الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

"بحر من المواد الصفراء والخضراء".. مرفأ بيروت ينجو بالصدفة من "جحيم"

مرفأ بيروت
أنهت شركة ألمانية هذا الشهر معالجة آلاف الليترات المخزنة في حاويات مهترئة موجودة منذ أكثر من عقد في مرفأ بيروت (غيتي)
"بحر من المواد الصفراء والخضراء".. مرفأ بيروت ينجو بالصدفة من "جحيم"
"بحر من المواد الصفراء والخضراء".. مرفأ بيروت ينجو بالصدفة من "جحيم"
الخميس 11 فبراير 2021

شارك

أنقذت الصدفة مرفأ بيروت من كارثة جديدة، بعد نحو ستّة أشهر من الانفجار الضخم الذي أسفر عن مقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح. وألحق أضراراً جسيمة بالمرفأ وبعدد من أحياء العاصمة.

وأخرجت شركة ألمانية متخصصة مواد خطرة من المرفأ، وفق ما أفاد به أحد خبراء الشركة وكالة "فرانس برس"، مشيرًا إلى أنّ مرفأ العاصمة اللبنانية نجا هذه المرة من "جحيم" تفاعل مواد كيميائية شديدة الخطورة كانت مخزّنة فيه.

وعقب الانفجار المروّع الذي هزّ المرفأ في الرابع من أغسطس/ آب الماضي، عثر على عشرات الحاويات التي تضمّ مواد كيميائية شديدة الخطورة في المرفأ، ما دفع لبنان لتوقيع عقد مع شركة "كومبي ليفت" الألمانية، في نوفمبر/ تشرين الثاني، للتخلص منها. وبلغت قيمة العقد 3,6 مليون، في غياب إمكانات أو خبرات محلية تقوم بذلك.

رحلة نترات الأمونيوم.. القصة الكاملة لشحنة الموت التي دمرت مرفأ بيروت

"المرفأ محظوظ"

وأعلنت سفارة ألمانيا لدى لبنان قبل أيام انتهاء الشركة من معالجة 52 حاوية من المواد الكيميائية الشديدة الخطورة التي شكلت "تهديدًا للناس في بيروت". وكشف مدير المشروع لدى الشركة، مايكل وينتلر، أنهم وجدوا مواد إذا اختلطت مع بعضها قد تؤدي إلى انفجار. ووصف المرفأ بالمحظوظ لوجود مسافة بين الحاويات التي كانت تحتوي على هذه المواد.

وفي عملية معقدة وخطرة، أنهى طاقم الشركة هذا الشهر معالجة آلاف الليترات المخزنة في حاويات مهترئة كانت قد وضعت في المكان منذ أكثر من عقد من الزمن. وقال وينتلر: "لم أشاهد وضعًا مماثلًا في حياتي". وأشار إلى أن تفاعل بعض المواد أحدث ثقوباً في الحاويات نتيجة تآكلها.

وتحدث عن "بحر أو نهر من المواد الصفراء والخضراء"، تسرّبت من بعض الحاويات وكانت تتفاعل على شكل "فقاعات".

وكانت الحاويات موزعة على سبعة مواقع مختلفة. ووجدت معظمها في مساحة مفتوحة لحاويات الشحن في الطرف المقابل لموقع الانفجار الذي وقع قبل ستة أشهر.

وكان رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للمرفأ بالتكليف باسم القيسي قال لفرانس برس في 19 نوفمبر الماضي، إنه "لو اشتعلت المواد الموزعة في المرفأ لدمرت بيروت".

شركة ألمانية تواصل العمل على إخلاء مرفأ بيروت من المواد الكيميائية الخطيرة

السلطات لا تعلم شيئًا

في غضون ذلك، لا تزال السلطات اللبنانية تحقّق في ظروف وصول نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت، والجهات المسؤولة عن تخزينها ومن ثمّ انفجارها. ويبدو أن سبب تخزين المواد الكيميائية التي عالجتها الشركة الألمانية مجهول أيضاً.

ووفق وينتلر، يبدو أنه ما من أحد من السلطات يعلم شيئًا عن هذه الشحنات باستثناء تاريخ وصولها. وأضاف أنه لا يعتقد أن سلطات المرفأ تدرك ماذا كان يوجد في الموقع.

وألحق الانفجار الضخم ضررًا شديدًا بحاويات كانت بدأت بالتآكل جراء تفاعل الأسيد. ولم يكن من الممكن رفع أو نقل العديد من الحاويات لأن حالتها كانت سيئة للغاية. وهو ما اضطر الخبراء إلى نقل المواد الكيميائية يدوياً، وعرّضهم لمخاطر.

مواد شديدة الخطورة

وروى وينتلر أنّ ارتداءه ملابس الوقاية من المواد الكيميائية أنقذه عند تسرّب حمض الهيدروكلوريك من أسفل برميل كان يرفعه وتناثره على الأرض. ويشكّل حمض الهيدروكلوريك، وهو مادة سامة ومسبّبة للتآكل، ستين في المئة من المواد الكيميائية التي تعاملت معها شركة كومبي ليفت.

واضطرت الشركة، وفق وينتلر، للتعامل مع آلاف الليترات من الأسيتون الشديد الاشتعال، وحاويات من بيروكسيد الهيدروجين، وهو مركب كيميائي سائل. وكان يمكن للمادتين في حال اختلاطهما أن تحدثا انفجاراً. إلا أن وجود الحاويات في مواقع منفصلة عن طريق الصدفة حال دون وقوع كارثة، وفق وينتلر.

قبطان سفينة "روسوس" يروي تفاصيل رحلة شحنة نترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت 

وشملت المواد الكيميائية "الأكثر خطورة" التي تمّت معالجتها، حمض الهيدروفلوريك الذي يمكن أن يكون مميتاً إذا دخل مجرى الدم أو لامس الجلد.

وعملت كومبي ليفت على تخزين المواد في حاويات خاصة تمهيداً لشحنها إلى ألمانيا. ومن المرتقب إتمام الإجراء نهاية الشهر الحالي. وذلك بعد أن تسدّد الحكومة اللبنانية المبلغ المترتب عليها بحسب العقد، والبالغ مليوني دولار، وسط أزمة خانقة تعيشها البلاد.

المصادر:
التلفزيون العربي/أ ف ب

شارك

Close