الجمعة 12 أبريل / أبريل 2024

واشنطن "ستواجه" إيران "إن لزم الأمر".. هل "طمأن" أوستن دول الخليج؟

واشنطن "ستواجه" إيران "إن لزم الأمر".. هل "طمأن" أوستن دول الخليج؟

Changed

جاءت تصريحات لويد أوستن لطمأنة حلفاء الولايات المتحدة في الخليج بشأن احتمال تخلي إدارة بايدن عن المنطقة في ظل حشد جهودها لمواجهة الصين.

في العاصمة البحرينية المنامة، أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أنّ كل الخيارات مفتوحة بالتعامل مع إيران، وهي التي تقف على أبواب التفاوض في فيينا، ولا ترخي حبل التنازلات للتقرب خطوة من غرب يبدو حتى الآن مرحّبًا بالعودة إلى اتفاق نووي منقوض.

أكد أوستن التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن الشرق الأوسط وعن مصالح بلاده ومصالح حلفائها، وكذلك مواجهة إيران ووكلائها في المنطقة، مشيرًا على وجه الخصوص إلى حرب اليمن وضرورة إنهائها. كما تحدّث عن خيارات بلاده في مواجهة إيران في حال إخفاق الخيار الدبلوماسي.

جاءت تصريحات وزير الدفاع الأميركي هذه، برأي كثيرين، لطمأنة حلفاء الولايات المتحدة في الخليج بشأن احتمال تخلي إدارة بايدن عن المنطقة في ظل حشد جهودها لمواجهة النفوذ الصيني في مناطق أخرى من العالم.

لكن، هل طمأنت هذه التصريحات فعلًا الحلفاء الخليجيين أم لا تزال مخاوفهم في محلها، ولا سيما وأنها لم تأت بجديد؟ وهل تشجيع الإدارة الأميركية لدول الخليج في محاولاتهم تحسين العلاقات مع طهران يصبّ في اتجاه توجّه إدارة بايدن ذاته في محاولة النأي بنفسها عن المنطقة؟ وكيف ستستقبل طهران هذه التصريحات في ظل أجواء تصعيد مستمرة قبيل جولة مفاوضات فيينا؟

واشنطن "بين زرّي ضغط"

تقول أميركا إنّها ستواجه إيران إن لزم الأمر، حتى ولو كانت تمدّ لها يدًا بقفاز دبلوماسي في العاصمة النمساوية فيينا، المتخوّفون منها وغير المرحّبين بالعودة إلى الاتفاق كثر بينهم حلفاء الولايات المتحدة في الخليج.

يريد هؤلاء نيل حظ من التفاوض المتجدد يحمي مصالحهم من إيران التي قد تخرج من طوق العقوبات، كيف لا وقد أصاب برنامج صواريخها البالستية مصالح بعض من دول الخليج، وهي تدعم جماعة الحوثي الخادشة لهيبة السعودية منذ فترة لإيصال الطائرات المسيرة إلى مختلف المدن السعودية، غير مستثنية العاصمة الرياض.

وبين زري ضغط، تضغط واشنطن على الرياض لرفع حصار يفرضه التحالف على مناطق يسيطر عليها الحوثيون، وتضغط في الوقت نفسه على إيران لمنع توغلاتها في المنطقة ودعم جماعة الحوثي المستقوية على الأرض اليمنية والمتقدمة حتى الآن في مأرب المدينة المفصلية.

في غضون ذلك، يبدو أنّ العقوبات والتهديدات لا تعطّل سير إيران، هي الماضية في تخصيب اليورانيوم وتطوير برامجها النووية، وقد امتدّت إلى البحر، تحرس مياهها عبر الخليج، فيما المناورات مع دول مطبّعة حديثًا تلمس حدود مياهها.

"جعجعة بلا طحين"

يرى أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة قطر محجوب زويري أن جولة وزير الدفاع الأميركي الخليجية تؤكد أن الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن حلفائها في الخليج، وهو الأمر الذي كان قد أكد عليه الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2015 عندما وقع الاتفاق النووي مع إيران وعقد مؤتمر كامب دايفيد آنذاك الذي جمع زعماء الدول الخليجية.

ويشير زويري، في حديث إلى "العربي"، من الدوحة، إلى أنّ أوستن معني بأمر أساسي ومهم وهو أنّ إيران، وفق المفهوم الأميركي، أصبحت تهدد أمن الخليج وبالتالي أمن الطاقة، موضحًا أن الولايات المتحدة تعتقد أن يد إيران ملطخة بهذا الأمر.

