الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

صوت الاحتجاج يعلو في السودان.. أزمات متتالية وشوارع متفرّقة تتصارع

صوت الاحتجاج يعلو في السودان.. أزمات متتالية وشوارع متفرّقة تتصارع

Changed

بالقدر الذي اتسعت فيه جغرافية عاصمة كالخرطوم لكل المتظاهرين من مختلف الأطياف، ضاقت بينهم مساحات التوافق السياسي.

يزداد الخلاف بين المكوّنين المدني والعسكري في مجلس السيادة السوداني، حدّة، ويصبح أقرب إلى الشرخ، فيلجأ كلّ مكوّن لحشد أنصاره في شوارع الخرطوم.

هكذا انقسم السودان إلى شوارع متفرّقة في يوم واحد، ولكن بعد أزمات متتالية، بهدف مُعلَن هو إنجاح العملية الانتقالية وتصحيح أيّ انحراف وقع في إدارة المرحلة.

وبينما تزداد حدة التصعيد في العاصمة السودانية، تتواصل مظاهرات شرق البلاد تنديدًا بسوء تمثيلها في مؤسسات الحكم والأزمة الاقتصادية التي تعيشها.

إزاء ذلك، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام، فهل يحسم الشارع الخلافات بين مكوّني المجلس السيادي؟ وكيف يمكن معالجة المظالم التي تشكو منها قبائل البجا؟

"رسالة" بعض الثورة إلى بعضها الآخر

في يوم الحادي والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول، ذكرى أولى ثورات السودانيين على حكم عسكري قبل خمسة عقود ويزيد، أخذ الاحتفال بتلك المناسبة شكل تدافع سياسي محتدّ حول النسخة الأحدث من ثورات السودانيين تلك.

في هذه الدائرة المغلقة، سُمِعت رسالة بعض الثورة إلى بعضها الآخر، رسالة طيف من الحرية والتغيير إلى طيف آخر منشقّ، فيما كانت المواكب التي حشد لها تجمع المهنيين السودانيين تتوسط الشوارع في مدن عدّة.

لكن بالقدر الذي اتسعت فيه جغرافية عاصمة كالخرطوم لكل هؤلاء المتظاهرين؛ ضاقت بينهم مساحات التوافق السياسي، لتصبح حدود التقاطع بينهم خطرة، كما أوحى ما حصل في أم درمان، حيث وقع الاشتباك بين المتظاهرين وقوات الجيش والشرطة.

إلا أنّ مشاهد الشوارع المحتقنة لم تكن إلا صورة عن الاستقطاب السياسي الحاد بين شركاء الحكم الانتقالي على مدى شهور.

"الغلبة للشارع" في السودان

يرى الكاتب السياسي أحمد خليل أنّ الموكب الذي خرج في الخرطوم اليوم، ونادى بمدنية الحكم في السودان، جاء ردًا على تصريح نائب رئيس مجلس السيادة الذي تحدّث عن شارع يمتلكه الجيش.

ويقول في حديث إلى "العربي"، من الخرطوم: "السودانيون رأوا الشارع الموالي للعسكر لكن اليوم ظهر الشارع الحقيقي الذي يمثل الثورة والثوار".

وفيما يعتبر خليل أنّ ما يحدث في السودان حالة جيدة وطبيعية في أولى سنوات الحرية والديمقراطية، يضيف: "لا بد أن يكون هناك تباين في المواقف، لكن الأهم في ذلك أن يلجأ كل فريق إلى التعبير السلمي عن موقفه".

ويعرب عن اعتقاده بأنّ الرجوع إلى الشارع يؤكد أنّ السياسيين الموجودين من الطرفين يؤمنون بأن الغلبة للشارع، "وبالتالي من المهم جدًا الركون للشارع والانتباه له باعتبار أنّ الشارع هو الذي يمثل الشرعية".

ويخلص إلى أنّ "الشارع قال كلمته وهذه المواكب التي خرجت اليوم معظمها توحّدت على وجوب نجاح الفترة الانتقالية والتمسّك بالمدنية".

تجربة ديمقراطية "جديرة بالاحترام"

من جهته، يعتبر الكاتب السياسي ضياء الدين بلال أنّ المشهد إيجابي إلى حد كبير، لافتًا إلى وجود أطراف سياسية متعددة تعبر عن رأيها بحرية وسلمية.

ويقرّ في حديث إلى "العربي"، من الخرطوم، بوجود احتكاكات وإطلاق للغاز المسيل للدموع، وهو قد يكون أمرًا سلبيًا، لكن في المجمل، فإنّ "اليوم مرّ بسلام وقدّم تجربة ديمقراطية جديرة بالاحترام والتقدير".

ويوضح أنّ هذه الأطراف التي كانت في السابق تصارع السلطة عبر الأسلحة وحركات التمرد، باتت الآن تلتجئ إلى الخيارات السلمية والديمقراطية، "وذلك تقدّم في الممارسة السياسية يجب أن نثني عليه".

ويتوقع أن يقود هذا الأمر لحالة من حالات التواضع السياسي لجميع الأطراف، مشدّدًا على أنه ليس هناك طرف يستطيع أن يقول إنه يتحدث بلسان شارع واحد.

ويضيف: "هنالك عدد من الشوارع في الساحة السياسية السودانية مهما اختلفت الأرقام ومهما اختلفت المقادير الأخرى". ويذكّر بأنّ رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك نفسه، حين أطلق مبادرته الأخيرة، أشار بشكل مباشر إلى ضرورة إشراك القوى السياسية الأخرى وضرورة توسيع قاعدة التوافق السياسي والوطني.

"صراع حول السلطة وألعاب بهلوانية"

يتّفق رئيس تحرير صحيفة الأحداث عادل الباز مع الكاتب السياسي ضياء الدين بلال، معتبرًا أنه "لا أحد يستطيع أن يحدّد أي شارع له الغلبة الآن".

ويقول في حديث إلى "العربي"، من الدوحة: "الشوارع منقسمة وهناك كتلة ضخمة تتفرّج على ما يجري من صراع حول السلطة وألعاب بهلوانية من السياسيين".

ويضيف: "اليوم مرّ بسلام رغم الحشود الكبيرة من الطرفين ورغم الشحن الكبير الواسع"، لكنّه يلفت إلى أنّ السؤال الذي يواجه كلّ الشوارع، بعدما عبّر كلّ منها عن نفسه، هو: "ماذا بعد هذا اليوم؟ وماذا بعد أن تمّ الحشد؟".

ويشدّد على أنّه "كلما حصلت أزمة استُنفِر الشارع حتى استُهلِكت الشوارع"، معتبرًا أنّه "بدلا من جلوس الفرقاء للحوار أصبح الشارع كأنه هو الذي يحدد".

ويرى أنّ هذا الأمر غير دقيق، معربًا عن اعتقاده بأنّ السياسيين هم الذين سيجلسون على الطاولة في نهاية المطاف، وسيتوصلون إلى اتفاق حول كيفية تنفيذ الوثيقة الدستورية.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close