الجمعة 19 أبريل / أبريل 2024

الحرب "كادت" تقع جنوب لبنان.. حزب الله وإسرائيل "ينضبطان" خلف معادلات هشّة

الحرب "كادت" تقع جنوب لبنان.. حزب الله وإسرائيل "ينضبطان" خلف معادلات هشّة

Changed

انضبط كلٌ من حزب الله وإسرائيل تحت سقف تصعيد لا يؤدي إلى حرب، رغم أنّ أيّ خطأ في الحسابات من شأنه أن يدفع نحو ما لا تحمد عقباه.

بسرعة قياسية، كادت الحدود اللبنانية الإسرائيلية تنزلق إلى حرب، بعدما اشتعل جنوب لبنان، مع إطلاق الجيش الإسرائيلي قذائف مدفعيّة باتجاه الأراضي اللبنانية، ردًا على إطلاق حزب الله 10 صواريخ وأكثر على مناطق مفتوحة في مزارع شبعا.

وبالسرعة نفسها ايضًا، عاد الهدوء إلى الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وانضبط كلٌ من حزب الله وإسرائيل تحت سقف تصعيد لا يؤدي إلى حرب، وتحت سقف معادلات هشّة من شأن أيّ خطأ في الحسابات فيها، أن يدفع نحو ما لا تحمد عقباه.

وفي حين قالت قيادة حزب الله إنّ هدفه بتبنّي صواريخ اليوم على مزارع شبعا المحتلة وفق التصنيف اللبناني، هو عدم تغيير قواعد الاشتباك، أبدت إسرائيل من جهتها عدم رغبتها بالتصعيد نحو حرب، رغم تأكيدها أنّها لن تسمح بإطلاق صواريخ من لبنان دون ردّ.

الداخل اللبناني "يراقب"

بدأت جولة التصعيد الأربعاء من خلال "صواريخ مجهولة" أطلِقت على إسرائيل، لتردّ الأخيرة بسلسلة غارات هي الأولى من نوعها منذ عام 2006 على جنوب لبنان بحسب ما قال الرئيس اللبناني ميشال عون.

ومع تطوّر الأمور، اتخذ الداخل اللبناني صفة المُراقب، فكثّف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب اتصالاته لاحتواء الأمر، فيما وصفه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بأنه "خطوة للمجهول"، منبّهًا إلى أنّ استخدام جنوب البلاد منصّة لصراعات إقليمية غير محسوبة النتائج يضع البلاد في مرمى حروب الآخرين.

وفي وقت أكد الحريري أن لبنان ليس جزءًا من اشتباك إيراني إسرائيلي، ثمّة من يتحدث عن أيادٍ كثر تتحرّك على مساحة لبنان الصغيرة، وسط توترات إقليمية بالجملة، يُستخدَم فيها ورقة ضغط دولي، علمًا أنّ الأحداث الأخيرة تزامنت مع تنصيب إبراهيم رئيسي رئيسًا لإيران.

"العدو يحاول تغيير قواعد الاشتباك"

يرى عضو كتلة التحرير والتنمية (التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) النائب قاسم هاشم أنّ ما حصل كان متوقَّعًا، نتيجة "توسيع العدو الإسرائيلي دائرة عدوانه ردًا على الصواريخ المجهولة".

ويقول هاشم، في حديث إلى "العربي"، من بيروت، إنّ العدوان الإسرائيلي جاء خارج حدود القرار 1701، قارئًا في ذلك "محاولة من العدو لتغيير قواعد الاشتباك التي اعتدنا عليها منذ حرب يوليو/تموز 2006 حتى اليوم".

ويلفت إلى أنّ ما حصل حدث في منطقة مزارع شبعا وهي أراض لبنانية محتلة، مذكّرًا بأنّ لبنان لم يقر بما سمي بالخط الأزرق واعتبر أمام الأمم المتحدة أن مزارع شبعا هي أرض لبنانية محتلة وهي خارج حدود ما سمي بخط الانسحاب.

