الخميس 28 مارس / مارس 2024

سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر.. هل تفجّر الانتخابات أوضاع ليبيا؟

سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر.. هل تفجّر الانتخابات أوضاع ليبيا؟

Changed

زاد ترشيح سيف الإسلام القذافي الأجواء المشحونة في ليبيا مع انطلاق التحضير لمسار الانتخابات (رويترز)
زاد ترشيح سيف الإسلام القذافي الأجواء المشحونة في ليبيا مع انطلاق التحضير لمسار الانتخابات (رويترز)
ترافق أجواء مشحونة مسار التحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة نهاية الشهر المقبل، والتي زاد منها ترشيح سيف الإسلام القذافي.

تتسارع التطورات على خط التحضيرات للانتخابات في ليبيا، ليس فقط مع دخول سيف الإسلام القذافي على المشهد، ولكن أيضًا في سياق انتقادات تُوجَّه لتشريعات القوانين التي على أساسها ستجرى هذه الانتخابات.

هكذا، يبدو أنّ أجواء مشحونة ترافق مسار التحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة نهاية الشهر المقبل، والتي زاد منها ترشيح سيف الإسلام القذافي، الذي أعلن رسميًا، وذلك المرتقب للواء المتقاعد خليفة حفتر.

وبدلًا من أن تصبح الانتخابات جزءًا من الحل، أصبحت تجليًا جديدًا من تجليات الأزمة، مع تأكيد رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة أنّ مفوضية الانتخابات تقبل قوانين مفصّلة على مقاس أفراد بعينهم.

إزاء ذلك، تُطرَح علامات استفهام حول شرعية قوانين الانتخاب في ليبيا مع غياب الإجماع عليها، وهل هي قادرة على إفراز مرشح ينال ثقة الليبيين وهل يؤدي الاستحقاق الانتخابي بشكله الراهن إلى تفجير الأوضاع في ليبيا بدلًا من حلّها.

انتخابات هشّة وتحدّ هائل

بينما كانت تحاول تجاوز الخلاف بشأن قانوني الانتخاب مع مجلس النواب في طبرق، فوجئت حكومة الوحدة ومعها الليبيون بترشح سيف الإسلام القذافي، الذي قد يلحق به اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وإذا كان هذان المرشحان "تخالفا" في حقبة، إلا أنّهما ترافقا في كم الاتهامات التي وُجّهت إليها، وبينها ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية، سواء في ثورة الليبيين ضد نظام سيف الإسلام، أو في ترهونة وغيرها من المقابر الجماعية التي يُتهَم بها حفتر.

من هنا، يبدو أنّ دخولهما المعترك السياسي يصطدم بالعديد من العقبات، حيث إنّ ترشح سيف الإسلام القذافي أحدث رجّة في جهود تنظيم الانتخابات الهشة، وفق ما تقول صحيفة نيويورك تايمز، التي تتحدث عن تحدّ هائل للجميع.

ولعلّ ما يعزّز من هذه الخشية ما يسرّب عن أنّ بريقًا ألمح لأحدهما أو كليهما بالترشح، في وقت تتحدّث صحف عبرية صراحة عن ربط علاقات ووعود بالتطبيع إن جرى فوز أحدهما.

بين ليبيا الأمس والغد

ويعيد البعض المشكلة إلى ما اتُفِق عليه في اجتماع باريس حول ليبيا، الذي تعهّد الاعتراف بمن يختاره الليبيون في انتخاباتهم المقبلة.

يعتبر كثيرون أنّ في ذلك تخليًا أكثر منه تجلّيًا للديمقراطية، حيث إنّ من ستفوز ورقته من بين أوراق المرشحين قد يكون بذرة من ثار ضده الليبيون قبل عقد، وهو يحمل إلى جانب مشروعه ليبيا الغد، ذكريات لا تُنسى عن ليبيا الأمس، وقد أطيح فيها بوالده وشُرّدت عائلته.

ويسأل البعض: كيف يمكن لسيف الإسلام، الذي لم يعد صاحب حلم مبدّد فحسب، بل أصبح أيضًا مُلاحَقًا دوليًا ومحليًا، أن يقود شعبًا.

لكن، في النهاية، قد يفرض التدخل الإقليمي الأسماء التي يريد ويصفّ طاولات التفاهم بالشكل الذي يراه مناسبًا للسياسة الليبية وجلسائها.

"موعد مقدَّس أنزِل من السماء"

يرى الباحث السياسي ناصر أبو ديب أنّ إحدى الإشكاليات التي تتجلى في الواقع الليبي اليوم تكمن في الإصرار على موعد 24 ديسمبر/ كانون الأول لإتمام الانتخابات، "وكأنّه مقدَّس أنزِل من السماء".

