يُعتبر "البودكاست" ضيفًا دخل عالم الإعلام والاتصالات من الباب العريض، وحجز مكانًا خاصًا له.
في دول الخليج، يتزايد الإقبال على الاستماع إليه، مع سهولة الوصول التي يُتيحها استخدام الهواتف الذكية.
ويرى كثيرون أن استعانة مستخدمي البودكاست بتصوير الحلقات وعدم الاقتصار على التسجيل الصوتي قد زاد من شعبيته.
وتناقش برامج البودكاست في دول الخليج العربي مواضيع عدة؛ من الأدب إلى الفكر دون إغفال الرياضة والترفيه ومواضيع أخرى.
وفي الآونة الأخيرة، برزت برامج لاقت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، مما يحتّم طرح عدة أسئلة بشأن أسباب هذا النجاح.
فما هو البودكاست، وما هي أبرز التحديات التي تواجه صناعته في الخليج العربي، ومستقبله في ظل التطورات التي يحتمها الذكاء الاصطناعي؟
وسيلة للتواصل ونمو مضطرد
يُعد "البودكاست" وسيلة للتواصل تعتمد البث عبر الأثير، بما أنه مزيج من كلمتَي IPod وBroadcast أي البث.
ويختلف البودكاست عن الإذاعة بما أن إمكانية الاستماع إليه ترتبط بالطلب وليس فقط بالبث المباشر.
وخلال السنوات الأخيرة، شهد البودكاست نموًا مضطردًا وبدأ يفرض نفسه بقوة بعدما بات له هواته ومستخدموه.
في عالمنا العربي، لا يزال البودكاست يعتبر صناعة حديثة على الرغم من نمو كبير في معدل استخدامه.
وتشير بعض الإحصاءات إلى أن 3 من أصل 10 أشخاص في الوطن العربي يستمعون لـ"البودكاست". وتستحوذ دول الخليج على حصة الأسد من منتجيه ومستمعيه.
ولكي تنجح منصة البودكاست لا بد من أن ينجح القيمون عليها في جذب الجمهور.
وفي هذا الإطار، ينبغي النجاح في اختيار المواضيع التي تهم الناس وتتناول مشاكلهم وقضاياهم اليومية. فتبرز قضية ردود فعل الجمهور على ما قد يُطرح من قضايا حساسة لها علاقة بالأمور الدينية أو الاجتماعية.
أما التحدي الأهم فهو قضية الرقابة، إذ يحرص القيمون على أي منصة على تجنب ما قد يعرضهم للملاحقة القانونية.
وبالرغم من هذه التحديات، انطلقت منصات بودكاست كثيرة في الخليج وحققت نجاحًا، واستطاعت أن تحتل موقعًا في يوميات المواطن الخليجي.
ماهي تحديات وآفاق صناعة "البودكاست" في دول الخليج؟#خليج_العرب@dahemq pic.twitter.com/3qnhN9T37A
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 10, 2023
ويُذكر في هذا الصدد منصات "أبجورة" و"فنجان" و"سوالف بزنس" و"تنفس" و"في الزواية 21" وغيرها من المنصات، التي ظهرت بشكل لافت في قطر والسعودية والإمارات والكويت وعُمان.
من ناحيته، يقف الذكاء الاصطناعي عائقًا أو ربما تحديًا صعبا لصوت البودكاست من خلال إمكانية خلق صوت إلكتروني، يُعد طريقة فعالة لتوفير المال والوقت والجهد.
وبالتالي، فإن الذكاء الاصطناعي قد يكون خيارًا بديلًا لصوت القيّمين على المنصات، ما يدفع أصحاب البودكاست إلى محاولة تطوير منصاتهم لتواكب التغييرات التكنولوجية.
"فهم طريقة التعاطي مع الجمهور"
يرى الرئيس التنفيذي لشبكة "قاف" للبودكاست سالم بشير الريامي، أن فهم طريقة التعاطي مع الجمهور هو أحد تحديات صناعة البودكاست، لا سيما بالنسبة للأشخاص أو المؤسسات التي تأتي إلى هذا المجال قادمة من الإعلام كما نعرفه: الإذاعة أو التلفزيون.
ويشير في إطلالته من استديوهات "العربي" في لوسيل، إلى عدم إمكانية استخدام "صباح الخير" أو "مساء الخير" على سبيل التحية، وذلك بالنظر إلى إمكانية الاستماع للبودكاست في أي وقت.
ويجري في هذا الصدد، مقارنة مع الإذاعة، التي بخلاف البودكاست تبث برامجها في أوقات معينة.
"تجربة ناضجة وتتجه إلى الاحترافية"
من ناحيته، يتحدث أستاذ الإعلام في جامعة الكويت خالد القحص، عن تجربة يصفها بأنها ناضجة وراشدة ومتجهة إلى الاحترافية بشكل كبير جدًا، وذلك بالاطلاع على التجربة الخليجية للبودكاست، ولا سيما في السعودية.
ويلفت في إطلالته عبر "العربي" من الكويت، إلى أن هذه الصناعة "تقدم بدائل للجمهور على غرار التدوين الصوتي".
وبينما يتوقف عند ما تشهده صناعة البودكاست من حيث التحوّل إلى الفيديو لتصبح الحلقات مرئية، يقول إن هذا الأمر من شأنه أن يجعلها راسخة أكثر، لا سيما مع تغيّر مزاج الناس.