الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

الحكومة الجزائرية الجديدة.. هل "تصمد" أمام التحديات الكبرى؟

الحكومة الجزائرية الجديدة.. هل "تصمد" أمام التحديات الكبرى؟

Changed

مع أنّ الحكومة، في شكلها وتركيبتها، لا تختلف كثيرًا عن سابقاتها، إلا أنّ السلطات تقول إن مضمونها وأهدافها مغايرة، وعلى رأسها ضخ نفس جديد في العملية السياسية.

مع الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة في الجزائر بأكثر من 30 وزيرًا، يغلب عليها التكنوقراط والوزراء السابقون، تُطرَح علامات استفهام عن التغيير الذي تحمله معها، ومدى قدرتها على مواجهة التحديات الكثيرة الملقاة على عاتقها.

ومع أنّ هذه الحكومة، في شكلها وتركيبتها، لا تختلف كثيرًا عن سابقاتها، إلا أنّ السلطات تقول إن مضمونها وأهدافها مغايرة، وعلى رأسها ضخ نفس جديد في العملية السياسية وتجاوز الأزمة الاقتصادية.

وتصرّ السلطة على أنّ التشكيلة الحكومية الجديدة بطاقة تعريف لما تصفها بالجزائر الجديدة وترجمة لنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، وأنّها ستعمل على إنقاذ الاقتصاد وإعادة الاستقرار للسياسة.

وفي حين تصوّر السلطة هذه الحكومة على أنّها قوة دفع تحاول سحب البلاد إلى الأمام، ولو أنّها مثقلة بتركة جرت الجزائر سنوات إلى الخلف، يبدو أنّ هذا الطموح محل تشكيك المعارضة ونشطاء الحراك.

إزاء ذلك، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام حول كيفية قراءة التشكيلة الحكومية الجديدة، والتحديات التي ستتصدّى لها، وكيف ستتعامل مع الحراك ومع الضائقة الاقتصادية المتفاقمة في الجزائر.

"لسنا أوصياء على الشعب الجزائري"

يرى القيادي في جبهة التحرير الوطني أسامة عماني أنّ جموع الجزائريين الذين خرجوا في الحراك المبارك الأصيل يوم 22 فبراير/شباط وصدحت حناجرهم بمطالب التغيير أرادوا القطيعة مع الفساد ومع الممارسات السلطوية.

ويشير عماني، في حديث إلى "العربي"، من الجزائر، إلى أنّ الدستور الجديد الذي صادق عليه الجزائريون من خلال استفتاء شعبي، جاء ليؤسس لنظام سياسي جديد، "وذهبنا لبناء مؤسساتي عن طريق انتخابات برلمانية أفرزت مشهدًا معيّنًا".

ويلفت إلى أنّ مجموعة المطالب التي صدحت بها حناجر الجزائريين تمّت مأسستها سواء من خلال الدستور الجديد أو من خلال نواب الشعب.

ويشدّد على أنّ جموع الجزائريين لم يخرجوا من أجل تغيير أشخاص أو أسماء بل من أجل تغيير ممارسات وذهنيات من بينها محاربة الكفاءة.

ويؤكد رفض الجزائريين استغلال صورة نمطية من أجل إقصاء البعض بناء على أنهم كانوا موجودين في حكومة سابقة، قائلًا: "هذا الفكر يقصي الجزائريين من حقوقهم في الممارسة السياسية أو من الوجود في السلطة فقط لأنهم كانوا جزءًا من سلطة في مرحلة سابقة".

ويضيف: "لسنا قضاة ولسنا أوصياء على الشعب الجزائري حتى نلصق مختلف التهم بمواطنين جزائريين لإقصائهم ومنعهم من حقهم الدستوري في خدمة بلادهم من أي موقع".

"لا سياسية ولا تكنوقراط"

في المقابل، يعترض الكاتب الصحفي عثمان لحياني على توصيف هذه الحكومة بأنها حكومة تكنوقراط أو حكومة سياسية، مشيرًا إلى أنّ هذه الحكومة ليست تكنوقراطية بالمعنى الذي يجعلنا نقول إنها حكومة إنجاز لديها تصور أو خطة عمل اقتصادية لحل المشاكل.

ويلفت لحياني، في حديث إلى "العربي"، من الجزائر، إلى أنّ هذه الحكومة ليست حتى حكومة سياسية بمعنى أن هناك 7 وزراء فقط يمثلون الأحزاب السياسية فيها.

ويعرب عن اعتقاده بأنّه كان هناك حالة من الاستعجال في تشكيل وتركيب هذه الحكومة وبالتالي لم يأخذ الرئيس وقته الكافي لاختيار طاقم وزاري جيد يمكن أن يأخذ على كاهله التحديات.

ويخلص إلى أنّ هذه الحكومة تبتعد نوعًا ما بالتغيير عن طموحات الجزائريين ولا يمكن أن تحقق مطالب أساسية، مرجّحًا أن يضطر الرئيس في الفترة المقبلة إلى إجراء تغييرات على هذه الحكومة.

كما يسجّل على التركيبة الحكومية بعض التفاصيل التقنية، على غرار تعيين طبيب نفسي وزيرًا للانتقال الطاقوي، أو تعيين مدير للحج والعمرة وزيرًا للشباب والرياضة.

وإذ يرى أنّ الأحزاب السياسية المشكّلة للحكومة نفسها غير راضية عنها، يلاحظ أنّ الحكومة وضعت جانبًا نتائج الانتخابات التشريعية ولم تأخذ بها بأي شكل، حيث إنّ النظام السياسي أعاد إنتاج طريقة تشكيل الحكومات نفسها كما في السابق.

الحكومة الجديدة "قد تزيد" من حالة الإحباط

أما القيادي في حركة مجتمع السلم فاروق طيفور فينتقد الحكومة، التي يقول إنّه لم يُعرَف حتى الآن ما هو شكلها، متسائلًا عمّا إذا كانت تمثّل أغلبية رئاسية أو برلمانية، لا سيما أننا لم نسمع شيئًا من هذا القبيل خلال اليومين الماضيين.

ويأسف طيفور، في حديث إلى "العربي"، من الجزائر، لكون هذه الحكومة لا ترقى إلى المستوى المطلوب بعد حراك شعبي وبعد انتخابات تشريعية، مشيرًا إلى أنّ السلطة بحاجة لقراءة صحيحة وسليمة لما يحدث في البلاد على كلّ المستويات، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.

وإذ يلفت إلى نسبة المشاركة الضعيفة التي سُجّلت في الانتخابات التشريعية وقبلها في الاستفتاء على الدستور، يلاحظ أنّ أغلب الأحزاب اشتكت من تجاوزات في الانتخابات.

كما يشير إلى أنّ الأحزاب السياسية التي تقدمت في الانتخابات، "حضورها رمزي جدًا في الحكومة".

ويشدّد على أنّه كان يتمنى أن تلبّي الحكومة تطلعات وطموحات الجزائريين لمعالجة حالة العزوف والمقاطعة والإحباط الموجودة في الشارع الجزائري.

لكنّه ينبّه إلى أنّ هذه الحكومة قد تزيد من حالة الإحباط لأنها لا تمثل حتى الأحزاب الفائزة التي تمّت معها المشاورات وكانت تريد أن تكون هناك حكومة سياسية.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close