السبت 20 أبريل / أبريل 2024

شرعنة الاعتداء على الفلسطينيين.. ما تداعيات تسليح ميليشيات المستوطنين؟

شرعنة الاعتداء على الفلسطينيين.. ما تداعيات تسليح ميليشيات المستوطنين؟

Changed

"العربي" يبحث في تبعات قرار حكومة نتنياهو تسهيل حمل المستوطنين للسلاح (الصورة: غيتي)
يناقش "العربي" توقيت وتبعات قرار حكومة نتنياهو تمكين الآلاف من المستوطنين من امتلاك السلاح، واستخدامه ضد الفلسطينيين بتغطية رسمية.

أقرّت الحكومة الإسرائيلية منح تراخيص حيازة الأسلحة الفردية للمستوطنين كأحد الإجراءات الأمنية العاجلة، ردًا على عمليات إطلاق النار التي شهدتها القدس الأسبوع الماضي، والتصعيد الأمني الذي شهدته مدن الضفة الغربية المحتلة والأماكن المختلطة، بعد تسجيل حوادث اعتداء متكررة على الفلسطينيين وممتلكاتهم.

ومن شأن هذا القرار الصادر عن المجلس الوزاري الإسرائيلي، تمكين الآلاف من المستوطنين من امتلاك السلاح واستخدامه ضد الفلسطينيين بتغطية رسمية، تبيح عمليات القتل والتصفية خارج القانون.

وكثّف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير من جهوده لتسريع إجراءات إصدار هذه التراخيص، فيما دعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذه الخطوة تحت ذريعة "الإجراءات الاحترازية" في مواجهة عمليات محتملة بالشوارع الفلسطينية.

ميليشيات المستوطنين

يأتي هذا القرار، في ظلّ ظاهرة انتشار الميليشيات المسلحة بين المستوطنين، والتي أصبحت تهدد الفلسطينيين في الضفّة الغربية المحتلة وأراضي الـ 48. فقد رُصد في السنوات الأخيرة، العشرات من المستوطنين المنظّمين وهم يقومون بعمليات اعتداء وتنكيل ضد فلسطينيين، بحماية أجهزة الأمن وشرطة الاحتلال الإسرائيلية.

ومن بين هذه المجموعات، برزت ميليشيا "لا فاميليا" اليمينية المتطرفة، التي شارك أعضاؤها في عمليات طعنٍ وحرق في المدن القريبة من يافا عام 2021، بالتزامن مع انتفاضة فلسطينيي الداخل إثر قضية حي الشيخ جراح في القدس المحتلة العام نفسه.

لكن ظاهرة الميليشيات الإسرائيلية أصبحت تأخذ طابعًا منظّمًا، وتحتل المشهد العام إلى جانب قوات الأمن الإسرائيلية؛ كالمشاركة في عمليات الاقتحام ومهاجمة الفلسطينيين، بحيث لم تعد محصورة في حالات الاحتجاجات الفلسطينية أو الهبات الشعبية في الداخل الفلسطيني.

كما لوحظ مؤخرًا، حضور لافت لمنظمة "لاهافا" العنصرية التي تتبنى مبادئ وشعارات معادية للفلسطينيين بهدف ترهيب المقدسيين، إذ تسعى هذه المنظمة إلى التضييق على السكان العرب وضرب مصالحهم الاقتصادية.

وتؤكد الأمثلة الكثيرة التي اعتدى فيها مستوطنون منظمون ضمن ميليشيات على فلسطينيين، أن خطرهم قد يصبح أكبر مع القرارات التي قد تسهّل امتلاكهم لأدوات القتل، ما قد يؤدي إلى دوامة من العنف في المناطق المختلطة بين العرب والإسرائيليين.

سياسة غض النظر

في السياق نفسه، نقلت صحيفة "هآرتس" عن بيانات وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية أن نسبة حاملي السلاح ترتفع في مستوطنات الضفة، مقارنة بغيرها من المستوطنات والتي تصل إلى ثلث عدد المستوطنين فيها.