ويشير أبو ديب، في حديث إلى "العربي"، من طرابلس، إلى أنّ من "ورّطوا" الليبيين بهذا الموعد للانتخابات، باتوا يتصرّفون وكأنّ إنجاز الانتخابات هو الأساس وليس ما يأتي بعدها.

ويلفت إلى أنّ تأجيل الانتخابات لثلاثة أشهر ليس كلام المشري فقط بل كل من لديه بصيرة وعقل، مضيفًا: "نحن نتحدث عن انتخابات رئاسية من دون وثيقة رسمية، وهذا إقرار ضمني بان نظام الحكم في ليبيا سيكون رئاسيًا".

ويحذر من أنّ هذه الانتخابات هي ما سوف يأتي بكارثة على ليبيا، لافتًا إلى إشكالية القوانين "المعيبة" التي وضعها عقيلة صالح ومجموعته. 

ويسأل عن "الضمانات" التي تتيح قبول جميع الأطراف بهذه الانتخابات، والأهم، التي تفرض الحفاظ على عامل النزاهة والشفافية فيها، خصوصًا بعدما فُصّلت القوانين على مقاس أشخاص معيّنين.

قانون الانتخاب "لا يقصي أحدًا"

من جهته، ينفي الأكاديمي والباحث السياسي سعد العكر أن تكون المادة 12 من القانون الانتخابي "إقصائية"، وفق ما يروّج البعض، مشدّدًا على أنّ ما يقوله "ليس دفاعًا عن (اللواء المتقاعد خليفة) حفتر".

ويوضح العكر، في حديث إلى "العربي"، من طبرق، أنّ المادة المذكورة نصّت على أن من يريد الترشح للانتخابات الرئاسية عليه أن يتقدم بإجازة من منصبه قبل الانتخابات بثلاثة أشهر".

ويشدّد على أنّ الكلام الوارد هو بهذا المعنى عام ومجرد، "والمخاطَب هم جميع الليبيين". ويلفت إلى أنّ حفتر تقدم بإجازة وكذلك فعل عقيلة صالح ومن له منصب رسمي باستثناء الدبيبة، علمًا أنّ الأخير كان قد تعهّد سابقًا بأنه لن يتقلّد أيّ منصب.

ويذكّر بأنّ من حدد موعد الانتخابات لجنة سمّيت بلجنة 75 قامت باختيارها الأمم المتحدة، وقد حدّدت الموعد قبل ثمانية أشهر من الأوان، ويسأل: "إذا كانت المفوضية تقول لدينا القدرة والقانونان ليس فيهما نص واحد يقصي أحدًا من الليبيين أو يمنعه من الترشح للانتخابات بمن فيهم من يحملون فكر تيار الإسلام السياسي وكذلك فكر الأزلام وأتباع الكرامة، فأين العيب؟".

"قاعدة ذهبية في الانتقال الديمقراطي"

أما أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف حسني عبيدي، فيؤكد أنّ كلّ شخصية ليبية تستوفي الشروط في المطلق، لديها الحق في الترشح للانتخابات.

إلا أنّ عبيدي يشير في حديث إلى "العربي"، من جنيف، إلى "خصوصية" الحالة الليبية، باعتبار أننا أمام بلد في حالة انتقالية، ما يتطلب بعض الشروط الخاصة.

ويلفت إلى أنّ الأمم المتحدة لم ترد التطرق لقضايا قانونية دقيقة مثل قضية التقسيم الانتخابي والقانون الانتخابي. لكنه يعتبر أنه "في حالة انتقالية مثل الحالة الليبية يجب إقصاء أي شخصية من السباق الانتخابي إذا كانت أيديها ملطخة بالدماء أو إذا تعدت على المال العام". 

وفيما يرى أنّ "هذه قاعدة ذهبية في عملية الانتقال الديمقراطي"، يشير إلى أنّ الأمم المتحدة تركت العملية لمجلس النواب، رغم أنه "جسم انتخابي أصلًا عليه تحفظات من الجهة الغربية وغيرها".

وإذ يشدّد على أنّ "القانون الانتخابي يشكّل قاعدة قانونية لتنظيم الانتخابات"، يعتبر أنّ المشكلة بدأت هنا، إذ إنّ القانون "عليه تحفظات وهناك ثغرات كبيرة في متنه".

ويشكو أيضًا من التسرّع والإصرار على موعد 24 ديسمبر، رغم أنّ الوقت لا يسمح بتنظيم العملية الانتخابية، وأنّ المفوضية العليا ليس لديها القدرة لتنظيم انتخابات في ظرف قصير. ويضيف: "من الصعب أن ننتظر من المفوضية أن تكون الراعية لهذه الانتخابات في ظل الظرف الحالي".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close