ويلفت إلى أنّ أوستن يريد أن يقول، استنادًا إلى ما تقدم، لشركائه في المنطقة أننا ملتزمون بأمنكم وعليكم أن تساعدونا في الدفاع عن أمن الطاقة.

ويعتبر زويري أنّه لو أرادت الولايات المتحدة مساعدة دول الخليج لفعلت شيئًا في اليمن، ملاحظًا أنّه "منذ إدارة باراك أوباما لم يتغيّر شيء"، فقد جاء ترمب "وزاد الطين بلة"، ومع إدارة بايدن "لم نسمع إلا جعجعة وليس هناك طحين في الحقيقة".

ويشدّد على أنّ اليمن هو مهدّد أساسي لدولة مهمة في مجلس التعاون الخليجي هي المملكة العربية السعودية، وبالتالي فلو أرادت واشنطن التدخل بثقل في المسألة اليمنية لاستطاعت أن تقلّل من استهداف السعودية على الأقل وتغير موازين القوى، متسائلًا في هذا السياق عن معنى انسحاب الإمارات العربية المتحدة من مواقع لصالح الحوثيين اليوم.

كيف تدعم واشنطن التحالف في اليمن؟

في المقابل، يؤكد العضو في الحزب الديمقراطي مهدي عفيفي أن الولايات المتحدة لا تريد أن يكون لها جيش نظامي داخل اليمن، مشيرًا إلى أنّ اليمن منطقة معقدة جدًا ولا يمكن ببساطة أن تدخله أي قوة خارجية.

لكن عفيفي يشدّد في حديث إلى "العربي"، من نيويورك، على أنّ الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن الخليج، متحدّثًا عن "لوبي قوي" داخل الولايات المتحدة يدعم اليمن بالناحية الإنسانية.

ويلفت إلى أنّ الحزب الديمقراطي يرى أنه لا بدّ من إنهاء المسائل الإنسانية في اليمن، ويعتبر أنّ المسألة أعقد بكثير من دخول حرب.

وينفي أن تكون الولايات المتحدة قد تخلت عن الخليج، مشيرًا إلى أنّها هي التي تدعم التحالف العسكري بقيادة السعودية بكل المعلومات الاستخباراتية.

ويقول إنه "لولا معلومات الولايات المتحدة لما استطاعت المملكة العربية السعودية والإمارات أن تضرب بهذه الدقة".

ويشير إلى أنّ الإشكالية الأساسية اليوم هي إيجاد توازن بين كيفية وقف الحرب وفي الوقت نفسه تخفيف حدة المأساة الإنسانية.

يد الإيرانيين هي "الأعلى"

أما أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة طهران حسن أحمديان فيرى أنّ خطاب وزير الدفاع الأميركي لا يخرج عن السياق الدارج من قبل الولايات المتحدة تجاه إيران، مشيرًا إلى أنّه لا يوجد شيء جديد فيها.

ويوضح أحمديان في حديث إلى "العربي"، من طهران، أن الولايات المتحدة تقول دائمًا للإيرانيين إن كل شيء على الطاولة وكل الخيارات على الطاولة، "لكنّ الإيرانيين يقولون أيضًا للولايات المتحدة إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة".

ويلفت أحمديان إلى أنّ الإيرانيين قلصوا من التزاماتهم النووية في الاتفاق وكذلك على مستوى المنطقة واجهوا التحركات الأميركية ضد أمن ومصلحة إيران. ويتحدث عن محاولة أميركية من خلال الدبلوماسية المكوكية التي تمارسها لموازنة الضغط الإيراني.

ويرى أنّ يد الإيرانيين هي "الأعلى" في المفاوضات، بعدما حدّدوا هم موعد جولة المحادثات في فيينا، ولذلك فإنّ الولايات المتحدة تسعى إلى إيجاد توازن عبر إحداث جبهات جديدة في مواجهة طهران.

وإذ يعتبر أنّ الكلام عن أن الولايات المتحدة تدافع عن مصالحها أمر واضح، يشكّك بحديثه عن الدفاع عن مصالح دول أخرى في المنطقة، على غرار المملكة العربية السعودية، "وهذا ما يعلمه السعوديون جيّدًا".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة