الخميس 18 أبريل / أبريل 2024

واشنطن "قلِقة" وسعيّد "ممتعض".. أي تداعيات للمواقف الأميركية حول تونس؟

واشنطن "قلِقة" وسعيّد "ممتعض".. أي تداعيات للمواقف الأميركية حول تونس؟

Changed

قيل كلام كثير في الكونغرس عن الخشية من الاستبداد في تونس، وعن ضرورة الضغط عبر ورقة المساعدات الاقتصادية بصرامة دبلوماسية.

لا يبدو أنّ تشكيل الرئيس التونسي قيس سعيّد حكومة جديدة، ومحاولته تجاوز حالة الانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد منذ إعلانه حالة الاستثناء، مقنعة لأطراف دولية متعدّدة تراقب التطورات في تونس بحذر.

في هذا السياق، لم يُخفِ الكونغرس الأميركي الذي ناقش الوضع في تونس، توجّسه من خطوات الرئيس التونسي التي وصفها بعض المشرّعين الأميركيين بمحاولة نسف تجربة ديمقراطية هشّة في المنطقة.

تزامن ذلك مع إعلان وكالة موديز خفض التصنيف الائتماني لتونس التي لا تعيش على وقع أزمة سياسية فحسب، بل أيضًا صعوبات اقتصادية متفاقمة كذلك.

إزاء ذلك، تُطرح العديد من علامات الاستفهام حول تداعيات المواقف الأميركية على موقف الرئيس التونسي في الداخل والخارج، وكيف يُقرَأ على ضوئها تعامل واشنطن مع الأزمة في تونس.

"سوء فهم ولبس"

قيل كلام كثير في الكونغرس عن الخشية من الاستبداد، وعن ضرورة الضغط عبر ورقة المساعدات الاقتصادية بصرامة دبلوماسية.

لكنّ الأهمّ أنّ كلّ ذلك النقد وُجّه إلى قيس سعيّد من قلب واشنطن هذه المرّة، واشنطن نفسها التي هنّأت وزارة الخارجية فيها سعيّد بتشكيل الحكومة، في موقف وُصِف بالملتبس قليل الحزم.

وإذا كانت الرئاسة التونسية قابلت هذه التصريحات بامتعاض، واستقبل على إثرها الرئيس التونسي السفير الأميركي في تونس، فإنّ ما لفت في بيان الرئاسة حول الزيارة كان حديثه عن سوء فهم ولبس يقع فيه من يراقب تونس من الخارج.

باختصار، يصرّ قيس سعيّد على أنّ بلاده تعيش لحظة تأسيس لا تراجع، يترصّدها متربّصون على صلة بقوى أجنبية، وهو تصوّر يبدو أنّه تخلّق في مخيلة الرئيس التونسي، وكان شاغله حتى وهو يترأس أول جلسة للمجلس الحكوميّ.

سعيّد "أضاف الوقود إلى النار"

يوضح مدير المركز العربي في واشنطن خليل جهشان أنّ الجلسة التي أثير حولها النقاش لم تكن للكنغرس بأكمله، وإنما للجنة فرعية للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من واشنطن، إلى أنّه "ليس هناك إجماع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري حول هذا الموضوع".

إلا أنّه يرى أنّ "المفاجئ هو أنّ هذه الجلسة بالفعل قد تمّت ومثل أمام المشرّعين عدد من الخبراء من موظفي الكونغرس ومن شخصيات أكاديمية، ومن شخصيات مرتبطة بحقوق الإنسان".

ويوضح أنّ مؤسسات حقوق الإنسان يساورها قلق شديد لمجريات الأمور في تونس بالنسبة لتراجع الرئيس الحالي عن المسار الديمقراطي.

ويلفت إلى وجود قلق عبّر عنه أعضاء اللجنة كما عبّرت عنه الإدارة بوضوح منذ أشهر لما يجري في تونس من خطوات تراها بأنها تراجع عن المسار الديمقراطي في تونس.

ويضيف: "صحيح أنّ موقف الإدارة ملتبس بالنسبة لقضايا عربية عدة لكن المبالغة في ردة الفعل التونسية من قبل الرئيس سعيّد لا تساعد قضية تونس"، مشدّدًا على أنّ الأخير "أضاف المزيد من الوقود إلى النار".

"التعسّف" في التدخل بشؤون تونس مرفوض

من جهته، يلفت المحامي والناشط الحقوقي هادي حمدوني إلى أنّ هذه اللجان معنية باختيار سياسة التعامل مع تونس بعد 25 يوليو، وهي تنبع من مراجعة ذاتية للتعامل مع المستجدات في تونس.

وإذ يقرّ في حديث إلى "العربي"، من تونس، بوجود محاولة للضغط على قيس سعيّد والحكومة الجديدة، يلاحظ أنّ "السياسة الموجودة حاليًا من قبل قيس سعيّد هي سياسة التطمينات التي تنبع من الحريات التونسية".

ويرفض أن تتحول المساعدات الدولية لتونس إلى "رمز لاستعمار جديد"، كأن يُطلَب من التونسيين الارتهان للخارج أمام الوضعية الاقتصادية المتردية.

ويقول: "نحن نتقبل موقف رئيس الجمهورية بأنّ للإدارة الأميركية أن ترعى مصالحها في تونس لكن ليس لها أن تتعسف على الشعب التونسي وإرادته".

ويضيف: "نفهم أنّ تونس نقطة التقاء ونحن نعتمد على الدول الشقيقة والصديقة ونعرف حجمنا لكن نعرف أيضًا أنّ التعسّف في التدخل التام في الشؤون الداخلية هو مرفوض".

خطاب قيس سعيّد "مزدوج وبلا رؤية"

في المقابل، تستغرب الباحثة السياسية فاطمة كمون حديث البعض المفرط عن رفض التدخل الخارجي في تونس، مشدّدة على أنّ "الذي يرفض الخارج لا يلتجئ إليه ولا يقبّل الأكتاف".

وتوضح في حديث إلى "العربي"، من تونس، أنّه "إذا كان هناك خط أحمر يجب أن يكون على الجميع"، وليس على فريق واحد، أو على موقف محدد.

وتشير إلى أنّ الموقف الأميركي الذي عبّر عنه الكونغرس يدعم أنّ ما حصل في تونس هو انقلاب وقد ذُكر ذلك بصريح العبارة وهذا طبيعي.

وتقول: "منذ سنوات هم يدعمون الانتقال الديمقراطي في تونس، ولا أحد ينكر وجود أزمة سياسية واقتصادية في تونس، لكن المسار الديمقراطي لا يتطلب استثناءات".

وتعتبر أنه "أمام خطاب مزدوج للرئيس قيس سعيّد ليست له رؤية واضحة كما يذكر الأصدقاء والأعداء، يصبح من حق الغرب أن يأخذ موقفًا انطلاقًا من الموقع الاستراتيجي لتونس، وفي ضوء الأزمة الإقليمية".

وتشدّد على أنّ الغرب لا يهمّه إلا مصلحته، ولا يكترث لمصلحة تونس أو ليبيا أو غيرها، وهو يخشى التدخل الصيني.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close