الثلاثاء 16 أبريل / أبريل 2024

"الوحدة الحمراء" وفرقة المسيّرات.. هكذا طوّرت طالبان مهاراتها القتالية

"الوحدة الحمراء" وفرقة المسيّرات.. هكذا طوّرت طالبان مهاراتها القتالية

Changed

تُعتبر كتيبة "بدري 313" أبرز فرق "الوحدة الحمراء" (تويتر)
تُعتبر كتيبة "بدري 313" أبرز فرق "الوحدة الحمراء" (تويتر)
هذه هي المرة الأولى التي يتطرّق فيها مجاهد إلى وجود "وحدات خاصّة" للحركة. فما هي أبرز هذه الوحدات القتالية؟

أعلن المتحدّث باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد أن "وحدة خاصة" من طالبان شنّت عملية ضد عناصر تنظيم الدولة شمالي كابل في ساعة متأخرة من مساء الأحد، وقتل جميع عناصرها.

وهذه هي المرة الأولى التي يتطرّق فيها مجاهد إلى وجود "وحدات خاصّة" للحركة لمواجهة تنظيم الدولة.

فما هي أبرز الوحدات الخاصّة القتالية التابعة لطالبان؟

"الوحدة الحمراء"

وفقًا لمجلة "نيولاينز" الأميركية، تُعرف هذه الوحدة باسم "الوحدة الحمراء"، التي تُشكّل رأس الحربة في حربها مع "تنظيم الدولة". تشكّلت هذه الوحدة عام 2015، ردًا على التحدي غير المسبوق الذي فرضه "تنظيم الدولة- خراسان" على طالبان، وتحديدًا بعد سقوط منطقة أتشين بيد تنظيم الدولة، وانشقاق عناصر من طالبان وانضمامهم إلى "داعش".

وتهدف هذه الوحدة إلى الحفاظ على وحدة القيادة في أفغانستان. وقال قائد ميداني للمجلة: إن هذه الوحدة تتميّز عن غيرها بسبب تدريبها العسكري المتقدّم وانضباطها، وسرعان ما برزت بوصفها لاعبًا أساسيًا في قتال طالبان ضد تنظيم الدولة في أفغانستان.

في صيف 2015، انتشرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي للوحدة الحمراء، حيث خضع عناصرها لتدريب عسكري صارم، بملابس قتالية مماثلة للقوات الخاصة الغربية.

وتتألف "الوحدة الحمراء"، أو "ساره خيتا" باللغة البشتونية، من عدة فرق بحجم كتيبة. يتراوح عدد عناصر كل كتيبة بين 300 و350 مقاتل، يختارهم القادة الميدانيون بعناية بناء على انضباطهم والتزامهم وأدائهم. ويتمّ تكليف كل كتيبة بمهام محددة في مقاطعات معينة، أو تعمل مجتمعة مع بعضها في حالات الطوارئ. وكثيرًا ما كانت هذه القوات تخوض اشتباكاتٍ مع الحكومة الأفغانية والقوات الأميركية، إلى جانب قتالها ضد تنظيم "الدولة".

المهمة الأولى للوحدة

أُرسلت أولى الفرق من "الوحدة الحمراء" إلى إقليم فراه الغربي لمُواجهة مجموعة منشقّة عن طالبان بقيادة الملا محمد رسول. وتمكّنت هذه الفرقة من سحق المجموعة، وقتل العديد من أفرادها، ما اضطر رسول إلى الفرار إلى باكستان. تم استبدال رسول بالملا منصور داد الله، لكنّه سرعان ما أعلن ولاءَه لتنظيم الدولة في خراسان، وانتقل إلى ولاية زابُل في الجنوب، واستقرّ في منطقة خاكي أفغان.

في غضون ذلك، وسَّع تنظيم الدولة مناطق نفوذه، مستهدفًا الطريق السريع الذي يربط كابُل جنوبي البلاد، ونصب عناصره الكمائن، واختطفوا المسافرين على الطريق السريع، كما اختطفوا العشرات من أفراد أقلية الهزارة الشيعية بمن فيهم النساء والأطفال. ووجدت طالبان في الغضب الشعبي تجاه الحكومة الأفغانية، جراء عجزها عن حماية مواطنيها، فرصةً لكسب لمزيد من التعاطف، وقرّرت تصعيد القتال ضد تنظيم الدولة.

في البداية، أرسلت طالبان وفدًا من المفتين والعلماء إلى خاكي أفغان لإقناع تنظيم الدولة بالخضوع لقيادة طالبان. لكنّ المفاوضات فشلت. فأرسلت طالبان المئات من مغاوير "الوحدة الحمراء" إلى المنطقة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، لمواجهة مقاتلي تنظيم الدولة الذين كانوا يتنقلون في أرجاء المنطقة على دراجات نارية تحمل اسم داد الله وشعار "دولة الإسلام باقية".

مرة أخرى، حاولت "الوحدة الحمراء" إقناع مقاتلي تنظيم الدولة بالاستسلام. وأرسلوا مجموعة منهم إلى مقر قيادتهم في الجبال مع عرض بالعفو. لكن مقاتلي الدولة بادروا هذه المجموعة بإطلاق النار، وجرحوا أربعة من أفرادها. وبذلك، بدأت المعركة التي غيّرت مسار الحرب الأهلية. فبدأ الهجوم ليلًا، وتقدّمت قوات "الوحدة الحمراء" في الجبال، وقتلت العديد من مقاتلي تنظيم الدولة، واستولت على أسلحتهم الثقيلة على التلال الجبلية.

