السبت 13 أبريل / أبريل 2024

رقعة الحراك الشعبي تتوسع.. هل طوى قيس سعيّد صفحة دستور 2014؟

رقعة الحراك الشعبي تتوسع.. هل طوى قيس سعيّد صفحة دستور 2014؟

Changed

تصاعدت وتيرة احتجاجات الشارع التونسي خلال الأسابيع الأخيرة رافضة القرارات الأحادية والانقلاب على الدستور ومستقطبة ناشطين ومستقلين في تجمعات حاشدة.

بعد دخول الإجراءات الاستثنائية شهرها الثالث، خطا الرئيس التونسي قيس سعيّد خطوة أخرى في مسار إلغاء الدستور، حيث علّق معظم فصوله، وألغى هيئة مراقبة دستورية القوانين، وتولى السلطتين التشريعية والتنفيذية، في وقت تتعالى أصوات محذرة من عودة البلاد إلى الحكم الفردي.

إلى ذلك، عيّن سعيّد نجلاء بودن رئيسة للحكومة على أن تشكّل فريقها في أقرب الآجال، في خطوة باركتها أحزاب ومنظمات وطنية لعلّها تدفع بتجاوز الأزمة السياسية، فيما اعتبرتها أحزاب أخرى ميلادًا متأخّرًا لحكومة غير شرعية، استبقها الرئيس التونسي بمرسوم استحوذ من خلاله على السلطتين التنفيذية والتشريعية، وعلّق الدستور الذي اكتفى منه بفصلين.

وفي وقتٍ تتوسع رقعة الحراك الشعبي الرافض لإجراءاته في ظل مصاعب اقتصادية واجتماعية متفاقمة، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام، فهل طوى الرئيس قيس سعيّد فعلًا صفحة دستور 2014؟ وكيف تُقرَأ مواقف الأطراف السياسية من قراراته الجديدة؟ وما هي سيناريوهات تطورات المشهد في تونس؟

زخم سياسي وشعبي تتشكّل ملامحه

بينما يخطو قصر قرطاج ببطء في العمل بالتدابير الاستثنائية، تتعزّز المواقف السياسية وتقلّ حدّة انقسامها.

وفي هذا السياق، شكّلت أربعة أحزاب ما سُمّيت بتنسيقية القوى الديمقراطية المعارضة لقرارات الرئيس، وقد ضمّت التيار الديمقراطي والتكتل والجمهوري وآفاق تونس، الذين رفضوا ما سمّوه في بيان مشترك باستغلال سعيّد الإجراءات الاستثنائية لمغالطة التونسيين.

وبالتوازي، وحّدت دفّة أخرى معارضة تحت مسمّى الجبهة الديمقراطية لمواجهة الانقلاب الرباعي حراك تونس الإرادة، وحزب الإرادة الشعبية، وحركة وفاء، والاتحاد الشعبي الجمهوري.

ولا تغيب عن المشهد المنظمات الوطنية، وأهمّها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي رفض احتكار سعيّد للسلطة ولا يرى في الاستمرار في الوضع الاستثنائي إلا هروبًا نحو المجهول.

أما الشارع التونسي، فحتى وإن بدا منقسمًا بشأن تدابير سعيّد الاستثنائية، إلا أنّ وتيرة احتجاجاته تصاعدت خلال الأسابيع الأخيرة رافضة القرارات الأحادية والانقلاب على الدستور ومستقطبة ناشطين ومستقلين في تجمعات حاشدة.

باختصار، هو زخم سياسي وشعبي تتشكّل ملامحه شيئًا فشيئًا يضاف إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي ستواجه سعيّد وحكومته الجديدة في مشهد استثنائي تتعدّد فيه السيناريوهات المحتملة.

تعيين "منزوع الشرعية"

يرى أستاذ الفلسلفة السياسية في معهد الدوحة للدراسات العليا منير الكشو أنّ ما قام به الرئيس قيس سعيّد دخل مراحل وخطوات متتالية، معتبرًا أنّ تعيين رئيسة الحكومة جاء في إطار جملة من الإجراءات لتأكيد الانقلاب الذي قام به يوم 25 يوليو.