ويكتسب قرار منح تراخيص حمل الأسلحة أهمية خاصة، في ظلّ سياسة غضّ النظر التي تتبعها السلطات الأمنية الإسرائيلية وقوات الشرطة تجاه اعتداءات المستوطنين، ويعدّ بمثابة ضوء أخضر لتنفيذ الجرائم دون مسائلة، وينسجم مع خطة بن غفير في إنشاء حرس من المستوطنين ودمجهم في المؤسسة الرسمية كهيئة موازية للشرطة والجيش الإسرائيلي.

وظهر مؤخرًا اسم "جهاز حرس الحدود" كهيكلٍ تنظيمي يقع بين الجيش والشرطة، ويمكن أن يؤطّر هذه الميليشيات التي تتحول إلى ظاهرة تلقى الإجماع في الداخل الإسرائيلي، خصوصًا بعدما لقيت ترحيبًا من المستوطنين الذين شاركوا في المواجهات مع الفلسطينيين في مدن اللدّ، والرملة، ويافا، وحيفا داخل الخط الأخضر عام 2021.

شرعنة الاعتداء على الفلسطينيين

ومن القدس، يرى الباحث القانوني علاء محاجنة أن توسيع منح رخص حمل السلاح للمستوطنين هو شرعنة لحملات الاعتداء على الفلسطينيين، في إطار سياسة ممنهجة من قبل الحكومة الإسرائيلية الحالية.

ويصف الأمر بأنه "إهدار لدم الفلسطينيين"، من قبل وزير الأمن القومي وهو مجرم مدان حتى وفق قانون الاحتلال الإسرائيلي ذاته.

فقد تمت إدانة بن غفير سابقًا، بالاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم، وكذلك على أفراد الشرطة الإسرائيلية، وليس غريبًا عن هذا الشخص بالذات التقدم بهكذا مقترح، وفق محاجنة.

ويستذكر الباحث القانوني أن "بن غفير أشهر سلاحًا دون مبرر منذ حوالي الشهرين في وجه إسرائيليين ونشطاء سلام في المظاهرة التي نظموها داخل حي الشيخ جراح.. وعندما سُئل عن فعلته برر ذلك بأنه يجب تسليح الإسرائيليين في مواجهة أعمال المقاومة الفلسطينية.. وكان يقصد هنا أيضًا حرية التعبير عن الرأي والوقفات السلمية التي لا يوجد فيها أي اعتداء".

ويلحظ محاجنة، أن حكومة نتنياهو تقوم بتسليح المجتمع الإسرائيلي وليس فقط المستوطنين، توازيًا مع إجراء التعديلات القانونية التي تسمح بمنح هؤلاء حصانة قانونية، وتمكينهم من الإفلات من العقاب بحجة الدفاع عن النفس.

ويضيف الباحث القانوني: "هنا علينا أن نتذكر من هم بحاجة فعلًا للدفاع عن أنفسهم.. وهؤلاء هم الفلسطينيون، وليس المجتمع الإسرائيلي العسكري".

توقيت هذا القرار

كذلك يلفت محاجنة، إلى أن إيديولوجية الحكومة الإسرائيلية الحالية تؤمن بتسليح المجتمع الإسرائيلي والمستوطنين وبتمكينهم من رفع سطوتهم على المجتمع الفلسطيني"، مشيرًا إلى أن "حكومة نتنياهو أتت في ظل حملة انتخابية حملت شعارات واضحة وهي: الاعتداء، والمساس، وتضييق هامش العمل السياسي لكل ما هو فلسطيني".

في المقابل، يوضح محاجنة أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تعارض خطوة وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إذ ترى فيها خطرًا داهمًا حتى على الأمن القومي الإسرائيلي.

وفيما يشير إلى رغبة بن غفير في رفع عدد الإسرائيليين الذين يحملون سلاحًا، يؤكد أنه يتم إعطاء "السلاح والحصانة القانونية لمستوطنين هم بالدرجة الأولى مجرمين".

وعليه، يلفت إلى أن هذه الخطوة قد تهدد الوضع القائم عسكريًا، ويمكن أن تؤدي إلى مواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين، ولا سيما في الضفة الغربية، وفق محاجنة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close