الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

صراخ وإخلاء مستعجل ثم القنابل.. اللحظات الأخيرة قبل تدمير مبنى الجلاء

صراخ وإخلاء مستعجل ثم القنابل.. اللحظات الأخيرة قبل تدمير مبنى الجلاء

Changed

استهدف الاحتلال الاسرائيلي مبنى الجلاء بثلاث غارات.
استهدف الاحتلال الاسرائيلي مبنى الجلاء بثلاث غارات (غيتي)
يقول مراسل "أسوشييتد برس" فارس أكرم: "كنت أنظر إلى المبنى وأفكّر في العائلات التي تُقيم فيه، وكيف سيكون وضعهم بعد تدميره، وإلى أين سيذهبون؟".

روى مراسل وكالة "أسوشييتد برس" في غزة فارس أكرم تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل الغارة الإسرائيلية التي دمّرت برج الجلاء في غزة، والذي يضمّ العديد من المكاتب الإعلامية التابعة لوكالات وقنوات فضائية، من بينها الوكالة التي يعمل فيها.

وشرح أكرم:"استيقظت على صراخ زملائي، تصاعدت دقّات قلبي بقوة، بينما كان عقلي يطرح التساؤلات سريعًا: ماذا يحدث؟، هل أصيب أحد في شوارع غزة أو وقع ما هو أسوأ".

وأضاف: "كانت عقارب الساعة تُشير إلى الثانية إلا خمس دقائق ظهرًا. كنت نائمًا في الدور الثاني من مكتب أسوشييتدبرس المكوّن من طابقين في برج الجلاء. منذ بدء العدوان على غزة قبل أيام، اعتدت النوم في مكتب الوكالة حتى العصر، ثم أمارس عملي مساءً".

وقال: "هرعت إلى الطابق السفلي، ورأيت زملائي يرتدون الخوذات والسترات الواقية. كانوا يصرخون: إخلاء! إخلاء!.في وقت لاحق، علمت أن جيش الاحتلال، الذي استهدف المبنى ودمّره، قدّم تحذيرًا مسبقًا قبل وقت قصير من قصفه. لقد دمّر 3 مبان، وكان يحذّر السكان والمقيمين، في بعض الأحيان قبل دقائق قليلة من بدء القصف. أبلغوني أن لدي 10 دقائق فقط للخروج من المبنى".

بدأت أُفكّر "ما الذي أحتاجه؟ قمت بحمل جهاز الكمبيوتر الخاصّ بي وبعض الأجهزة الإلكترونية الأخرى. نظرت إلى المكان الذي قضيت فيه سنوات طويلة، ذكرياتي مع زملائي وعائلتي وأصدقائي، قمت بحمل لوحة زخرفية تحمل صورة عائلتي، وكوب القهوة الذي أهدتني إياه ابنتي، التي تعيش حاليًا في كندا مع شقيقتها وزوجتي منذ عام 2017، بالإضافة إلى شهادة على مرور 5 أعوام من العمل مع أسوشييتدبرس".

وبينما كنت أهمّ بالخروج، ألقيت النظرة الأخيرة على المكتب الذي كان بمثابة منزلي الثاني لسنوات. ارتديت الخوذة وركضت سريعًا على درج المبنى المؤلف من 11 طابقًا إلى موقف السيارات أسفل المبنى. كانت سيارتي هي الوحيدة في المكان بعد أن غادر الجميع، ألقيت محتويات سيارتي وقدتها بسرعة فائقة.

عندما أصبحت على مسافة بعيدة، ركنت سيارتي وخرجت منها لألتحق بزملائي، الذين كانوا ينظرون إلى مبنانا بانتظار ما سيحصل لاحقًا. إلى جانبنا، كان مالك المبنى يتّصل بضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، من أجل الحصول على المزيد من الوقت لإخلاء المبنى، إلا أن الطرف الآخر رفض، وأبلغه أن لديه 10 دقائق فقط للعودة إلى المبنى للتأكد من إخلائه بالكامل".

كنت أنظر إلى المبنى، وأدعو أن لا يتعرّض للقصف، كنت أفكّر في العائلات التي تُقيم فيه، وكيف سيكون وضعهم بعد تدميره، وإلى أين سيذهبون؟. أما زملائي الآخرون فكانوا يجهّزون كاميراتهم لرصد لحظة قصف المبنى، ونقلها على الهواء مباشرة. خلال 8 دقائق، استهدفت مسيّرة صغيرة المبنى بثلاث غارات، تبعتها 3 غارات قوية عبر طائرات "أف 16"، وانهار المبنى، الذي كان مسكنًا لبعض الناس، ومكتبًا لآخرين، وكليهما بالنسبة لي، وأصبح كومة من الغبار.

عدت إلى منزلي، وفي جيبي مفتاح غرفتي في المبنى الذي لم يعد له وجود. وددت أن أقول إنني آمن في غزة، ولكنني لا أستطيع، فلا يوجد مكان آمن في غزة الآن.

يوم الجمعة الماضي، دمّرت غارة إسرائيلية مزرعة أسرتي شمال قطاع غزة، والآن تم تدمير مكتبي في مدينة غزة، المكان الذي كنت أعتقد أنه مقدّس لا يمكن المساس به، إلا أنه أصبح الآن عبارة عن حطام وغبار".

المصادر:
أ ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close