الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

معارضة قيس سعيّد تتمدّد.. هل تغيّر "التنسيقية" الجديدة المشهد التونسي؟

معارضة قيس سعيّد تتمدّد.. هل تغيّر "التنسيقية" الجديدة المشهد التونسي؟

Changed

بعد خطاب 22 سبتمبر المنتهي عن سماع الشارع والساسة في الداخل والخارج، بدأ رافضو إجراءات الرئيس التونسي قيس سعيّد بالازدياد.

يومًا بعد يوم، تتمدّد معارضة الرئيس التونسي قيس سعيّد، لتشمل حتّى أولئك الذين كانوا يساندونه ويؤيّدونه، رغم الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها قبل شهرين.

فبعد خطاب 22 سبتمبر/ أيلول الجاري المنتهي عن سماع الشارع والساسة في الداخل والخارج، بدأ رافضو إجراءات سعيّد بالازدياد.

هكذا، تشكّلت ما سُمّيت بتنسيقية القوى الديمقراطية المعارضة لقرارات الرئيس، وهي المؤلفة من أربعة أحزاب سياسية تسعى إلى مواجهة خطوات سعيّد.

وجاء تشكيل هذه التنسيقيّة على وقع تظاهرات حاشدة شهدها شارع الحبيب بورقيبة في تونس رفضًا لقرارات الرئيس التونسي والغاية ثنيه عن رفض الحوار ودفعه إلى التراجع عن قراراته.

إزاء ذلك، تُطرَح سلسلة من علامات الاستفهام عن قدرة هذه التنسيقية على التوسع لضمّ أحزاب أخرى، وجدواها في مواجهة تمدد سعيّد نحو الانفراد بالسلطة، وإمكانية نجاحها في تغيير بعض تفاصيل المشهد التونسي.

هل يكون الحلّ بـ"عزل" الرئيس؟

تصطفّ تنسيقية القوى الديمقراطية المعارضة لقرارات الرئيس إلى جانب مبادرات سياسية ومدنية ترقب رئيسًا مالكًا لمصير تونس بقبضة يضمّها حول سلطات الحكم المكتسبة خلال عهد نضالي جاء بنتائجه رئيسًا للبلاد.

وتنطلق هذه التنسيقيّة المستحدَثة "روحيّتها" من نصّ المبادرات الداعية إلى "تحرير" الرئيس من التمادي في إحكام قبضته على صلاحيات غيره ووضع المؤسسات الدستورية الناشئة بدم الديمقراطية تحت حراسة مدفعية.

كما تنبثق من "روحية" الشارع الذي نطق قبل يومين، تحت راية تونسيّة خالصة، متسائلًا عن دستور البلاد المأسور وبرلمانها المسدود وديمقراطيتها الوليدة، ومعبّرًا عن خشية حقيقية على إعادة البلاد إلى "حكم الفرد"، وإن كان تاريخ البلاد لم يسرد له قبل حالة كحالة سعيّد.

وفي حين يرى بعضهم أنّ لا حل للأزمة إلا بالتشاور والحوار، كما يعتقد الاتحاد العام التونسي للشغل، بدأ آخرون يطرحون جهارًا طرح عزل الرئيس كحلّ لا غنى عنه، بعدما فشل في وضع خارطة طريق تغيّر مسار البلاد إلى حال أحسن.

مظاهرة تونس
مظاهرة تونس
مظاهرة تونس
مظاهرة تونس
مظاهرة تونس
مظاهرة تونس
مظاهرة تونس
مظاهرة تونس

أزمة تونس "تقترب من المثال اللبناني"

يكشف رئيس التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات خليل الزاوية أنّ تنسيقية الأحزاب الديمقراطية تكوّنت من أحزاب كانت تعتبر أنّ قرارات 25 يوليو يمكن أن تشكّل صدمة إيجابية، وأنّ منظومة ما قبل 25 يوليو هي منظومة فساد بقيادة ائتلاف حركة النهضة وقلب تونس.

ويوضح الزاوية، في حديث إلى "العربي" من تونس، أنّ هذه الأحزاب كانت تعتبر أنّ قرارات الرئيس صائبة نوعًا في إزاحة الكابوس الذي كان طاغيًا في تونس، "لكن للأسف طالت المدّة ثمّ جاءت قرارات جديدة تعلّق الدستور وتختزل كلّ السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية لدى رئيس الجمهورية وهذا ما نرفضه".

