بدأ رئيس الحكومة اللبناني المكلف نجيب ميقاتي، اليوم الثلاثاء، استشارات مع الكتل النيابية بهدف تأليف حكومة، في خطوة تسبق المفاوضات التي وُصفت بالصعبة مع الأحزاب السياسية.
وأتى تكليف ميقاتي بعد عام فشلت فيه محاولتان لتأليف حكومة تنقذ لبنان من الانهيار الاقتصادي جراء الخلافات السياسية الحادة.
وكلف الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس الإثنين، ميقاتي بتشكيل الحكومة، في مهمة وصفها الرئيس المكلف بالصعبة.
وعادة ما يتم طرح اسم ميقاتي باعتباره مرشحًا توافقيًا للخروج من الخلافات السياسية في البلاد، وميقاتي رجل أعمال كان قد ترأس حكومتين في السابق.
وبات ميقاتي اليوم الشخصية الثالثة التي يكلفها عون تشكيل حكومة بعد استقالة حكومة حسان دياب إثر انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس عام 2020، والذي أدى إلى مقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 بجروح.
ولم تنجح الضغوط الدولية على الطبقة السياسية، التي مارستها فرنسا خصوصًا، منذ الانفجار في تسريع ولادة حكومة اختصاصيين تقوم بإصلاحات جذرية في مقابل تقديم الدعم المالي للبنان.
مسار الإخفاقات في التشكيل
وفي منتصف الشهر الحالي، كان الرئيس الأسبق للحكومة سعد الحريري قد أعلن اعتذاره عن عدم تشكيل حكومة جديدة بعد 9 أشهر على تكليفه بسبب الخلافات السياسية الحادة مع رئيس الجمهورية.
وقد أمضى الحريري وعون الأشهر الماضية يتبادلان الاتهامات بالتعطيل جراء الخلاف على الحصص وتسمية الوزراء وشكل الحكومة.
وقبل الحريري، اعتذر السفير مصطفى أديب، الذي كلف بتأليف الحكومة نهاية أغسطس/ آب عام 2020، عن إتمام المهمة بسبب رفضه مبدأ توزيع المقاعد الوزارية على أساس المحاصصة.
ولا يبدي كُثر تفاؤلًا بتكليف ميقاتي خصوصًا أنه يعتبر جزءًا من الطبقة السياسية التي طالبت تظاهرات ضخمة في العام 2019 بإسقاطها، وكذلك لارتباط اسمه بقضايا فساد.
أجواء إيجابية وعوامل مُلِحّة
وليس واضحًا حتى الآن ما إذا كانت ستتوافر لميقاتي تسهيلات سياسية. ففي حديث إلى صحيفة محلية مساء الإثنين، أكد ميقاتي عدم إمكان تأليف حكومة تكنو-سياسية، داعيًا إلى الذهاب لحكومة تقنية بحتة لتسهيل إجراء الانتخابات النيابية في مايو/ أيار 2022 والسير بالمبادرة الفرنسية.
وإثر تكليفه الإثنين، وصف ميقاتي تشكيل الحكومة بأنها "خطوة صعبة"، لافتًا إلى أنه كان يدرس الموضوع منذ فترة.
وأضاف ميقاتي: "لا أملك عصًا سحرية وحدي ولا استطيع أن أقوم بالعجائب، فنحن في حالة صعبة لكن المهمة قد تنجح إذا تضافرت جهودنا من دون مناكفات ومن لديه حل فليقدمه".
وتشهد البلاد، التي بات أكثر من سكانها تحت خط الفقر، أزمة وقود وشحًا في الدواء وتقنينًا شديدًا في الكهرباء يصل إلى 22 ساعة.
وكانت القطاعات والمرافق العامة والخاصة قد رفعت أصواتها مطالبة بدعمها لتقوى على تقديم الخدمات.
وغالبًا ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان شهورًا طويلة جراء الانقسامات السياسية، لكن الانهيار الاقتصادي الذي فاقمه انفجار المرفأ وتفشي فيروس كورونا، عوامل قد تجعل تشكيلها أمرًا ملحًا.
ويقع على عاتق الحكومة المقبلة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي باعتبارها خطوة أولى لإخراج لبنان من الأزمة الاقتصادية، الأزمة التي صنفها البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.