قوّة ردع سريع

وخلال الأيام القليلة التالية، قامت "الوحدة الحمراء" بتمشيط المنطقة، وعثرت على العديد من الهزارة المخطوفين. وبموجب فتوى من الشيخ حكيم حقّاني، قامت حركة طالبان بشنق مقاتلي "داعش- خراسان" الأوزبكيين بتهمة اختطاف الهزارة وذبحهم.

وانتهت العملية بتعقّب داد الله واعتقاله، حيث اقتيد إلى وادٍ منعزل، وأُطلقت النيران عليه، ورُميت جثته في مجرى للسيول.

قتل في هذه العملية أربعة من عناصر "الوحدة الحمراء"، وانتشر خبر إنجاز الفرقة الكبير ضد تنظيم الدولة. وتسبّبت التقارير حول نجاح "الوحدة الحمراء" في إثارة القلق داخل أوساط الحكومة الأفغانية، وفقًا لمصادر تحدّثت للمجلة.

لاحقًا، حوّلت طالبان "الوحدة الحمراء" إلى قوة ردّ سريع، وعيّنت بير آغا رئيسًا لها، وهو شخصية يلفّها الغموض، ويُعتقد أنه في الأربعينيات من عمره من سانغيسار في قندهار. يصفه من التقوا به أنه "قائد حذق وخطيب مفوّه واستراتيجي بارع". وبعد أن استقال آغا من عمله مع الوحدة ليصبح حاكم الظل لإقليم باكتيكا، استمرت قوات الكوماندوز التي كان يقودها بتسمية نفسها "وحدة بير آغا".

كتيبة "بدري 313"

وتُعتبر "الوحدة الحمراء" واحدة من قوات النخبة في طالبان، وتضطلع بأدوارٍ مختلفة في البلاد. في الفترة الأخيرة، كانت كتيبة "بدري 313" أبرز فرقها. وتتمتّع الكتيبة بتدريب عالٍ وانضباط بحجم فصيلة.

واعتبرت المجلة أن هذه الكتيبة "يُمكن أن تلعب دور حلقة الوصل بين جيش أفغاني جديد إسلامي التوجّه، ليحلّ محل الجيش المدعوم من الولايات المتحدة الذي تبخّر قبل سقوط كابل". وقد اختارت الكتيبة اسمها تيمّنًا بمعركة "بدر" التي هزم فيها النبي محمد أعداءَه بجيشٍ مؤلف من 313 مقاتلًا مسلمًا فقط.

كما خصّصت طالبان كتيبة من "الوحدة الحمراء" لكل مدينة مكتظة، ولكن كتيبة مدينة وردك كانت الأكثر نشاطًا في المعركة ضد تنظيم الدولة. وبعد تطهير إقليم ننجرهار من مقاتلي داعش، انتشرت الكتيبة في ولاية كونار، حيث نجحت في طرد التنظيم، رغم أنها تكبّدت خسائر بشرية كبيرة.

وحدة المسيّرات الخاصّة

ولا تقتصر مساعي طالبان على تدريب وحدات قتال بشرية، بل تعدّته إلى تشكيل وحدات من الطائرات من دون طيار.

وتتألف وحدة المسيّرات من 12 مهندسًا، معظمهم من ولاية وردك، يتمتّعون بمستوى علمي عالٍ، وعمل عدد منهم في المنظمات غير الحكومية الغربية قبل الانضمام إلى الوحدة. وكانت هذه الوحدة الوحيدة التي حصلت على موافقة تشغيلية رسمية من قيادة طالبان.

تمّ تشكيل الوحدة عام 2019، بهدف واضح: مضايقة المسؤولين الحكوميين الأفغان واغتيالهم. وبذلك، كان يتعيّن عليها إبلاغ كبار أعضاء جهاز مخابرات طالبان فقط. وتمّ حجب المعلومات المفصلة حول عمليات الوحدة عن جميع أعضاء الحركة بما في ذلك حكّام الظلّ والقادة العسكريون رفيعو المستوى.

وكان المقرّ الرئيس للوحدة في محافظة قندوز الشمالية.

ومن أجل الحصول على المسيّرات، لجأت الوحدة إلى شركة واجهة أفغانية خاصّة كانت تستورد المواد الكيماوية الزراعية والمعدات الزراعية من الصين. فطلبت الوحدة من الشركة العثور على طائرة بدون طيار هادئة وخفيفة، ولكنها قوية بما يكفي لتحّمل الظروف الجوية السيئة والطيران على ارتفاعات عالية نسبيًا. عندما حدّدت الشركة المسيّرة المطلوبة، دفعت طالبان حوالي 60 ألف دولار لشرائها من الصين. وجرى تهريب أجزائها إلى أفغانستان عبر باكستان.

ولاحقًا، عمل مهندسو الوحدة على تعديل الطائرة بدون طيار. فتمت إزالة الخزّانات والخراطيم الكيميائية الخاصة بحمل الأسمدة والمبيدات، واستبدالها بحامل صواريخ بلاستيكي مؤقت قادر على حمل أربع قذائف هاون يمكن إطلاقها عبر آلية تعمل بالكمبيوتر.

وغيّر الفريق لونها من الأسود إلى الأزرق لتمويهها في السماء. كما قاموا بطلاء قذائف الهاون باللون الأزرق. تم إعداد الطائرة بدون طيار ليتمّ التحكم فيها أثناء الطيران باستخدام مجموعة من أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية المتصلة بالإنترنت عبر محطة قمر اصطناعي محمولة.

ونفّذت الوحدة أولى مهامها الكبرى في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 بمدينة قندوز الشمالية، حيث قُتل ما لا يقل عن أربعة حراس شخصيين لحاكم الإقليم أثناء لعبهم الكرة الطائرة في مجمّع الحاكم.

المصادر:
صحافة أجنبية

شارك القصة

تابع القراءة
Close