلي عن القضية الفلسطينية، تفعل ذلك لاعتباراتها الخاصة في الصراعات الإقليمية ولإرضاء الولايات المتحدة عنها داخليًا، لكنها في تحركاتها تلك تزيد من الفجوة بينها وبين الشعوب العربية.

وشدد على أن الشعوب العربية غير مهتمة بإرضاء الولايات المتحدة، ولديها أولويات أخرى، وبذلك لم يتغير موقفها من إسرائيل.

ونبّه د. بشارة إلى أن الناس يتضامنون مع "الضحية المقاومة" أو "الضحية الفاعلة"، ولذلك حين يتحرك الفلسطينيون يتحرك الناس معهم، مشيرًا في هذا السياق إلى التعاطف الغربي مع الفلسطينيين على مستوى الرأي العام.

حي الشيخ جراح تصوير رمزي لـ"النكبة"

وتوقف د. بشارة عند الشائعات والتبريرات "المعيبة" التي تنشر  كلما حاول نظام عربي تطبيع علاقاته مع إسرائيل، وهو ما حدث في أيام كامب ديفيد حيث تم التجريح بالفلسطينيين ولوم الضحية. لكنه لفت إلى أن تبرير التقاعس والتقرب من إسرائيل في السنوات الأخيرة بلغ "مستويات عجيبة".

واكتفى بالردّ على هذه التبريرات بالتذكير بأن اليهود كانوا يمثلون 8 في المئة فقط من أرض فلسطين، عند "النكبة"، فيما كان الفلسطينيون يمتلكون 92 في المئة من الأرض. وأضاف أن الشعب الفلسطيني ظل متمسكًا بأرضه وشُرِّد منه بالمذابح والمجازر التي يزيد عددها عن 100 مجزرة.

وتحدث د. بشارة عن تاريخ الكفاح المسلح الفلسطيني والانتفاضتَين الأولى والثانية، وصولًا إلى ما يجري الآن في القدس، حيث التماس المباشر مع الاحتلال، وحيث المقاومة مستمرة طوال السنوات السابقة وفي كل المناسبات.

لا تمتلك السلطة الفلسطينية استراتيجية صدامية مع الاحتلال، لكنها إن أرادت أن تحظى باحترام موقعها فعليها "أن تشعل أكثر من ضوء أحمر لنتنياهو"

واعتبر أن ما يجري في حي الشيخ جرّاح وسلوان هو تصوير رمزي لـ"النكبة"، حيث يجري اقتلاع الناس من بيوتهم وإحلال مستوطنين مكانهم، مؤكدًا على الأمل الكبير بـ"هذا الجيل من الشباب المقدسي الذي وقف مع أهل البيوت لحمايتهم".

ولفت إلى أن أغلب المنتفضين في القدس ولدوا بعد اتفاقيات أوسلو؛ ما يؤكد أن كل جيل فلسطيني هو أكثر تمسكًا بحقوق الشعب الفلسطيني، وأكثر جاهزية للنضال والدفاع عن الأرض.

السلطة الفلسطينية والصدام مع الاحتلال

وأكد د. بشارة أن الفلسطينيين في الضفة الغربية جاهزون للخروج ضد الاحتلال؛ لكنهم يصطدمون باحتمال المواجهة مع السلطة الفلسطينية التي إذا منعت تحركاتهم، سيتحول الصدام إلى صدام داخلي معها وليس مع إسرائيل.

ولفت إلى أن القضية تتعلق أساسًا باستنتاجات السلطة من فشل "أوسلو"، حيث أبقت على التنسيق الأمني مع إسرائيل في ظروف تخلت فيها الأخيرة عن جميع التزاماتها.

واعتبر أن السلطة الحالية لا تمتلك استراتيجية صدامية مع الاحتلال، لكنها إن أرادت أن تحظى باحترام موقعها، باعتبارها قائدة للشعب الفلسطيني، وأن تبعث القضية الفلسطينية من جديد باعتبارها قضية تحرر وطني، فعليها "أن تشعل أكثر من ضوء أحمر لنتنياهو".

وشدد بشارة على أن أي مواجهة تُقدم عليها السلطة الفلسطينية مع إسرائيل، ستؤدي إلى خسارة الاحتلال، وستكون لصالح الشعب الفلسطيني.