ويرفض هاشم وضع أحداث اليوم في سياق الاشتباك الإسرائيلي الإيراني، مؤكدًا أنّها مواجهة لبنانية إسرائيلية محض، رغم إقراره بواقع لبنان المتشابك وعلاقات القوى السياسية وتداخلاتها.

ويشدّد على أنّ "ما حصل كان ردًا على هذا العدوان كعامل ردع للعدو بعد أن تجاوز حدودًا معينة في اعتدائه الأخير لا أكثر ولا أقل، وعلينا أن نضعه في هذا الإطار وأن لا نخلط الأمور".

حزب الله يتحرك "بفتوى من الولي الفقيه"

في المقابل، لا يتردّد العضو في المكتب السياسي لتيار المستقبل (الذي يرأسه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري) مصطفى علوش في وضع ما حصل في إطار الصراع الإيراني الإسرائيلي، وقواعد الاشتباك المعمول بها بين الطرفين.

ويشير علوش، في حديث إلى "العربي"، من طرابلس، إلى أنّ ما قاله الحريري في هذا الإطار هو ما يقوله أمين عام حزب الله حسن نصر الله بذاته عن أن قيادته وتمويله وأوامره تأتي بفتوى من الولي الفقيه.

ويقول: "كلام الحريري مبني على كلام حزب الله بأن المصلحة المرتبطة بولاية الفقيه هي التي تأتي بالأولوية أما الباقي فيبقى تفصيلًا".

ويلفت علوش إلى "حدث" يعتبر أنّه لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، وهو "تصدّي" مواطنين من إحدى المناطق اللبنانية لمحاولة مرور شاحنة صواريخ تابعة لحزب الله، الأمر الذي يؤكد برأيه أنّ الأخير بات موضع صراع في الداخل اللبناني، بعدما كان يحظى تأييدًا قبل العام 2000، مع معارضات محدودة.

ويشير إلى أنّ حزب الله بفائض القوة التي يملكها يسيطر على القرار السياسي، مستخدمًا الترهيب في وجه معارضيه، لا سيما أنّه متهَم بالعديد من الاغتيالات لمعارضيه، وعلى رأسهم رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، من دون أن ننسى ما يسمّيها بـ"غزوة" السابع من مايو/أيار.

حزب الله "يستأثر" بالقرار اللبناني

أما عضو تكتل الجمهورية القوية (التابعة للقوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع) عماد واكيم فيلفت إلى أنّ قواعد الاشتباك ليست بين لبنان وإسرائيل وإنما بين حزب الله وإسرائيل.

ويشير واكيم، في حديث إلى "العربي"، من كسروان، إلى أنّ حزب الله يستأثر بالقرار اللبناني، ويقول إنّه "رغم رفض كل اللبنانيين للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان لكن فلسفة الحدث الذي جرى تدل على المأساة اللبنانية الحقيقية".

ويوضح وجهة نظره بالقول: "هناك فصيل لبناني تابع لدولة خارجية هي إيران يأتمر بها ويقوم بأي عمل من أجل سياساتها، وكل ما تبقى يصبح مسائل تفصيلية مرتبطة بهذا الواقع".

ويعتبر واكيم أنّ لبّ المشكلة اللبنانية يتمثّل بتحالف الفساد مع السلاح، وهو الذي يؤدي لكل الأزمات التي يتخبط خلفها لبنان.

وانطلاقًا من ذلك، يوجّه واكيم نداء للسلطات اللبنانية وعلى رأسها رئيس الجمهورية بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة، مشدّدًا على أنّ السلطة اللبنانية يجب أن يكون لديها الصلاحية الأولى بقرار الحرب والسلام.

ويقول: "هناك مفاهيم لبناء الدولة لكننا نضربها كلها بعرض الحائط، فكلنا نعترف أن الإسرائيلي عدو ويجب أن نجابهه جميعًا، لكن حزب الله ليس وطنيًا أكثر من غيره، بل على العكس هو يحاول أن يستخدم لبنان واللبنانيين ذخيرة بمعركة إيران في المنطقة، وقد دفع لبنان ثمنًا غاليًا لذلك".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close