الثلاثاء 26 مارس / مارس 2024

بين أمواج المتوسط ولهيب الرمال الليبية.. كواليس الاتفاق التركيّ المصريّ في المنطقة

كواليس الاتفاق التركيّ المصريّ
كواليس الاتفاق التركيّ المصريّ
بين أمواج المتوسط ولهيب الرمال الليبية.. كواليس الاتفاق التركيّ المصريّ في المنطقة
بين أمواج المتوسط ولهيب الرمال الليبية.. كواليس الاتفاق التركيّ المصريّ في المنطقة
الخميس 4 فبراير 2021

شارك

في البدء، كان المشهد ينبئ بحرب آتية لا محالة: "سرت والجفرة خط أحمر بالنسبة لمصر" (الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يونيو/ حزيران 2020)، مع استنفار عسكري لتنفيذ أي مهمة داخل حدود مصر، وإذا تطلّب الأمر، خارجها.

وعلى الطرف الآخر تأكيد تركي لا لبس فيه: "لن نترك الليبيين يواجهون وحدهم العدوان العسكري.. سنواصل التصدي للحكومات الداعمة لحفتر" (الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوليو / تموز 2020).

لكن خلال شهرين فقط، انقلب المشهد تمامًا: وقف إطلاق للنار أعلنته حكومة الوفاق وكذلك رئيس البرلمان المنعقد في طبرق، واتفاق على أن تكون المنطقة الوسطى، أي سرت والجفرة، منزوعة السلاح.

وبدلّا من طبول الحرب التي ظلّت تقرع لأسابيع، عزفت نغمات التفاوض بين مصر وتركيا، وانتهت الأمور باتفاق أممي لوقف إطلاق النار.

فما هو السرّ، وكيف تمّ ذلك؟ وما علاقة الصراع المشتعل حول ثروات شرق المتوسط بالأمر؟


في العمق: كواليس العلاقات المصرية التركية

مسارات الخصومة والمصالح

عشية انقلاب الثالث من يوليو/ تموز عام 2013، شهدت العلاقات بين القاهرة وأنقرة توترًا غير مسبوق في العلاقات، ترجمت بعض جوانبه في التصريحات المتبادلة على لسان أبرز المسؤولين في البلدين. وتحوّلت تركيا بعد الإنقلاب إلى ملاذ لكثير من المعارضين الفارّين من اضطهاد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي.

لكنّ ذلك كان مجرّد بداية، أو ربما قطرة في طوفان الخصومة.

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، أعلنت كل من مصر واليونان وقبرص عن تشكيل تحالف أمني واقتصادي وسياسي في منطقة شرق المتوسط. ورأى كثيرون أن التحالف يستهدف تركيا، التي حذّرت مرارًا مما سمّته "مساعي حبسها في نطاق سواحلها والاعتداء على جرفها القاري".

على نار هادئة، سارت تركيا في طريق الرد على إقصائها من قبل مصر واليونان. وفي العام 2018، بدأت بتسيير سفنها للتنقيب عن الغاز في مياهها الإقليمية وفي بعض المناطق المتنازع عليها.

كانت مصر تحثّ الخطى في اتجاه ما اعتبرته القيادة هدفًا استراتيجيًا لها: التحوّل إلى مركز إقليمي لـلطاقة في المنطقة.

وبينما بدا للعالم أن موجة الخصومة ترتفع بين البلدين في كلّ الملفات، كانت العلاقة تسير في مسارين متوازيين: أمواج متلاطمة وسط عاصفة سياسيّة كادت أن تصل حدّ القطيعة، وإبحار هادئ في نهر التجارة التي تزداد وتزدهر سنوياً.

ففي العام 2018، حقّق التبادل التجاري بين مصر وتركيا رقمًا قياسيًا، ليصل إلى 5 مليارات دولار، بزيادة بلغت نسبتها 20 في المئة عن العام السابق.

في موازاة ذلك، كانت مصر قد بدأت إنتاج الغاز من حقل "ظُهر" في العام 2017. وفي فبراير/ شباط 2018 أبرمت عقداً لاستيراد الغاز من إسرائيل لمدة 10 سنوات. بعدها بعدّة أشهر، وتحديدًا في سبتمبر/ أيلول 2018، وقّعت مع قبرص اتفاقّا لإقامة خطّ أنابيب بحريّ، لنقل الغاز الطبيعيّ من حقل أفروديت القبرصي إلى محطات الإسالة في مصر، لتصديره إلى الأسواق الأوروبية.

كانت مصر تحثّ الخطى في اتجاه ما اعتبرته القيادة هدفًا استراتيجيًا لها: التحوّل إلى مركز إقليمي لـلطاقة في المنطقة.

وتأكيدًا على ذلك الهدف، استضافت القاهرة في يناير/ كانون الثاني 2019 اجتماعا دوليًا، شاركت فيه مصر، الأردن، إسرائيل، قبرص، اليونان، إيطاليا والسلطة الفلسطينية.

أًعلن المجتمعون عن تحويل تحالف شرق المتوسط إلى منظمة إقليمية، مقرّها العاصمة المصرية، تحت اسم "منتدى غاز شرق المتوسط". لكن غياب تركيا وليبيا جدّد تأكيد حقيقة المنتدى: تعزير محور مصر وقبرص واليونان وإسرائيل.

خرائط تقريبية: محور مصر وقبرص واليونان وإسرائيل

 

رمال ليبيا المشتعلة

على الرمال الليبية، في أبريل/ نيسان 2019، أطلق حفتر حملته على العاصمة طرابلس، مستعينًا بعتاد حلفائه في مصر والإمارت: "اليوم نعلن المعركة الحاسمة (..) دقّت ساعة الصفر، ساعةُ الاقتحام الواسع الكامل الذي ينتظره كلّ ليبيّ..".

خرج السرّاج ليردّ على ساعات حفتر الصفرية: "لا سيطرة ولا اقتحام، ولا ساعة صفر إلا صفر الأوهام".

حُوصرت طرابلس، وبدت لحظة السقوط آتية لا محالة. لكنّ النجدة جاءت من الضفة الأخرى للمتوسط..

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، فاجأت تركيا دول شرق المتوسط بإعلان أردوغان دخوله مسرح الصراع الليبي، وإرسال قوات تركية لدعم حكومة الوفاق بموجبِ اتفاق بين الطرفين.

وإلى جانب التعاون العسكريّ الأمني، نص الاتفاق آنذاك على ترسيم الحدود البحريّة بين البلدين، وهو ما أعطى تركيا امتيازات كانت تؤكد دائمّا أنها من حقّها. وللمفارقة، أعطى الاتفاق ذاته مصر منطقة امتيازات بحرية أوسع مما طُرح في مسار مفاوضاتها مع اليونان.

الرؤية التركية لتقسيم شرق المتوسط

 

ويؤكد مصدر خاص بـ"التلفزيون العربي" مقرّب من الاستخبارات المصرية، أن مذكرة رُفعت آنذاك من وزارة الخارجية المصرية إلى السيسي، طالبته بالقبول بالاتفاق التركي – الليبي، كونه يصبّ في المصلحة المصرية.

وتتقاطع تأكيدات المصدر مع تحقيق نشره موقع "مدى مصر"، تضمّن تأكيد مسؤول مصري للموقع، أن وزارة الخارجية، وكذلك "نظم المعلومات الجغرافية"، "حاولا الضغط على الرئاسة المصرية من أجل القبول – الهادئ - بالاتفاق (..) لأنه يمنح مصر امتيازاً بحريًا كبيراً"، بينما كانت مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان متعثرة، لأن "الرؤية اليونانية تلتهم مساحة ضخمة من المناطق الاقتصادية الخالصة المصرية"، مقابل الرؤية التركية التي تعطي لمصر الحقّ في زيادة ضخمة في المنطقة الاقتصادية الخالصة، "تصل إلى حجم مساحة صربيا"، بحسب مسؤول تركيّ.

المنطقة الاقتصادية المصرية وفقا للرؤية التركية

 

وعلى الرغم من ذلك، قوبل الاتفاق التركي الليبي برفض مصري يوناني مشترك.

انقلاب الحلفاء

في الشهر نفسه الذي وقعت فيه تركيا اتفاقها مع ليبيا، أعلنت شركة "ديليك" الإسرائيلية للحفر عن تملّكها لخطّ الغاز بين مصر وإسرائيل. تحركٌ إسرائيليٌ سيتضح لاحقًا أنه خطوة متقدمة لمنافسة مصر على هدفها المتمثّل بالتحوّل إلى مركز إقليمي لتصدير الطاقة.

في يناير/ كانون الثاني 2020، وافق البرلمان التركي على إرسال قوات إلى ليبيا. وفي الشهر نفسه، كان السيسي "يتلقّى طعنةً في الظهر من حلفاء شرق المتوسط".

فبعد يوم واحد فقط من موافقة الأتراك على التدخل في ليبيا، وقّعت قبرص واليونان وإسرائيل على اتفاق لمدّ خطّ أنابيب في شرق المتوسط، وهو الخط المعروف بـ"إيست ميد"، في تجاهل تامّ لمصر.

ويمتد الخطّ المقترح على طول ألفي كيلومتر، من سواحل إسرائيل مروراً بقبرص ثم إلى أوروبا، ويوفر 10 في المئة من حاجات السوق الأوروبية من الغاز. ونال المشروع دعمًا أميركيًا، باعتباره يسمح بتخفيف اعتماد أوروبا على روسيا في إمدادات الطاقة.

خطّ أنابيب "إيست ميد" في شرق المتوسط

 

أنذر الاتفاق الثلاثيّ بتهميش مصر. وبعد توقيعه بأيّام، قلّل زير البترول المصريّ من أهمية المشروع وشكّك في إمكانية تنفيذه. وأكد في حوار صحافيّ أنّ "مصر لم تتلقّ أيّة دعوة رسمية من حلفائها الثلاثة للمشاركة في اتفاق مشروع إيست ميد" (14 يناير/ كانون الثاني 2020).

لكن "إيست ميد"، المشروع الذي استبعد مصر، يحتاج إلى موافقة تركية لتنفيذه. فمسار خطّ الغاز المحدّد بالاتفاق يعبر مناطق يسيطر عليها الأتراك. ولتفادي "العقبة" التركية، كانت إسرائيل قد وجّهت دعوة إلى أنقرة للمشاركة في الاتفاقية، لكن الأخيرة رفضت، كونها تعمل على إنشاء خط "الأناضول" الذي يطمح لتحقيق الهدف ذاته. 

طريق أنقرة

عند نقطة التقاء المصالح التركيّة المصريّة تلك، عادت لتبرز أهمية الاتفاق التركي الليبي بالنسبة إلى مصر. بدا أنّ كلّ طرق القاهرة المؤدية إلى أن تصبح مركزّا إقليميًا للطاقة تمرّ بالضرورة من أنقرة.

في يونيو/ حزيران 2020، كانت مجريات الأحداث على الأرض الليبية الملتهبة في تصاعد مضطرد: صارت قوات الوفاق على حدود مدينة سرت وسط البلاد، وتراجعت قوات حفتر شرقاً، إثر سلسلةِ انتصاراتٍ لحكومةِ الوفاقِ بدعم من أنقرة.

بلغ التوتّر مداه بعد موافقة البرلمان المصريّ على إرسال الجيش في "مهامّ خارج البلاد"، وبدا واضحًا أنّ الحرب قادمةٌ لا محالة.

هكذا عادت تركيا إلى طاولة شرق المتوسط بأوراق رابحة، بينما أعلن الرئيس المصريّ "مبادرة لحلّ الأزمة الليبيةِ": "إلزام كافة الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية، وتفكيك المليشيات وتسليم أسلحتها".

في 20 يوليو/ تموز 2020، وافق البرلمان المصريّ على إرسال الجيش في "مهامّ خارج البلاد". بلغ التوتّر مداه، وبدا واضحًا أنّ الحرب قادمةٌ لا محالة. لكن، في ظلّ وضع اقتصاديّ غير مشجّع فاقمت سوءه تبعات جائحة كورونا، وبعد طعنة الحليفة إسرائيل في ملف ثروات شرق المتوسط، لم يكن أحدٌ يريد المخاطرة بإشعال أتون حرب في المنطقة.

