الأربعاء 27 مارس / مارس 2024

مؤتمر "برلين 2" يسدل الستار: لا لتأجيل الانتخابات ونعم لإخراج المرتزقة

مؤتمر "برلين 2" يسدل الستار: لا لتأجيل الانتخابات ونعم لإخراج المرتزقة

Changed

تُطرَح تساؤلات حول ما إذا كان مؤتمر "برلين 2" أتى فعلًا بالجديد لليبيين، أم شكّل مجرد تدوير للأزمة في ظل غياب توافق حقيقي لدى الفاعلين الدوليين.

اختتم مؤتمر برلين 2 بشأن الأزمة الليبية أعماله برسائل واضحة، عنوانها: "لا لتأجيل الانتخابات المزمع إجراؤها نهاية العام، ونعم لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب دون تأخير".

وبحضور وزراء خارجية الولايات المتحدة وتركيا ودول عربية وغربية أخرى، أكد المجتمعون في العاصمة الألمانية برلين دعم المسار السياسي في ليبيا، من دون تدخّل في الشؤون الداخلية للبلد.

إزاء ذلك، تُطرَح تساؤلات بالجملة حول ما إذا كان مؤتمر "برلين 2" أتى فعلًا بالجديد لليبيين، أم شكّل مجرد تدوير للأزمة في ظل غياب توافق حقيقي لدى الفاعلين الدوليين.

هل تتزحزح القوات الأجنبية من مقاعدها؟

رغم الإيجابية التي انتهى إليها المؤتمر، يشكّك كثيرون في تحقّق هدف انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة سريعًا، لا سيما وأنّ هذه القوات لم تتزحزح من مقاعدها سواء أكانت في الشرق أم في الغرب منذ مؤتمر برلين الأول قبل عام ونيّف.

أكثر من ذلك، فإنّ هذه القوات ترى فيها أطراف ليبية ضمانًا من الإقصاء والتهميش من أي معادلة سياسية، علمًا أنّ الهواجس نفسها ظلّت قائمة حتى بعد تشكيل حكومة الوحدة الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، حيث إنّ البلاد لم تخرج من غرفة العناية.

ويبرز في هذا السياق اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي ارتبط اسمه بقوات فاغنر الروسية، لا سيّما أنّه يريد تأمين موقع له في الخريطة السياسية الجديدة، التي شاءت الإرادات الدولية والإقليمية أن ترسمها بعد مرور عقد على النزاع الذي كاد يحرق الأخضر واليابس. في المقابل، يرى الغرب الليبي المتوجّس من حفتر في القوات التركية عنصر موازنة مع الشرق.

وفي ظلّ هذا الجليد من غياب الثقة بين أطراف النزاع، لفت الانتباه طلب رئيس حكومة الوحدة الوطنية الدعم من المؤتمرين لإزالة عقبات السلام عن بلاده. لكنّ المفارقة أنّ بعض المشاركين في المؤتمر هم من وضع تلك العقبات التي يطالبهم الدبيبة بزحزحتها اليوم.

أي انتخابات يريد الليبيون؟

يرى وزير التخطيط السابق في ليبيا عيسى التويجر أنّ ما تحقق اليوم هو مجرد تأكيد على ما تمّ التصريح به في عدة مناسبات سواء من المسؤولين الأميركيين أو من كل الأطراف التي تعد دائمًا بدعم المسيرة السياسية.

ويشير التويجر، في حديث إلى "العربي"، من طرابلس، إلى أنّ هذه الأطراف نفسها تدعم في الواقع الأطراف المتصارعة في ليبيا، وبالتالي تسهم في عدم قدرتها على الوفاق الحقيقي الذي سيؤدي إلى نتائج حقيقية على الأرض.

وفيما يلفت إلى تكهنات بطلب بعض الأطراف بتأجيل الانتخابات، يلاحظ أنّ البيان الختامي لمؤتمر "برلين 2" أكد إصرار المجتمعين على إجراء الانتخابات في موعدها، إلا أنّه يكشف عن وجود العديد من العقبات على أرض الواقع.

ويشدّد على أنّ الليبيين يريدون انتخابات تؤدي إلى استقرار حقيقي وليس إلى عودة حكم الديكتاتورية أو التسلل من خلال الانتخابات إلى كرسي الحكم من قبل الذين ينوون حكم ليبيا بقوة.

موقف ألماني جديّ يسعى لحلّ الأزمة الليبية

من جهته، يرى مدير المركز المغاربي للأبحاث رشيد خشانة أن اجتماع اليوم يتوّج مرحلة من عملية برلين التي بدأت قبل عام ونصف، مشيرًا إلى أنّه كان ضروريًا أن تكون هناك محطة لمراجعة ما الذي تحقق وما الذي لم يتحقق.

وينوّه خشانة، في حديث إلى "العربي"، من تونس، بالإشراف الألماني على العملية، موضحًا أنّه "خلافًا لبعض الدول الأوروبية الأخرى غير الجدية في الموضوع الليبي على الأقل، هناك موقف ألماني جدّي ويسعى إلى إيجاد حل سلمي للقضية في ليبيا".

ويعلّل ذلك بوجود مصالح أوروبية وألمانيّة بوقف تدفق المهاجرين من الضفة الجنوبية للمتوسط، مشيرًا إلى أنّ الدول الأوروبية تدرك أنّه لا بد من حل الأزمة في ليبيا لكي يتيسر السيطرة على ملف الهجرة.

ويعتبر أنّ أول الأهداف التي تحقّقت في المؤتمر هو أنّ حكومة الدبيبة حصلت على دعم دولي لأنها اجتمعت في هذا المكان واستُمِع إليها بصفتها ممثلة لليبيا كلها.

أما الرابح الثاني، برأي خشانة، فهي ألمانيا التي أوصلت أيضًا رسالتها واستطاعت أن تقود مجموعة المهتمين بالشأن الليبي حول أهداف واضحة وهي إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا.

أين الجدول الزمني الملموس للمرحلة المقبلة؟

أما الصحافي المتخصص في الشأن الليبي ميركو كيلبيرث، فيرى أنّ ما تحقّق في مؤتمر "برلين 2" لا يعدو كونه إعادة تأكيد على المواقف السابقة من أجل الضغط على الفصائل المتحاربة في ليبيا.

ويشير كيلبيرث، في حديث إلى "العربي"، من برلين، إلى أنّ الكل يعرف بأن هذه الحرب قد تعود لتنشب مرّة أخرى، وأنّ نقص التنسيق للتعامل مع قضية المرتزقة قد يتحول إلى صراع آخر إذا ما رفض أي من الأطراف الانسحاب.

ويلفت في هذا السياق إلى أنّ تركيا قالت بأنها ستحافظ على وجود قواتها الرسمية على الأرض، مشيرًا كذلك إلى الموقف الروسي، وإلى أنّ نائب الرئيس الروسي جاء متأخرًا ولم يتحدث كثيرًا حول الوجود غير المرئي لخبراء أو مقاتلي مجموعة فاغنر.

ويخلص إلى أنّ مؤتمر برلين الثاني هو إعادة التأكيد على ما سبق من أجل المضيّ في تجنّب صراع آخر، ملاحظًا أنّه لا يوجد جدول زمني ملموس لانسحاب القوات الأجنبية، ولمسار الانتخابات.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close