ويشدّد على أنّ هذه الأحزاب "ترفض المساس بالدستور وتطالب رئيس الجمهورية بالتراجع عن هذا القرار وباتخاذ منحى تشاركي يمكّن البلاد من الخروج من الأزمة الخانقة ولا سيما أن تونس تمرّ بأزمة مالية واقتصادية كبيرة تقترب من المثال اللبناني"، على حدّ تعبيره.

وإذ يجزم بأنّ الحكم الفردي لا يمكن أن يخرج تونس من الوضع الصعب الذي تعيشه، يلفت إلى أنّ المجتمع السياسي بكل أطيافه يطالب الرئيس بالرجع إلى الدستور، "لكن للأسف لم نجد آذانًا صاغية ولا حتى آجالاً لهذه القرارات".

لماذا لا يتّحد المعارضون في "جبهة واحدة"؟

أما أستاذ التاريخ السياسي في الجامعة التونسية عبد اللطيف الحناشي، فيرى أنّ من أكبر الأزمات التي تعيشها الأحزاب السياسية في تونس هي انعدام الثقة في ما بينها.

ويلفت الحناشي في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى أنّ هذه الظاهرة موجودة منذ ما بعد ثورة 2011، لكنّها استمرّت إلى اليوم، بدليل الجبهات المتعددة التي تنشأ، رغم اشتراكها في تصورات واحدة وخطاب متقارب.

ويرى أنّ هذه القوى العديدة "لا تسعى ولا تعمل من أجل أن تتوحد في جبهة واحدة في مواجهة مشروع رئيس الجمهورية". لكنّه يعتبر أنّ ما حدث اليوم "إيجابي"، رغم أنّ الأحزاب الأربعة التي شكّلت التنسيقية قد تكون "غير وازنة على المستوى السياسي"، باعتبار أنّ انتشارها محدود، وأنّ حزبًا واحدًا منها ممثّل في البرلمان.

وإذ يعرب عن اعتقاده بأنّ فعل هذه التنسيقية قد يكون "اعتباريًا"، يشدّد على وجوب أن تسعى إلى توسيع إطارها من خلال الحوار مع بقية الأحزاب، سواء التي شكّلت جبهات، أو التي ما زالت تعمل بشكل منفرد.

ويلفت إلى أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل يمكن أن يلعب دور توحيد هذه القوى، خصوصًا أنّ هذه المجموعة قريبة جدًا من أطروحات الاتحاد، بحسب ما برز اليوم.

الأحزاب "متخوّفة" من "حركة النهضة"

من جهته، يرى الباحث السياسي صلاح الدين الجورشي أنّ الرئيس قيس سعيّد لم يترك خيارات متعددة أمام الأحزاب السياسية في أغلبها، لأنه اختار أن يبدأ في عملية تقويض أسس التجربة الديمقراطية التونسية الناشئة وذلك عندما أصدر المرسوم 117، والذي جمّد بموجبه الدستور.

ويلفت الجورشي في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى أنّ الرئيس وضع بذلك الجميع أمام اختيار وحيد فإما أن يوافقوه ويؤيدوه في مسعاه، أو أنّهم يقفون ضدّه، "ويبدو أنّ الأحزاب السياسية بشكل عام ما عدا قلّة قليلة رافضة لهذا التوجه الرئاسي".

ويشدّد على أنّ المشكلة الكبيرة التي تعانيها الأحزاب التي تقف ضد رئيس الجمهورية هي أنها لا تثق كثيرًا في نفسها، مشيرًا إلى أنّ ما يخيفها أساسًا ربما يكون وجود حركة النهضة في المعارضة.

ويوضح أنّ هذه الأحزاب ترفض التنسيق مع حركة النهضة وترفض الدخول في أي صيغة من صيغ الاحتجاج بمشاركة فاعلة لحركة النهضة، لأن حركة النهضة لا تزال رغم الانقسام الذي حدث داخلها تمثل الحزب الأقوى أو الحزب الأكثر حضورًا على المستوى السياسي، وهي تخشى أنّها لو دخلت في أي عمل مشترك مع النهضة فإن النهضة ستوظّف هذه المبادرة وستجعل من نفسها الناطق باسم المبادرة وهذا ما ترفضه الأحزاب الأخرى.

ويخلص الجورشي إلى أنه، رغم ذلك، فإنّ التوجه الآن على المستوى السياسي هو تشكيل جبهة عريضة، معربًا عن اعتقاده بأنّ ذلك قد يتأخّر من حيث التوقيت، "لكنه الخيار الوحيد الذي على الأحزاب أن تذهب إليه بشكل ثابت".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة