الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

"طالبان وتذكرة العودة".. هكذا عادت الحركة لحكم أفغانستان بعد 20 عامًا

"طالبان وتذكرة العودة".. هكذا عادت الحركة لحكم أفغانستان بعد 20 عامًا

Changed

الجزء الثالث والأخير من سلسلة "طالبان وتذكرة العودة" يتطرق إلى تفاصيل الساعات الأخيرة من انسحاب الجيش الأميركي من أفغانستان ويكشف خفايا هروب الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني (الصورة: غيتي)
تكشف الحلقة الأخيرة من وثائقي "طالبان وتذكرة العودة"، كواليس مفاوضات الدوحة، التي بدأت عام 2008 بشكل غير مباشر، وانتهت بتوقيع اتفاقيه السلام الأفغانية.

عادت حركة طالبان إلى حكم أفغانستان بعد 20 عامًا على الإطاحة بها من قبل الجيش الأميركي، تزامنًا مع خروج القوات الأجنبية من البلاد.

هذه العودة، سبقتها الكثير من الأحداث بدءًا من المفاوضات غير المباشرة بين الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وصولًا إلى المفاوضات المباشرة التي أطلقها الرئيس دونالد ترمب، قبل أن يتخذ جو بايدن قراره النهائي بخروج كل القوات الأميركية من البلاد.

عن هذه المرحلة وما حملته، يسلّط وثائقي "طالبان وتذكرة العودة" الضوء في جزئه الثالث والأخير، حيث يوثّق الساعات الأخيرة من انسحاب الجيش الأميركي من أفغانستان وعودة طالبان لحكم البلاد بعد غياب لأكثر من 20 عامًا، ويكشف خفايا هروب الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني من البلاد من خلال العاملين في القصر الرئاسي والمقربين منه.

ويتتبع هذا الجزء التطور السياسي والعسكري لدى حركة طالبان خلال السنوات العشر الماضية والتي ساعدت في إعادة سيطرة الحركة على عدد من الولايات الأفغانية.

في المقابل تستعرض هذه الحلقة السياسة الأميركية المتخبطة تجاه أفغانستان، والتي كانت تراوح مكانها بين البقاء وتعزيز قواتها، وبين السعي للخروج من المستنقع الأفغاني.

خطة أوباما الجديدة في أفغانستان

عام 2009، انتخب باراك أوباما رئيسًا للولايات المتحدة، ووضع خطة جديدة لأفغانستان تقوم على شل حركة طالبان التي تسيطر على مناطق واسعة من البلاد، والقضاء على تنظيم القاعدة، إضافة لإنشاء بلد مستقر سياسيًا واقتصاديًا، وتدريب الجيش الأفغاني وقمع الفساد.

من جهته، وافق الكونغرس على تقديم مساعدات لدعم الخطة، فقرر أوباما تعزيز الوجود الأميركي بإرسال 30 ألف جندي لينضموا للقوات الموجودة، ليصل عدد القوات الأجنبية في البلاد عام 2011 إلى 130 ألف جندي.

من هنا، يشير السفير البريطاني في أفغانستان بين عامي 2010 و2012، السير وليام باتي، إلى أن الجنرالات الأميركيين في أفغانستان ضغطوا على أوباما لإرسال قوات إضافية.

بدوره، يوضح الباحث ومؤلف كتاب طالبان في الحرب أنطونيو جوستوزي أنه في تلك الفترة، كانت حركة طالبان مترددة بالتوسع خارج نطاق أراضيها، لكن زيادة القوات الأجنبية شكّلت نقطة تحوّل دفعت الحركة للتقدم في العديد من المناطق.

بدء المفاوضات

دفع هذا المشهد الميداني لتقدم طالبان، الجانب الأميركي للبحث عن قناة اتصال للتحدث والتفاوض مع طالبان، وبدأت بشكل غير مباشر عام 2008 لتتطور إلى الجلوس على طاولة واحدة في ما بعد.

ويشرح عضو المكتب السياسي لحركة طالبان عبد الأحد جهانغير وال أنه "عام 2008 عبرت واشنطن عن رغبتها بالتواصل مع الحركة عبر القنوات غير الرسمية، وبدأت المفاوضات حينها بوساطة ألمانية".

