الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

"تحوّل في المجتمع الإيراني".. أي تغيير سيحدثه رئيسي في الداخل والخارج؟

"تحوّل في المجتمع الإيراني".. أي تغيير سيحدثه رئيسي في الداخل والخارج؟

Changed

أمام رئيسي معادلة صعبة تفرض عليه الجمع بين سياسة التيار المحافظ الحريص على حضور طهران في المنطقة، وما تقتضيه المرحلة من تحصين العلاقات مع الجوار.

وسط عزوف عن التصويت في ساعاته الأولى، ودعوات من أعلى رأس السلطة لإنقاذ الاستحقاق الانتخابي، والتوجّه إلى صناديق الاقتراع، فاز المرشح إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية ليخلف بذلك الرئيس حسن روحاني الذي قاد البلاد لولايتين متتاليتين.

وأصبح رئيسي الرئيس الثامن لإيران بعد فوزه بانتخابات نافس فيها ثلاثة مرشحين وانسحب منها وأبعِد عنها مرشحون آخرون صدحت خلالها أصوات شعبية وحزبية منادية بمقاطعة استحقاق لن يؤدي إلى تغييرات في ظل العقوبات الاقتصادية التي ترزح تحتها البلاد حسب رئيسهم.

فما دلالات فوز رئيسي والمحافظين بانتخابات الرئاسة في البلاد؟ وأي تغيير سيُحدِثه الرئيس الجديد في الداخل الإيراني وعلى صعيد التيارات السياسية؟ وما هي ملامح سياسة رئيسي الخارجية تجاه الغرب والإقليم؟ وأي منحى ستأخذه المفاوضات من أجل الحصول على اتفاق نووي مع الولايات المتحدة؟

"معادلة صعبة" أمام إبراهيم رئيسي

يبدو أنّ الاقتصاد سيشكّل أولى تحديات الإدارة الجديدة، فالإيرانيون يريدون تغييرًا سريعًا وملموسًا لوضع معيشيّ خانق فاقمته العقوبات الأميركية المفروضة على البلاد منذ عام 2018 وتداعيات جائحة كورونا.

كما أنّ على حكومة رئيسي الحدّ من التوترات الداخلية والحزبية والعمل على كسب ثقة الإيرانيين ليسهل عليها العمل على الواجهة الخارجية.

وفي سياق آخر، أمام الرئيس الجديد معادلة صعبة تفرض عليه الجمع بين سياسة التيار المحافظ الحريص على حضور طهران السياسي في المنطقة وما تقتضيه المرحلة من تحصين العلاقات مع دول الجوار لا سيّما دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

كما أنّ ملفات أخرى دولية على حكومة رئيسي المقبلة حسمها، على رأسها مفاوضات العودة للاتفاق النووي في فيينا، والعلاقة مع الغرب ولا سيما الولايات المتحدة التي أبدت رغبتها في إبرام صفقة قبل تولي الرئيس الجديد مهامه

 إلا أنّ أيّ نهج ستختاره إدارة رئيسي في سياستها الخارجية يبقى رهينة المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية وفق دستور البلاد، فقضايا إيران الخارجية هي ملفات استراتيجية لا تخرج أدوات إدارتها عن الثوابت السيادية لطهران.

"تذمّر شعبي" من حكومة روحاني

يرى الأكاديمي والباحث المتخصّص في العلوم السياسية حسن أحمديان أنّ عدة عوامل وأسباب في الداخل والخارج أسهمت في فوز رئيسي في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الجمعة الماضي.

ويوضح أحمديان، في حديث إلى "العربي"، من طهران، أنّ العامل الأهم يبقى الحيّز الاقتصادي الذي غلب على اهتمامات القاعدة الجماهيرية التي صوّتت في الانتخابات.

ويشير إلى أنّ هذا الحيّز أحدث تغييرات هائلة في ظل العقوبات القصوى الأميركية وفي ظل تعثر برامج الرئيس روحاني في حقبته الثانية، وهو ما أثار انتقادات كثيرة وتذمّرًا شعبيًا كبيرًا ضد الحكومة.