ترجمة النضال الفلسطيني إلى مؤسسات سياسية

ودعا د. بشارة إلى وضع خطة طويلة المدى لمواجهة تهجير الفلسطينيين من القدس، تقوم بها مؤسسات وتنظيمات وأجهزة مثل السلطة الفلسطينية، وعدم الركون إلى محاكم الاحتلال التي هي في نهاية الأمر جهاز يعمل بموجب القانون الإسرائيلي المعد لمصادرة الأرض وتهويدها.

وحذّر من أن "للإسرائيليين نفسًا طويلًا"، وهم سينتظرون إلى أن تهدأ الأمور للعودة إلى مصادرة البيوت، لافتًا إلى أن نتنياهو قلق مما يجري في القدس، وأن الحكومة الإسرائيلية تستطيع أن تلجم الجمعيات الاستيطانية بقرارات إدارية "إذا دفعت الثمن".

واستغرب، في هذا الإطار، الرهان على وثائق الملكية والمحكمة الإسرائيلية في مواجهة ما يحدث، مؤكدًا "أن الشعب الفلسطيني يشير إلى الطريق ويقدم البديل".

يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تطويق القدس العربية من جميع الجهات، وإلى تحويل العرب في المدينة إلى أقلية في أحياء صغيرة

وأكد د. بشارة على أن النضال يأتي بنتائج ملموسة، فهو أزال البوابات الحديدية من الأقصى، وأجبر الاحتلال على التراجع عن قراره المتعلق بباب العامود، كما سبق وأوقف الاستيطان طيلة الانتفاضة الأولى. لكنه نبّه، في المقابل، إلى أن النضال يحتاج إلى نَفَس طويل وإلى من يترجمه إلى إنجازات سياسية وإلى مؤسسات وتنظيمات، مشيرًا إلى خطة لدى الاحتلال لتطويق القدس العربية من جميع الجهات، وتحويل العرب في المدينة إلى أقلية في أحياء صغيرة.

وشدد على ضرورة عدم التراجع عن النضال ومواجهة الخطة، وإلا فالعودة إلى الاستيلاء على المنازل، معتبرًا أن لدى الشعب الفلسطيني الجاهزية لذلك، وكل ما يحتاجه الأمر هو استماع السلطة لصوت الشارع.

وحول الموقف الأميركي، لفت د. بشارة إلى أن إدارة بايدن ليست متفقة مع سياسة ترمب في القدس، لكن تطبيع بعض الدول العربية لعلاقاتها مع إسرائيل جعل من الصعب الضغط على الإدارة الأميركية لمراجعة تحالفها غير المشروط مع إسرائيل وانحيازها المطلق لها.

لكن في المقابل، أكد على أن "الأمور تتغير عندما تتحرك الشعوب"، مشيرًا إلى أن الإدارة الأميركية اضطرت في بعض الحالات إلى التخلي عن حلفائها حين تحركت الشعوب العربية عام 2011.

سوريا.. الثورة وغياب القيادة السياسية

وفي الشأن السوري، أكد د. بشارة أن الثورة السورية كانت شعبية سلمية مدنية، وأدرك النظام خطورة هذا الأمر، لذلك استخدم هذا الكم الهائل من العنف في قمعها، وعمد إلى إزاحة قادة الانتفاضة المدنيين السلميين، من خلال القتل أو السجن أو النفي، في أول عامين من الثورة.

واعتبر أن النشاط المدني خلال الثورة كان "أمرًا مشرقًا"، لكن حين "صفّى" النظام هذه القيادات المدنية، دخل عنصر جديد على الثورة، معتمدًا على السلاح تحت شعار حماية المتظاهرين. لكن الأمر بدأ بالتوسّع لتتحوّل الفصائل المسلحة إلى ظاهرة قائمة بحد ذاتها لا تخضع لأحد، وبدأت الصراعات فيما بينها على التسلّح، إضافة إلى الدعم الخارجي، فنشأت ظاهرة أمراء الحرب، ثم ظاهرة أكثر خطورة وأكثر تنظيمًا، هي ظاهرة الفصائل الإسلامية المتطرّفة، ذات الامتداد الإيديولوجي الأوسع من الداخل السوري.

عبرنا الآن من مرحلة الثورة إلى مرحلة القضية السورية، لكن الصراع ما زال مفتوحًا، فالنظام لم يعد قادرًا على الحكم ولن يتمكن من الانتصار على المدى المتوسط

وأشار د. بشارة إلى "تشتت غير طبيعي في عدد الفصائل وتنافسها"، في غياب استراتيجية موحّدة وقيادة سياسية، مبديًا أسفه لأن هذه الثورة "العظيمة التي قدّمت هذا العدد من الضحايا، فشلت في تقديم بديل سياسي ديمقراطي واستراتيجية ضدّ التدخّلات الدولية".

