الخميس 18 أبريل / أبريل 2024

انفجار مرفأ بيروت.. هل تنقذ الحصانات السياسية المدعى عليهم؟

انفجار مرفأ بيروت.. هل تنقذ الحصانات السياسية المدعى عليهم؟

Changed

يريد الحريري محكمة "دولية" لمعرفة الحقيقة في انفجار المرفأ
يؤكد أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت أنهم لن يسمحوا بقتل أبنائهم مرة ثانية، ويطالبون بالحقيقة ولا شيء سواها (غيتي)
تؤكد أوساط مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا لـ"العربي" أنّ الأخير يخشى "التسييس"، لكنه يقول: ليس كل المتهمين بانفجار المرفأ أبرياء.

مرّ أسبوعان على إصدار المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار طلبات الاستماع إلى مدعى عليهم في الملف؛ من عسكريين وأمنيين وسياسيين حاليين وسابقين، من دون أن تبدأ فعليًا مرحلة استجواب المدعى عليهم، علمًا أن مدير المخابرات السابق كميل ضاهر حضر في الموعد الذي حدّده له المحقق العدلي قبل أسبوع للاستجواب، لكن الجلسة أُرجئت بسبب غياب محاميه تضامنًا مع تعليق عمل نقابة المحاماة في بيروت، واستمرارها في الإضراب.

من بين الأمنيين السابقين، استدعاء لقائد الجيش السابق جان قهوجي، الذي تم التحقيق معه من قبل المحقق العدلي فادي صوان (تم كفّ يده بدعوى تقدم بها اثنان من المشتبه بهم من السياسيين هما الوزيران السابقان علي حسن خليل وغازي زعيتر) وأطلق سراحه. 

اللافت في هذا الإطار أن قهوجي غادر البلاد بعد استجوابه بفترة وجيزة، وتؤكد أوساط عدة قريبة منه لـ"العربي" بأنه غادر البلاد ولن يعود إليها، وهو لن يمثل أمام المحقق العدلي. 

وللعلم فإن مسؤولية قيادة الجيش في ملف انفجار المرفأ تأتي انطلاقًا من كون المواد تخضع لقانون الأسلحة والذخائر، وقد تم إعلام قائد الجيش بوجود هذه المواد وخطورتها، لكن أي إجراء لحماية المواطنين منها لم يتخذ، وهو لهذه الغاية متهم بما يسميه القانون "القتل القصدي".

وهنا يطرح سؤال أساسي: لماذا ترك المحقق العدلي فادي صوان قائد الجيش السابق بعد الاستماع له، وكشْف كل هذه المعطيات والمسؤولية التي يتحملها، ولماذا ـ إذا لم تكن هناك أدلة تسمح بتوقيفه ـ لم يتم إصدار منع سفر بحقه لحين الانتهاء من التحقيق؟

وفيما يسْهل استدعاء واستجواب الأمنيين الذين باتوا خارج السلك، يحتاج المحقق العدلي إلى إذن من وزير الداخلية والبلديات لاستجواب المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وقد رفض وزير الداخلية الطلب. 

لكن المحقق العدلي سلك طريقًا آخر لاستجواب إبراهيم؛ من خلال طلب الإذن من مدعي عام التمييز وفقًا لما يتيح له القانون. أرسل القاضي البيطار كتابًا إلى القاضي غسان خوري، على أن يجيب مدعي عام التمييز في غضون خمسة عشر يومًا على كتاب البيطار، في مهلة تنتهي صباح الإثنين في السادس والعشرين من يوليو/ تموز.

أما ردًا على استدعاء مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، فلا جواب من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على كتاب المحقق العدلي بعد أسبوعين من إرسال الطلب.

يُفترض بدياب ردّ الكتاب إلى وزارة العدل معللًا بعدم الاختصاص، وطلب إعادة إرسال الكتاب إلى مجلس الدفاع الأعلى، فالمديرية تابعة مباشرة للمجلس وأُنشئت بصفة ذراع أمني له، وعليه فإن الإذن يُعطى من المجلس الأعلى للدفاع، ويوقع عليه رئيس الجمهورية.

"مسؤولية ملتبسة"

تقول أوساط اللواء طوني صليبا لـ"العربي": إن الأخير ينتظر الإذن للمثول أمام القاضي البيطار، لتكون جلسة التحقيق هذه الرابعة له، والثانية بصفته مدعى عليه، بعدما مثل أمام المحقق العدلي السابق مرتين بصفة شاهد، ومرة بصفة مدعى عليه. 

وفي هذا الإطار، يُنقل عن صليبا قوله: إن ما يقوم به القاضي البيطار اليوم هو استكمال للإجراءات التي بدأها سلفه القاضي صوان، ولكن مع مراعاة الأصول القانونية. ومع ذلك يخشى صليبا من تسييس التحقيقات، لكنه يقول: ليس كل المتهمين في ملف انفجار مرفأ بيروت أبرياء.

إلا أن مسؤولية الانفجار، بحسب ما تنقل أوساطه لـ"العربي"، تبقى ملتبسة إلى حين النطق بالحكم، وتؤكد أنه يعتبر أن القاضي البيطار سيصدر القرار الظني.

ويعتبر مدير عام أمن الدولة أن لا مسؤولية للجهاز الذي يديره في ملف الانفجار، فالجهاز قام بما يلزم ضمن صلاحياته منذ معرفته بوجود المواد.

وبحسب أوساط صليبا، فقد قام الرائد في أمن الدولة جوزيف النداف، الذي كان موقوفًا في الملف وأخلى القاضي البيطار سبيله قبل أسابيع، بما يلزم؛ هو علم بوجود النترات عندما كان يقوم بجولة في المرفأ وأعلم رئيسه وباشر استقصاءاته ورفع تقريرًا إلى المديرية التي فتحت تحقيقًا، ومن ثم أطلعت المجلس الأعلى للدفاع خطيًا على الإجراءات التي قام بها الجهاز.

وتقول أوساط صليبا: إن رئيس الجمهورية، وهو رئيس المجلس الأعلى للدفاع، اطلع على ملف نترات الأمونيوم بواسطة المراسَلة التي رفعت إلى المجلس.

وإلى حين البت بإذن ملاحقة الأمنيين، تبقى الأنظار متجهة إلى البرلمان اللبناني، الذي يؤمن حتى الساعة حصانة قانونية ومظلة سياسية لعدد من المدّعى عليهم. 

وبالنتيجة، لن يمثل أمام المدّعي العام كلّ من وزير المال السابق علي حسن خليل، المعاون السياسي لرئيس البرلمان نبيه بري، والمفروضة عليه عقوبات أميركية، فضلًا عن وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر. 

لم تُرفَع التوصية برفع الحصانة عنهم  إلى الهيئة العامة للبرلمان، وقد لا تُرفع. وإن رُفعت فإن التصويت على رفع الحصانة سيسقط. فنواب كل من حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل سيصوتون ضد رفع الحصانة.

ولعل موقف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قبل أيام من الاستدعاءات؛ هو الجواب على مسار الملف برمته.

يريد الحريري محكمة "دولية" لمعرفة الحقيقة في انفجار المرفأ، حقيقة يخشى البعض أن تكون مشابهة لتلك التي كُشفت في انفجار الرابع عشر من فبراير/ شباط عام 2005.

لذلك، يرفض أهالي الضحايا أيّ تمييع في التحقيقات. يصرّون على أنّهم لن يسمحوا بقتل أبنائهم مرّة ثانية، ويطالبون بالحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close