ويضيف: "عام 2010، وبوساطة من دولة قطر، جلست طالبان للتفاوض بشكل مباشر مع أميركا، وتم التوافق على مرور المفاوضات بعدة مراحل، الأولى هي فترة بناء الثقة التي تتطلب تنفيذ مجموعة من الإجراءات، أولها تبادل الأسرى من قادة طالبان المعتقلين في غوانتنامو مع الأسير الأميركي بو روبرت برغدال".

ويتابع قائلًا: "ثاني مرحلة كانت حذف أسماء القادة من القوائم السوداء ليتسنى لهم السفر والمشاركة في المفاوضات، أما الثالثة فتتمثل بفتح المكتب السياسي لطالبان".

أما وزير الخارجية الأفغاني في حكومة طالبان أمير خان متقي فيشير إلى "أننا لم نكن نرغب بالتفاوض مع الحكومة الأفغانية المحلية لأنها تابعة للأجانب ولا تملك قدرة صنع القرار، لذا قررنا التفاوض مع الأجانب مباشرة لأنهم الحاكمون الفعليون".

الأسير الأميركي بو روبرت برغدال - تويتر
الأسير الأميركي بو روبرت برغدال - تويتر

بين الجبهات والمفاوضات

شكلت المفاوضات مع طالبان صدمة للقادة العسكريين ممن عملوا في أفغانستان. وظهر ذلك في تصريح السفير الأميركي السابق في أفغانستان ريان كروكر، الذي قال في مقابلة له: "لم أصدق أبدًا أن المفاوضات التي يجريها أي شخص مع طالبان ستقود إلى أي مكان ذي أهمية". وأضاف: "شعرت أنه في أفضل الأحوال من الممكن استقطاب شخصيات من طالبان بشكل تدريجي إلى جانب الحكومة لكن هذه ستكون قضية إضافية".

من هنا، يرى الباحث والمحلل السياسي نزار محمد مطمئن، أنه "في تلك الفترة كانت الإدارة الأميركية تريد إشغال طالبان بالمفاوضات، ولم تكن تسعى لمفاوضات جادة وحقيقية، بل كانت تريد كسب الوقت وترك الضغط في الميدان العسكري".

وهذا ما حصل، حيث إن طاولة التفاوض لم تخمد نيران المعارك على الجبهات، وتلقت طالبان ضربات موجعة في المناطق الأفغانية، حتى أتى تاريخ 2 مايو/ أيار 2011، حينما أعلن باراك أوباما قتل رئيس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

فشل المفاوضات الأولى

حينها بدا أن أميركا تبحث عن مخرج مشرّف من أفغانستان، وبدأ تنفيذ الانسحاب التدريجي من البلاد، والتركيز على تدريب الجيش الأفغاني وإعداده للسيطرة على البلاد.

ويقول القيادي في طالبان جهانغير وال: "اعترض رئيس الحكومة الأفغانية حينها حامد كرزاي على افتتاح مكتب سياسي في الدوحة، فتم إغلاقه، ففشلت المفاوضات".

من جهته، يقول السفير البريطاني في أفغانستان بين عامي 2010 و2012، السير وليام باتي: "بدأنا عملية نقل المسؤولية من القوات الغربية إلى القوات الأفغانية، وكان من المفترض بناء القوات في 4 سنوات، فقلصنا عدد جنودنا إلى 8 آلاف فرد فقط".

أما قائد قوات إيساف في أفغانستان بين عامي 2006 و2007 اللورد ديفيد ريتشاردز، فيعتبر أن الغرب أخطأ بتركيزه على محاربة طالبان بدل تدريب الجيش الأفغاني.

ويضيف: "علم الغرب بخطئه، فبدأ عام 2014 جهوده بتدريب الجيش والشرطة الأفغانية".

بناء على هذه التطورات، يرى الدبلوماسي البريطاني السابق والأستاذ في جامعة كينجز كوليدج في لندن توم ويلسي أن طالبان أدركت حينها أن "كل ما يجب عليها فعله هو الانتظار حتى خروج القوات الأميركية للسيطرة على البلاد".

السيطرة على قندوز

انهيار المفاوضات بين أميركا وطالبان دفع الحركة إلى التقدم والسيطرة على الولايات الأفغانية عبر التحالف مع القبائل، وهو نهج مختلف عن ذلك المعتمد في فترة حكمها الأول.