في المقابل، اعتبر د. بشارة أن طبيعة النظام تغيّرت مع تغير النخب والتحالف الحاكم، مؤكدًا أنه "لم يعد للحزب أي قيمة في النظام، حيث أصبح وزن الميليشيات المسلحة التي قمعت الثورة تحت أسماء وعناوين مختلفة أكبر من الحزب".

وإذ أوضح أن هذه الميليشيات تبتزّ النظام ولديها مطالب، لأنها ضحّت من أجله، أشار إلى أن الجيش أيضًا تغيّرت طبيعته ولم يعد كما كان، وزادت أهمية الأسرة والفرد، والأهم "أن النظام لم يعد يسيطر على سوريا".

العبور من الثورة إلى القضية

واعتبر د. بشارة أن الجميع خسر في سوريا، حيث تحوّلت الثورة في النهاية إلى صدام داخلي يُشبه الحرب الأهلية، لا سيما عندما عمد النظام إلى تسليح قاعدته الشعبية.

وأضاف: "عبرنا الآن من مرحلة الثورة السورية إلى مرحلة القضية السورية"، لكنه أكد أن الصراع ما زال مفتوحًا، وأن النظام لن يتمكن من الانتصار على المدى المتوسط.

وأشار إلى أن النظام السوري غير قادر على الحكم، ولم ينجح في استعادة الشرعية الدولية، على الرغم من المحاولات الروسية المتكرّرة للدفع إلى إعادة العلاقات مع سوريا، وتوجّه بعض الدول العربية إلى التطبيع مع النظام وكسر الحظر الدولي المفروض عليه.

وتحدّث د. بشارة عن دور كبير للسوريين في المنفى في الدفع إلى ذلك الحظر الدولي، حيث شكّلوا لوبيات حقيقية وفاعلة لدعم الشعب السوري، مضيفًا أن الشتات السوري قادر على لعب دور أكبر في التحوّل إلى "جاليات منظّمة قد تُشكّل قاعدة للتأثير على السياسة الدولية ودعم القضية السورية".

القيادات السورية والفصائل المسلحة

وأوضح د. بشارة أن القيادات السورية في الخارج طرحت بديلًا ديمقراطيًا، لكنها لم تمتلك نفوذًا على الفصائل المسلّحة بأشكالها كافة (النصرة وداعش وغيرها من الفصائل المسلّحة)، والتي كانت تقترح "بديلًا مخيفًا للغرب وللسوريين وللعرب".

وأضاف أن المعارضة السورية كانت تعوّل على قيام الدول الغربية بحماية المدنيين، لكن تبيّن أن الأمر مجرّد وهم، بدليل أن المجتمع الدولي أحجم عن حماية المدنيين من "البراميل المتفجّرة".

واعتبر أن "غرف العمليات المشتركة" نشأت لإخضاع الفصائل المسلّحة للسيطرة الإقليمية، أكثر من السعي للانتصار على النظام، مضيفًا أن كل القوى "أخطأت بالتدخّل في سوريا التي تحوّلت إلى ساحة لصراعات نفوذ، وتحوّلت عملية ضبط الفصائل المسلّحة إلى عملية تجارة أسلحة".

النظام السوري بين إيران وروسيا

وأشار د. بشارة إلى أن النظام نجح في إقناع حليفتَيه، روسيا وإيران، بأن تقبلا ببقائه مع غياب البديل المناسب بالنسبة إليهما.كما أن إبقاء بشار الأسد في الحكم هو المؤشر الأساسي لنفوذهما وفرض إرادتهما في سوريا.

واعتبر أن الأسد هو الحل للتناقض القائم بين الإيرانيين والروس في سوريا؛ حيث يختلف الطرفان في أهدافهما لكنهما يتفقان على مسألة إبقاء بشار الأسد، فمن أجل ذلك دخلت الدولتان إلى سوريا، ووجوده هو الضمان لنفوذهما فيها، مضيفًا أن الأسد "نجح في هذه اللعبة لكنه باع البلد".

واستبعد د. بشارة تخلي إيران وروسيا عن الأسد في غياب أي سبب يدعوهما إلى ذلك، مؤكدًا أنه "لا يستشفّ الآن وجود أي تحرك لتركيا وإيران وروسيا والولايات المتحدة، الدول الأربعة التي تتحكم بمناطق في سوريا، باتجاه حل قد يكون ثمنه رحيل بشار الأسد".