ويعرب عن اعتقاده بأنّ الخطاب المنافس لحكومة روحاني الذي يركز على القدرات الذاتية في بناء الاقتصاد وحل القضايا المعيشية أخذ قبولًا أكبر، وبالتالي فإنّ المرشح الأبرز لهذا الخطاب المنافي للخطاب السابق الذي كان يركز على العلاقات الدولية بابًا لحل القضايا الاقتصادية هو الذي انتصر في هذه الانتخابات بشخص رئيسي.

"انقلاب" بعد دورتين متتاليتين لأي رئيس

من جهته، يعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران حسين رويوران أنّ الناس صوّتت ضد روحاني أكثر ممّا صوّتت لصالح رئيسي.

ويوضح رويوران، في حديث إلى "العربي" من طهران، أنّ مرشحي التيار الإصلاحي أنفسهم كانوا من المنتقدين للأداء الحكومي لروحاني رغم أنّ كلا الرجلين كان جزءًا من حكومة روحاني في مرحلة ما.

وانطلاقًا من ذلك، يشير إلى أنّ أداء روحاني لعب دورًا، لكنّه يتحدّث في الوقت نفسه عن "سلوك اجتماعي" يتجلى في الانتخابات، شارحًا ذلك بالقول: "الإيرانيون صوّتوا لهاشمي رفسنجاني المحافظ، وبعدها خاتمي الإصلاحي، وبعدها أحمدي نجاد المحافظ، وبعدها روحاني الإصلاحي المعتدل".

ويضيف: "بشكل أو بآخر هناك حالة انقلاب إن صحّ التعبير بعد الدورتين المتتاليتين لأي رئيس"، ويرى أنّ هذا السلوك الاجتماعي "ثابت بعض الشيء"، وقد كرّسته الانتخابات الأخيرة إضافة إلى كل العوامل الأخرى التي ذُكِرت.

تحوّلات في المجتمع الإيراني

أما الباحثة المتخصصة في الشأن الإيراني فاطمة الصمادي فتعتبر أنّ نتيجة الانتخابات لم تأتِ بعيدًا عن التحولات التي شهدها المجتمع الإيراني.

وتوضح الصمادي، في حديث إلى "العربي"، من الدوحة، أنّ "الكتلة التي صوتت لرئيسي هي الكتلة الأصولية وهي كتلة صلبة وملتزمة عقائديًا"، مشيرة إلى أنّ 90% من الذين صوتوا لرئيسي هم من المنتمين للتيار الأصولي، وبالتالي فهم ملتزمون بقرار التيار.

لكنّها تطرح في الوقت نفسه علامات استفهام بشأن الإحجام عن التصويت والإحجام عن دعم مرشح قال محمد خاتمي الذي يُعتبَر أحد وجوه التيار الإصلاحي وقادته أن صوّتوا له. وترى ذلك بمثابة ردّ فعل؛ "وكأن الجماهير الإصلاحية تخلت عن القيادات الإصلاحية وقالت لها: لا".

هل يبتعد الإيرانيون عن الثنائيات التقليدية؟

وترى الصمادي في ذلك تعبيرًا عن "تحول في المجتمع الإيراني، وكأنّ المجتمع الإيراني الآن يتحرّك بعيدًا عن هذه الثنائيات الإصلاحية والأصولية".

وتلفت إلى أنّ هذا الأمر ليس مستجدًا، مشيرة إلى أنّها "لا تعتقد أن أحمدي نجاد هو رئيس أصولي وإن كان قد استخدم حصان الأصوليين للوصول"، كما أنّها لا تعتبر روحاني إصلاحيًا، وإنما أقرب إلى الأصولي المعتدل.

وفي مطلق الأحوال، تشدّد الصمادي على أنّ هذه الانتخابات علامة فارقة على تحولات المجتمع الإيراني، وربما تحمل رسائل مهمة جدًا لرئيسي إن أراد أن ينجح وأن يحقق بصمة بصفته رئيسًا جاء بعد جدل كبير بشأن مجلس صيانة الدستور وطريقة المصادقة على المرشحين، إضافة إلى المسألة الاقتصادية وطريقة مكافحة الفساد الذي سبق أن تحدث عنها.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close