لا يبدو مساء الأحد كغيره من أيام الأسبوع لدى كثيرين، فعشية بدء أسبوع العمل قد يعتريهم شعور بالحزن، التوتر، أو انعدام الحماسة. ولا تعد هذه المشاعر عابرة، بل قد تعكس حالة نفسية تُعرف باسم "كآبة الأحد".
يصف موقع "هيلث لاين" كآبة الأحد بأنها شكل من أشكال القلق المتوقع، تنطوي على التوتر والخوف من أمر لم يحدث بعد، أي الأسبوع المقبل.
ورغم شيوع اسم هذه الحالة بـ"كآبة الأحد"،إلا أنّ الشعور بالإرهاق عشية أسبوع جديد لا يعني بالضرورة الإصابة بالاكتئاب أو القلق المرضي، بحسب ما تنقل المعالجة النفسية سوزان ألبرز.
وتوضح ألبرز، في حديث لموقع "كليفلاند كلينك": "إنه ليس اكتئابًا سريريًا ولا قلقًا حادًا يبدأ فجأة يوم الأحد، لكنه مؤشر على أن هذه المشاعر مرتبطة بعوامل خارجية، لا بما يحدث داخليًا".
مظاهر كآبة الأحد
مع مرور الدقائق بعد ظهر يوم الأحد، يلاحظ من يعاني من هذه الحالة ظهور بعض أعراض القلق، مثل:
- اضطرابات المعدة؛
- الأرق؛
- الانفعال؛
- شعور غامض بعدم الارتياح.
ورغم تسميتها المرتبطة بيوم الأحد، إلا أن اختبار هذه الحالة يعتمد على جدول عمل الفرد. فقد يشعر بها أي شخص مع انتهاء يوم الاستراحة في جدوله، وفق ما يوضح موقع "بيتر هيلب.
وهذا يعني أن من يعمل من الأحد إلى الخميس قد يبدأ بالشعور بكآبة الأحد مساء السبت، أما الطالب الذي يحضر الفصول أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس فقد يشعر بها مساء الإثنين.
وفي حين لم تُدرس هذه الظاهرة علميًا بعمق، إلا أن استطلاعًا غير رسمي أجرته منصة "لينكد إن" عام 2018 أشار إلى شيوع هذا الشعور؛ إذ قال 80% من بين 1017 مشاركًا إنهم عانوا من قلق مساء الأحد، بحسب "هيلث لاين"، مع التوضيح أن الاستطلاع استقصائي وغير مبني على منهجية علمية دقيقة.
الخوف من العمل
تحدث كآبة الأحد لأسباب عديدة تختلف من شخص إلى آخر، لكنها غالبًا ما ترتبط بمشاعر القلق حول الأسبوع المقبل.
ففي حال عدم الرضا عن العمل، من المرجح الشعور بكآبة الأحد. وقد يكون من الصعب إيجاد الدافع للذهاب إلى مكان لا يرغب فيه الفرد.
وفي حين يُبلغ كثيرون عن عدم رضاهم عن وظائفهم، فإن استمرار كآبة الأحد قد يكون مؤشرًا على ضرورة البحث عن فرصة عمل جديدة.

عبء التوقعات وتراكم المهام
تشير منصة "بيتر هيلب" إلى أن هذه الحالة قد ترتبط أيضًا بنقص الموارد العاطفية اللازمة للتعامل مع الالتزامات المستقبلية.
وربما يكون الفرد قد أفرط في جدولة مهامه أو تولى مسؤوليات تتجاوز طاقته، أو يشعر بأنه غير قادر على تلبية متطلباته الحالية.
بالنسبة للبعض، قد يكون يوم الأحد بمثابة تذكير بأنهم لم ينجزوا كل مهام الأسبوع الماضي، ما يسبب لهم القلق بشأن التأخير أو تدني الإنتاجية.
ملل من الروتين
يمكن أن يمثل الروتين اليومي تحديًا نفسيًا لكثيرين. فالعقل يتحفز بالتجارب الجديدة، بينما يتحول العمل المتكرر إلى عبء. وغالبًا ما يرتبط مساء الأحد بأعمال روتينية مملة، مثل تحضير الوجبات، وغسل الملابس، وتنظيم الحقيبة أو المكتب.
هذه المهام، وإن بدت بسيطة، تعزز شعور التوتر وتقوّي ارتباطه الذهني بكآبة الأحد.
وقد تتفاقم كآبة الأحد بسبب ما يُعرف بالتفكير الاستقطابي أو الثنائي، وهو الميل لرؤية الأمور بشكل متناقض تمامًا: عطلة نهاية الأسبوع للمتعة، وأيام العمل للمعاناة. وعندما تُضخَّم هذه الفكرة، يتحوّل مساء الأحد إلى رمز لخمسة أيام من الضغط والتعب.
ويرى البعض أن مساء الأحد يذكّرهم بما فاتهم خلال عطلتهم، سواء لأنهم أضاعوا الوقت دون إنجاز أو لأنهم كانوا منشغلين جدًا ولم يحصلوا على قسط كافٍ من الراحة. وفي الحالتين، يُستَبدَل الاسترخاء بشعور بالذنب أو الاستياء.
كيف يمكن تجنّب كآبة الأحد؟
تُعد كآبة الأحد شعورًا شائعًا، لكنها ليست حتمية. ويمكن التخفيف منها عبر خطوات بسيطة في تنظيم الوقت أو باللجوء إلى متخصصين نفسيين عند الحاجة.
من المهم أولًا إدراك سبب الشعور بالكآبة. فإذا كان القلق ناتجًا عن تراكم الأعمال، يمكن إدارة الوقت بكفاءة لإنهاء المهام قبل العطلة.
ويقترح موقع "هيلث لاين" تصنيف المهام إلى ثلاث فئات:
- ما يجب إنجازه فورًا؛
- ما يمكن تأجيله؛
- ما يمكن تفويضه للآخرين.
كذلك، يمكن توزيع الأنشطة الممتعة على أيام الأسبوع بدلًا من حصرها في عطلة نهاية الأسبوع. مثلًا، يمكن الخروج مع الأصدقاء أو ممارسة هواية مفضلة مساء الأربعاء.
ويُنصح أيضًا بتحديد فاصل واضح بين وقت العمل ووقت الراحة. فمن المهم ألا يمتد التفكير في العمل إلى الأمسيات أو العطلات.
أما الأعمال المنزلية، فيُفضل عدم تركها جميعًا لمساء الأحد. يمكن توزيعها على مدار الأسبوع لتجنّب الضغط، وجعل يوم الأحد مخصصًا للراحة والعناية الذاتية.
في الختام..
سواء كنت تعاني من هذا الشعور بين الحين والآخر أو تواجهه أسبوعيًا، فإن إدراك أسبابه واتخاذ خطوات بسيطة قد يغير المسار. فالتخطيط الجيد وتنظيم الوقت والحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة يمكن أن يحوّل مساء الأحد من لحظة قلق إلى مساحة للراحة والاستعداد الإيجابي لأسبوع جديد.