كان لا بدّ للقاهرة إذًا من القيام بشيء ما. 

في هذا الوقت، كانت مصر تستعدّ لتسوية ملفّ ترسيم حدودها البحرية مع اليونان.

إشارات القاهرة

في 6 أغسطس/ آب 2020، وقّع وزير الخارجية المصريّ ونظيره اليوناني اتفاقية ترسيم الحدود البحرية والمناطق الاقتصادية بين البلدين.

كانت مصر على وعي بالتوتر التاريخيّ بين تركيا واليونان، فيما يتعلق بمناطق الامتياز الاقتصادي الواقعةِ في الجُرْف القاريِّ لتركيا. وبدلاً من أن تقبل تقاسم تلك المنطقة مع اليونان، "قرّرت مصر استبعاد بعض هذه المناطق من المفاوضات، والتنازل عن بعضها الآخر لليونان"، كما يؤكد المصدر الخاص بـ"التلفزيون العربي".

مناطق الامتياز الاقتصادي الواقعةِ في الجُرْف القاريِّ لتركيا

 

ويضيف المصدر أن "أعضاء فريق التفاوض المصري شعروا أن القاهرة قدّمت تنازلات كبيرة للغاية"، لكنّ الخطوة المصرية كان غرضها الفعلي "إرسال بادرة حسن نية إلى تركيا". وما بدا أنه تنازلٌ مصريّ كان في الحقيقة "إشارة سياسية أملت القاهرة أن تلتقطها أنقرة".

وهو الأمر الذي حدث بالفعل..

في 18 أغسطس 2020، وافق البرلمان المصريّ على "الترسيم الجزئيّ للحدود البحرية مع اليونان"، وتركت مناطق عدّة إلى "مفاوضات لاحقة". وبناء على خريطة حصلت عليها "رويترز"، طُبّقت الاتفاقية البحرية اليونانية المصرية فقط على جزيرتي كريت ورودس، وتُركت مسألة تحديد الحدود مع جزيرة كاستيلوريزو إلى مرحلة لاحقة، ما يعني عدم المساس بالجرف القاريّ التركي من قبل مصر.

الاتفاقية البحرية اليونانية المصرية

 

وكانت النتيجة: فتح قنوات محادثات سرية بين مصر وتركيا للمرة الأولى، بحسب مصدر "التلفزيون العربي"، في أغسطس/ آب من العام 2020.

كواليس العسكر والساسة

تواصل الملحق العسكري في السفارة التركية في الجزائر مع نظيره المصري بهدف فتح محادثات بخصوص الملف الليبي المشتعل. قوبل الاقتراح التركي برفض مصري حاسم وصل، وفقاً للمصدر ذاته، إلى "درجة عالية من الفظاظة".

ويقول المصدر إن المصريين ظنّوا في البداية أن اقتراح المحادثات جاء بمبادرة شخصية مِن "مسؤولٍ متواضع المستوى". لكن الأخير عاد وأكّد أن "الأمر يأتي بتوجيه رفيع المستوى من تركيا..".

جدّد المسؤول التركي الدعوة إلى فتح قنوات للتواصل، وقال إن "هناك الكثير من الملفات الإشكالية، التي تجعل من التواصل أمرًا حرجًا"، مقترحًا "البدء بالملفات الأقلّ إشكالًا، والتي قد يسهل إيجاد أرضية مشتركة فيها، تؤسس لبناء الثقة، وبعدها نتحدث عن الملفات الأكثر تعقيداً".

وصل مسؤول استخباراتي تركي بشكل سرّي إلى القاهرة. ويرجّح مصدر "التلفزيون العربي" أن ذلك المسؤول "لم يكن سوى رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان".

رفع الملحق العسكري المصري الملفّ إلى الاستخبارات العسكرية، التي أرسلت بدورها ضابطًا رفيع المستوى إلى الجزائر للاجتماع مع الطرف التركي.

أبدى المصريون استعدادهم للحوار، وكان القرار ببحث الملفات على مستوى استخباراتيّ أعلى، ونقل المحادثات بشأنها إلى العاصمة الإيطالية روما.

