مع تواصل حرب الإبادة في قطاع غزة وتوسيع العدوان البري وتفاقم المجاعة، تتصاعد حدة اللهجة الغربية الرافضة للانتهاكات الإسرائيلية في القطاع.
فقد نددت بروكسل بكميات المساعدات الضئيلة التي سمحت تل أبيب بإدخالها إلى القطاع حيث يقول الاتحاد الأوروبي إنه بدأ رسميًا مراجعة اتفاق الشراكة مع إسرائيل.
وإزاء ذلك، صوّت البرلمان الإسباني مساء الثلاثاء لصالح مشروع قانون لمنع بيع الأسلحة إلى إسرائيل.
كما اتخذت لندن خطوات عملية واضحة، فقد اعتبر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن تعاطي إسرائيل مع ملف المساعدات الإنسانية أمر غير مقبول، معبرًا عن صدمته من مشاهد العنف والجوع في غزة.
وأعلن وزير الخارجيّة البريطاني ديفيد لامي، تعليق مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل.
أمّا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو فقال إن بلاده تدعم أيضًا مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
وتأتي المواقف الرسمية الأوروبية متسقة مع ما تشهده مدن أوروبية من حراك شعبي يطالب بالضغط من أجل وقف حرب الإبادة في غزة.
وفي القارة الأميركية، دعا وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا المجتمع الدولي إلى عدم الوقوف "مكتوف الأيدي" أمام "المذبحة" التي ترتكب في غزة.
"تأثير رمزي"
وفي هذا الإطار، يرى الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات د طارق حمود أن الإجراءات الأوروبية، ولاسيما مراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل أو الإجراءات الأحادية التي تتخذها الدول وبريطانيا خصوصًا، على أهميتها تعد غاية في "الرمزية"
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من الدوحة، يلفت حمود إلى أن التهديد والتلويح بعقوبات تفرض على إسرائيل هي خطوات رمزية.
ويشرح أن صادرات الأسلحة من إسبانيا لا تتخطى 6 ملايين يورو خلال سنة ونصف السنة، كما تبلغ صادرات السلاح من بريطانيا إلى إسرائيل أقل من 53 مليون دولار سنويًا.
ويقول: "نحن لا نتكلم عن حجم يمكن أن يؤثر في مسار الحرب أو قد يمثّل ضغطًا حقيقيًا على إسرائيل".
ويلفت حمود إلى أن الخطوات الأوروبية تؤثر على الرأي العام فقط وعلى صورة موقف الحلفاء الذين غالبًا ما يؤمنون غطاءً سياسيًا لإسرائيل.
دور الرأي العام البريطاني
من جهته، يشير المؤرخ وأستاذ الدراسات السياسية والفلسطينية في جامعة إكستر غابريل بولي إلى أن الحكومة البريطانية خضعت لضغط الرأي العام لتغيير موقفها المدافع عن إسرائيل والسماح لها بتجاوز خطوط حمراء في جرائم الإبادة التي ترتكبها في قطاع غزة.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من لندن، يشير بولي إلى تأثير المظاهرات التي جابت شوارع لندن الأسبوع الماضي. كما تصويت أصحاب كبرى المتاجر في البلاد لصالح مقاطعة البضائع الإسرائيلية، فيما عبّر نواب من الحزب الحاكم في بريطانيا عن عدم رضاهم على موقف قيادة حزب العمال في البلاد ما أدى إلى تصعيد موقف الحكومة البريطانية ضد إسرائيل.
ويأمل بولي أن تقود القرارات البريطانية بوقف الأسلحة لإسرائيل إلى خطوت تترجم على الأرض في القطاع.
أميركا الحليف الأول لإسرائيل
وفي ما يخص الموقف الأميركي، يعتبر الكاتب السياسي في مجلة "نيوزويك" الأميركية بيتر روف أن الولايات المتحدة الأميركية لا تزال الحليف الأول لإسرائيل، مشيرًا إلى قوة اللوبي الإسرائيلي في الحزب الجمهوري كما في الحزب الديمقراطي.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يلفت روف إلى تفاقم معاناة الأطفال والنساء في غزة جراء توسع العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع.
وبحسب الكاتب السياسي، كانت الولايات المتحدة تنتظر من الدول العربية غير المنخرطة في النزاع "المشاركة في آلية توزيع المساعدات على السكان في قطاع غزة، ومنع وصولها ليد حماس"، حسب قوله.