وعام 2015، سيطرت الحركة على قندوز، وهي المرة الأولى التي تفرض فيها طالبان السيطرة على عاصمة إقليمية منذ هزيمة عام 2001.

ويشير اللواء المتقاعد في الجيش البريطاني تشارلي هربرت إلى أنه "عندما أنهى الناتو عملياته القتالية عام 2014، بدأ انهيار القوات الأمنية الأفغانية تحت الضغط الهائل لطالبان".

ويشاطره الرأي الباحث ومؤلف كتاب طالبان في الحرب أنطونيو جوستوزي، الذي يؤكد أنه "عندما بدأ الوضع يتطور، برزت طالبان باعتبارها مصدر تهديد كبير، وكانت أميركا وحلفاؤها بطيئين في التكيف مع محاولة تطوير تشكيل جديد للجيش الأفغاني يمكنه من مواجهة التمرد على نحو فعال".

من جهته، يشدد أستاذ الدراسات الأمنية والنقدية في معهد الدوحة عمر عاشور على أن "المؤشر الحاسم الذي أظهر أن طالبان أعادت بناء نفسها كانت معركة قندوز، لأنها سيطرت على مدينة طاجيكية مع مجموعة تحالفات من داخل المدينة".

بدأت الأصوات تخرج من داخل واشنطن التي تنتقد سياساتها تجاه أفغانستان. ويرى الضابط المتقاعد في الجيش الأميركي جايسون ديمبسي، أن "الخطأ الذي ارتكبناه والذي سمح لطالبان بالنمو هو فشلنا بإرسال الرسائل".

ويقول: "افترضنا في أميركا أن كل أفغاني سمع وجهة نظرنا من القصة وصدقها، لكن لسوء الحظ أعطينا طالبان الكثير من الحالات التي تظهر أن أميركا تفعل أشياء سيئة في بلدهم".

ويضيف: "الجميع رأى أننا كنا نقتل الكثير من الأفغان الأبرياء، وأثرنا غضب أجيال كثيرة من الأفغانيين".

المفاوضات الثانية في الدوحة

وفي ظل تطور الأحداث وسيطرة طالبان على عدة مدن في أفغانستان، وبعد فشل أول محادثات مع أوباما، وصل الرئيس دونالد ترمب إلى حكم البيت الأبيض، مع خطة جديدة تقوم على الانسحاب من كابل.

حينها، وجّه خليل زاد للتفاوض مع طالبان، ولم يتم إشراك الحكومة في التفاوض بسبب إصرار طالبان على ذلك.

ويشرح المسؤول في طالبان جهانغير وال هذه المرحلة، مشيرًا إلى أن "الأميركيين أصروا على أن يأخذ التفاوض طابعًا سريًا، وكانت الكثير من اللقاءات لا تخرج إلى العلن، واستمرت على هذا النحو حتى جاء عام 2018 وإعلان ترمب نفسه بدء المفاوضات المباشرة".

ويضيف: "لقطر تجربة جيدة بإدارة عملية التفاوض، ولعبت دورًا محايدًا في المفاوضات السابقة، لكن في بعض الأحيان كانت تتعثر في نقطة محددة، حينها كان القطريون يجتهدون ويقدمون مقترحات وبدائل جديدة يجري التباحث حولها".

لكن السفير الأميركي السابق رونالد نيومان يغالط سياسة بلاده في المفاوضات، ويعتبر أن استبعاد الحكومة الأفغانية من المفاوضات "خطأ فادح"، إضافة إلى أن طالبان "لم تقدم شيئًا خلال سنتين من المفاوضات".

وفي فبراير/ شباط 2020، وعلى وقع التغييرات الميدانية، وقّعت أميركا وطالبان على اتفاق لإحلال السلام في أفغانستان، ونص على انسحاب الجيش الأميركي من البلاد، ونجحت واشنطن في الحصول على تعهد ملزم بعدم انطلاق أي هجمات ضدها من أفغانستان.

المحادثات الأفغانية

لكن خلافًا للاتفاق الموقع في الدوحة، تأخرت المحادثات الأفغانية، وكأن حركة طالبان أرادت الهيمنة على السلطة، لتُجبر في سبتمبر/ أيلول 2020 على الجلوس في حوار مع باقي الأطراف في البلاد.

وتقول عضو مفاوضات السلام الأفغانية فاطمة جيلاني: "كنت عضوًا في مفاوضات السلام، لكن عند وصولي سألت عن الوسيط، فقيل لي إنه لا يوجد وسطاء في هذه المحادثات، فتعجبت من ذلك، لأن ذلك يشبه لعب مباراة كرة قدم مع طالبان دون حكم".

وعن هذه الفترة، يشير وزير الخارجية الأفغاني إلى أن "كل الأطراف التي شاركت في حكم كابل، لم تتفق في الـ20 سنة ماضية، وهذا السبب الحقيقي في عدم تقدم المفاوضات الأفغانية، لأنهم يبددون الوقت في قضايا تافهة".

أما سفير طالبان الأسبق في باكستان عبد السلام ضعيف فيعتبر أن "السبب الرئيسي لعدم الوصول إلى تفاهمات مشتركة، هو أن حكومة أشرف غني لم تتوقع مغادرة أميركا لأفغانستان".

وتوافقه الرأي المفاوضة فطامة جيلاني، وتقول: "بعد أسابيع قليلة من بدء المفاوضات، أدركت أن الرئيس أشرف غني مقتنع بأن أميركا لن تغادر، وحركة طالبان كانت متأكدة من أنها ستنتصر".

لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الأفغاني أشرف غني عام 2021 - غيتي
لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الأفغاني أشرف غني عام 2021 - غيتي

انهيار الجيش الأفغاني بوجه طالبان

مع استمرار تعثر المفاوضات الأفغانية، وصل بايدن إلى الرئاسة عام 2021، وترك بنود اتفاق الدوحة مع تأجيل الانسحاب إلى سبتمبر/ أيلول، قبل أن يحدد أغسطس/ آب موعدًا لسحب القوات الأميركية كافة، ما نتج عنه تداعيات كثيرة على أرض الواقع.

ويقول الأستاذ في جامعة كينجز كوليدج في لندن تيم ويلسي: "أعتقد أن تجربة بايدن في أفغانستان كانت سيئة، واتخذ وجهة نظر مختلفة عن أوباما".

ويضيف: "كان أحد أبناء بايدن جنديًا، ولذلك يوجد جانب شخصي في قراراته، والفكرة العامة التي كانت موجودة حينها في الولايات المتحدة هي أننا قضينا الكثير من الوقت في أفغانستان وعلينا التركيز اليوم على الصين".

ومع بدء انسحاب القوات الأميركية تنفيذًا لاتفاق الدوحة، واصلت طالبان السيطرة على البلدات واحدة تلو الأخرى، وراوحت المفاوضات الأفغانية مكانها.

حينها، تعهدت طالبان، بحسب جهانغير وال، بألا تهاجم القوات الأميركية أثناء إخلاء المراكز العسكرية.

ويبرر المتحدث السابق باسم الجيش الأفغاني دولت وزيري عدم مقاومة عناصر طالبان بالقول: "تأملوا معي، فريقان في أفغانستان، طالبان وحكومة غني، والقتال مستعر بينهما، لكن الأميركيين وقعوا اتفاق سلام مع طالبان لتسليمهم الحكومة، فأي دافع سيتبقى للجيش للقتال؟".

ويضيف: "الأميركيون كانوا جزءًا من المؤامرة ولم يساعدونا على بناء قوة جوية لمواجهة طالبان، واشتروا لنا طائرات سوفيتية بلا قطع غيار أو صيانة".

ويتابع قائلًا: "العسكريون والسياسيون كانوا فرقة من الفاسدين، ولم يكن لديهم دوافع لخوض الحرب".

هروب غني من أفغانستان

تمكنت طالبان من السيطرة على أفغانستان، ووقفت على مشارف العاصمة كابل تنفيذًا لوعود اتفاق الدوحة. لكن في 15 أغسطس، حزم الرئيس أشرف غني ما يمكن حمله من قصره، ليخرج من أفغانستان.

ويقول أحد العاملين في القصر الرئاسي: "كنت في القصر من صباح ذلك اليوم، وسمعنا دوي الرصاص وهرعت لرؤية الرئيس الذي كان لا يزال في منزله".

في هذا السياق، يشير السفير الأميركي السابق رونالد نيومان إلى أنه "عندما التقيت بغني في يوليو من ذلك العام، قلت له لا يمكن التمسك بشيء إلى الأبد ويجب أن تتحمل المسؤولية، وقال إنه يمتلك خطة لكن لم يعلن عنها".

ويشير بعض العاملين في القصر الرئاسي إلى أن غني تعرض لضغوط من قبل المقربين إليه بضرورة الخروج من كابل قبل وصول طالبان، مشيرين إلى أن الحركة تنوي دخول القصر وإعدامه. حينها قرر الرئيس مغادرة البلاد.

وتقول المفاوضة الأفغانية فاطمة جيلاني: "لقد اعتقدت حقًا أن غني سيبقى حتى النهاية، فقائد البلاد يجب أن يبقى كقبطان السفينة لو فقد حياته".

ويشير رونالد نيومان إلى أنه "عندما رأيت غني قال إنه لن يغادر وسيقاتل هنا في القصر، لكن لم يفعل ذلك وفرّ مباشرة".

عمليات الإجلاء والفوضى في كابل

بعد ساعات قليلة من هروب غني، تغيّر المشهد في كابل، وجلس مقاتلو طالبان على كرسي الرئيس، ورفعت الراية الإسلامية وعمت الفوضى في كابل، وسارع الجميع للهرب.

وتروي البريطانية وشاهدة العيان كيتي شيفلر اللحظات الأخيرة لها في العاصمة الأفغانية، وتقول: "في الليلة التي سبقت 15 أغسطس، تلقيت مكالمة من الخارجية البريطانية تعلمني بتنظيم رحلة لإجلائنا، لكنني لم آخذ الموضوع على محمل الجد".

وتضيف: "في اليوم التالي، سمعنا أصوات الرصاص وسمعنا بالتقارير حول اقتراب طالبان من كابل، فتوجهت إلى مكان التجمع للإجلاء".

وتتابع قائلة: "كانت الطرق مزدحمة بالسيارات، ووصلت إلى الفندق حيث نقطة التجمع وكان هناك جنود بريطانيون يقومون بتسجيلنا، والمروحيات الأميركية تحلق بكثافة لإجلاء موظفيها".

وتلفت إلى أن "قافلة السيارات لم تستطع الوصول إلى المطار، ولذلك استغرق الأمر بعض الوقت قبل الوصول، فصعدنا إلى طائرة الشحن، لكن عند الهبوط في دبي رأينا مشاهد سقوط الأفغان من الطائرات".

شهدت عمليات الإجلاء من مطار كابل فوضى عارمة - فيسبوك
شهدت عمليات الإجلاء من مطار كابل فوضى عارمة - فيسبوك

تحوّل في طالبان

ما حدث في المطار كان مشهدًا صادمًا. ويلفت تشارلي هربرت إلى أنه "دائمًا ما يُقال عن أفغانستان أنها مقبرة الإمبراطوريات، هذا لا يعني أنها لا تقهر، بل هي دولة تتقن الدفاع عن نفسها".

ويؤكد مدير دراسات أفغانستان في معهد الشرق الأوسط مارفن وينباوم أنه "بعد الجهود التي بذلت، والأرواح التي زهقت، انتهى بنا الأمر ليس بعودة طالبان فقط، بل عودة القيادة البدائية نفسها". فدخول طالبان إلى كابل أعاد للأذهان مشهد عام 1996. لكن 20 عامًا غيّرت الكثير في الحركة.

طالبان التي دخلت في حرب مدمرة لرفض تسليم أسامة بن لادن، قتل في عاصمتها أيمن الظواهري زعيم التنظيم، وصمتت، ومع ذلك يبدو للمتابعين أن طالبان تتمسك بتفكيرها القبلي، والساسة الأفغان يخافون من تجربة الحكم معها.

في هذا السياق، يقول سفير طالبان الأسبق في باكستان عبد السلام ضعيف: "لقد اتسعت تجربتهم، لكن الفكر الديني لم يتغير".

لكن بعد انقضاء عام على حكم طالبان، ما زالت الحركة تواجه تحديات كبيرة في بناء العلاقات، ولا تزال تسعى للحصول على اعتراف بشرعيتها، فهل ستنجح بالحفاظ على الحياد في الأزمات العالمية، وعلى توازنها بين الشرق والغرب؟


المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close