توافق الطرفان على الخطوط العامة للتهدئة في ليبيا، ودشّنا طريقًا سالكًا بين أنقرة والقاهرة.

بعدها، وصل مسؤول استخباراتي تركي بشكل سرّي إلى القاهرة. ويرجّح مصدر "التلفزيون العربي" أن ذلك المسؤول "لم يكن سوى رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان". وجرى في الزيارة الاتفاق بالكامل على أهمّ القضايا المتعلقة بليبيا، كخطوة أولى.

هذا اللقاءُ السرّي أكدته لاحقا تصريحات واضحة للرئيس التركي نفسه: "في الوقت الحالي تتواصل المخابرات التركية مع المخابرات المصرية.. وسنجعلها (الاتصالات) تستمر. فما بين الشعبين المصري والتركي شيءٌ مختلف، ولا يمكن أن يكون التضامن بينهما متشابهًا مع الشعب اليوناني" (14 أغسطس/ آب 2020).

في 17 سبتمبر/ أيلول 2020، خرج وزير الخارجية التركيّ بتصريح أكثر وضوحًا. ففي برنامج "منطقة محايدة" على قناة "سي إن إن ترك"، أكد أن الاتفاق التركي المصري في ليبيا انطلق بسبب مبادرة القاهرة وإشارتها خلال ترسيم حدودها البحرية مع اليونان: "مصر لم تنتهك في أي وقت الجُرف القاريّ لتركيا في اتفاقيتها التي أبرمتها مع اليونان وقبرص، ولكن اليونان وقبرص هما من فعلتا. هناك لقاءات بين مخابرات البلدين. توقيع مصر اتفاقية مع اليونان لا توضح أنها تعدّت على حق تركيا أبدًا، بل احترمت مصر حدودنا، وجميع الاتفاقيات السابقة التي وقّعتها مصر سابقًا لا تضرّ تركيا في شيء. وعرضنا على مصر أن تعقد معنا اتفاقية مثلما فعلنا مع ليبيا".

العودة إلى الطاولة

في أغسطس/ آب 2020، اتفقت الأطراف المتصارعة في ليبيا على وقف إطلاق النار. وفي 28 سبتمبر/ أيلول 2020، انطلق اجتماع أمنيّ في مدينة الغردقة المصرية، بين قيادات عسكرية وأمنية من الشرق الليبي الذي تدعمه القاهرة، وكذلك قيادات من حكومة الوفاقِ الوطني التي تدعمها تركيا. 

اتفق طرفا الصراع الليبي خلال اجتماعاتهم على تشكيل هيئة عسكرية مشتركة تضم جميع الليبيين، لتخمد نيران المعركة تماماً.

بدا أن تقارباً بين مصر وتركيا أعاد الهدوء إلى الساحة الليبية. وتأكد الأمر أكثر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، بعد اتفاق أممي لوقف إطلاق النار باركته أطراف دولية. وفي 27 كانون الأول/ ديسمبر 2020، وصل وفد رسمي مصري برئاسة نائب رئيس المخابرات إلى العاصمة الليبية طرابلس، في زيارة هي الأولى لمسؤولين مصريين منذ العام 2014.

تركزت محادثات الوفد المصري مع مسؤولين في حكومة الوفاق الوطني على تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية المشتركة، واستئناف الرحلات الجوية بين العاصمتين، وكذلك على إعادة فتح السفارة المصرية في طرابلس، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ انحياز القاهرة كلياً إلى جانب اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

من جهتها، فتحت أنقرة قنوات اتصال في شرق ليبيا بعيدًا عن حفتر، واستقبلت مبعوثًا من رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح.

عاد الجميع إلى طاولة الحوار من جديد، والأهمّ.. عادوا إلى السياسة.

لكن يظلّ السؤال: هل تشكّل هذه الاتفاقات الأرضية المناسبة لعودة العلاقات التركية المصرية إلى مجاريها الطبيعية؟ وكيف سيؤثّر ذلك على حليفي مصر الإقليميّين: الإمارات والسعودية، في ظل إشارات إيجابية يرسلها البلدان نحو تركيا، خصم الأمس اللدود.

المصادر:
التلفزيون العربي

شارك

Close