ويشير الكشو، في حديث إلى "العربي"، من الدوحة، أنّ "هذا استمرار وإما أنه مخطط له أو فرضته الأحداث والتطورات".

لكنّه يلفت إلى أنّ هذا التعيين تمّ لا وفقًا للدستور التونسي ولا وفقًا للتدابير والمقتضيات التي رسمها دستور 2014 أي أن يتم تعيين رئيس حكومة يعرضها أمام البرلمان، ولكن وفقًا للقرارات الجديدة التي اتخذها في الأمر 117 ممّا يجعل التعيين منزوع الشرعية وهو استمرار للانقلاب.

ويتحدث عن ارتباك في الشارع التونسي إزاء رئيسة الحكومة التي عيّنها، وما إذا كان ينبغي تسميتها رئيسة حكومة أم وزيرة أولى، مشدّدًا على أنّ الصلاحيات التي لديها تكاد تكون منعدمة.

سعيّد يريد شخصًا "يسمع ويطيع"

من جهته، يعتبر أستاذ الإعلام والاتصال في جامعة قطر نور الدين الميلادي قرارات سعيّد "مواصلة لنهج أو رؤية لم يخفها منذ البداية، وتتمثل في استبعاد رؤية النظام السياسي الذي تشكّل وأقرّه دستور 2014".

ويلفت الميلادي، في حديث إلى "العربي"، من الدوحة، إلى أنّ قيس سعيّد بهذا التعيين هو في واقع الأمر عيّن منسّقًا لمجموعة من الوزراء سيقوم بتعيينهم في القريب العاجل.

ويقلّل من كون رئيسة الحكومة أو الوزيرة الأولى هي امرأة، مشيرًا إلى أنّ المرأة في تونس تحظى بدور مميز في العالم العربي، بل إنّ تونس تمثّل على هذا الصعيد نموذجًا متقدّمًا حتى في الدول الغربية، "لكن أن نقول إنها سابقة غير صحيح".

ويقول: "ليست لنا مشكلة أن تكون المرأة وزيرة أو رئيسة وإنما الإشكال في الكفاءات"، مضيفًا: "هذه المرأة مع احترامنا لشخصيتها أستاذة جامعية كانت مغمورة إلى حد قريب ليست لديها أي خبرة في الشأن العام وفي التعاطي في الإدارة التونسية وفي فهم دواليب الدولة".

وإذ يعتبر أنّ "هذا مؤشر لفشل حقيقي"، يخلص إلى أنّ "رئيس الدولة يريد شخصًا لا يقول لا، ويسمع ويطيع وينفذ الأوامر".

"قيس سعيّد يبحث عن تسمية قيس سعيّد ثانٍ"

ويذكّر الأستاذ المختص في تاريخ العلاقات الدولية بجامعتي تونس وباريس فرج معتوق بالبيان الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد و"بشّر" به التونسيين بتسمية رئيسة وزراء، حيث إنّ ثالث كلمة كانت "أول" وبعدها امرأة.

ويعتبر معتوق، في حديث إلى "العربي"، من تونس، أنّ "هذا يشي بأنّ تسمية امرأة على رأس الحكومة تمّ التفكير فيه بروية مع مستشاريه"، وبالتالي هو أراد التركيز على صورة تونس، في ضوء ما قام به من تعسّف وليّ لعنق الدستور.

ويشير إلى أنّه يعرف أن الغرب عمومًا وفرنسا بالتحديد التي هي الحليف أو الزبون لأول لتونس في العالم سيهلّل للحرص على دور المرأة، "وقيس سعيّد كان على وعي بهذه النقطة هو ومستشاروه".

ويشدّد على أنّ "قيس سعيّد بحث عن تسمية قيس سعيّد ثانٍ على رئاسة الحكومة حتى يكون متناغمًا مع نفسه ومع خطابه ومع فكرته التي بدأت تتضح على أنّ الرجل لم يقبل أبدًا هذه الصيرورة الديمقراطية في تونس وهو يريد التخلي نهائيًا عن المسار والعودة إلى نظام ربما سيكون أشدّ من نظام بن علي في مسألة الفردانية والتفرد بالسلطة".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close