الانتخابات "الصورية" والموقف الدولي

واعتبر د. بشارة أن الانتخابات الرئاسية "الصورية" التي ستجري قريبًا لا تقدم ولا تؤخر، بل هي مجرد إعادة تدوير للوضع القائم، مشيرًا إلى أن النظام يعرف "أن ما يقوم به تمثيلية، ويعرف أن الناس يعرفون ذلك ومع ذلك يفرض هذه اللعبة".

وتوقّف عند الموقف الدولي مما يجري في سوريا، مشيرًا إلى أن أحدًا لا يعتبرها على رأس سلم الأولويات. وشدّد د. بشارة على أن "التغيير في سوريا يحتاج إلى من يفرضه، ولن يكون ذلك لا بانتخابات ولا بمفاوضات"، معتبرًا أن أي تغيير مقبل سيواجه مشكلة إعادة جمع أمة المواطنين السوريين.

تبحث الدول الغربية عن جماعة مستقلّة ذات كرامة سياسية وطنية، ترفض الإملاءات والتبعية، للتعامل معها لحلّ الأزمة السورية

واعتبر د. بشارة أن حديث النظام عن البديل الديني والخطاب الطائفي الذي انتهجه لتخويف الأقليات انتهى، بعد أن أدرك الكثيرون خطورته، وبات الآن لزامًا على السوريين الساعين إلى مستقبل ديمقراطي أن يفهموا أن هناك تناقضات في قواعد النظام السوري، ويجب أن يستفيدوا من هذه التناقضات لحشد المؤيدين لمسعاهم.

الكيانات السياسية ووحدة الهوية السورية

وعن وحدة الهوية السورية في ظلّ ظهور القوميات، قال د. بشارة: "القضية الكردية صُدّرت إلى سوريا، وإن كانت هناك قضية كردية في سوريا"، مشيرًا إلى أن القضية الكردية هي على سلم أولويات الاهتمام التركي في سوريا، رغم تغير التحالفات داخل النظام السياسي التركي".

واعتبر أن من الضروري احترام "قضية الأكراد في سوريا، ويجب أن تكون لديهم إدارة ذاتية، لكن الأغلبية في سوريا هي أغلبية عربية، وعروبتهم هي الضامن الوحيد لتماسكهم من التفكّك الطائفي".

وتوجّه إلى المعارضين في سوريا قائلًا: "هناك خطر في أن تتحوّل الكيانات السياسية في شمال شرق سوريا، بما فيها حركة "قسد" إلى كيانات ثابتة، وأن تُهمّش المعارضة السورية، إذا لم تُسارعوا إلى إقامة مظلّة جامعة للسوريين، تتجاوز هذه الكيانات التي قد تترسّخ لأسباب جيوسياسية، وتُصبح هي المرجع الذي تعود إليه الدول التي تنوي التدخّل في سوريا، وبالتالي تغيب قضية الشعب السوري".

إقامة تنظيم جامع يمثل الشعب السوري

وأكد د. بشارة على أهمية تنظيم الشعب السوري في إطار قيادة سياسية واجتماعية هدفها وحدة الشعب السوري، وإقامة نظام ديمقراطي تعدّدي، بالإضافة إلى عقد مؤتمر سوري عام، وإقامة تنظيم جامع للسوريين في الخارج، بذراع مالي ولجان تنظيمية، يكون هو الممثل الشرعي للشعب السوري الذي تتعامل معه الدول الغربية.

وأكد أن الدول الغربية تبحث عن جماعة مستقلّة ذات كرامة سياسية وطنية وترفض الإملاءات الدولية والتبعية لأجهزة الاستخبارات الدولية، للتعامل معها لحلّ الأزمة السورية.

وإذ أوضح أن واشنطن ملتزمة بالحظر على سوريا، أشار د. بشارة إلى أن الإدارة الأميركية لا تُشجّع أي دولة على إعادة تطبيع العلاقات مع النظام، لكنها لا تمنع أي دولة من ذلك.

وشدّد د. بشارة على أن الملف السوري ليس ضمن أولويات الإدارة الأميركية، وأن الرئيس جو بايدن يتعامل معه باعتباره قضية إنسانية، لكنه أكد في المقابل، أن تغيرًا قد يحدث في أي وقت مع أي تغيير يطرأ على العلاقات الأميركية الروسية أو الأميركية الإيرانية، وعلى الشعب السوري أن يكون مستعدًا لذلك من خلال توحيد الصفوف والقيادة.

شارك القصة

تابع القراءة
Close