لا يكاد يخلو بيت تقريبًا من مسكنات الألم البسيطة ومن أشهرها دواء باراسيتامول، لكن ما يفترض أن يكون علاجًا تحوّل إلى أداة قاتلة. وما بدأ كفيديوهات قصيرة على تيك توك انطلقت في فرنسا وسويسرا ودول أخرى، تحول إلى حالة طوارئ تربوية وصحية في الجزائر.
وقد صار "تحدي الباراسيتامول"، ظاهرة خطيرة تشجع التلاميذ على تناول جرعات مفرطة من دواء يفترض أن يكون آمنًا من أجل التباهي واختبار التحدي، لكنه يصبح قاتلًا عند تجاوز الجرعات المحددة.
وأطلقت وزارة التربية الوطنية الجزائرية صافرة الإنذار، وأصدرت مذكرة استعجالية تحذر من هذا التحدي، بعد تسجيل حالة إصابة خطيرة لتلميذ في محافظة المدية، نقل على الفور إلى المستشفى.
وذكرت الوزارة أن الاستعمال الكبير وغير القانوني للهواتف الذكية داخل المؤسسات التربوية أصبح خطرًا على العملية التعليمية.
ووجهت الوزارة بضرورة إطلاق حملات توعية للطلاب وأولياء الأمور لشرح مخاطر هذا التحدي. كما نبهت إلى ممارسات سلبية تشوب العملية التعليمية، مثل السجائر الإلكترونية، وظاهرة تمزيق الكتب في نهاية الموسم الدراسي.
من جهتها، دقت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك ناقوس الخطر، وحذرت من انتشار ظاهرة "تحدي الباراسيتامول" على مواقع التواصل الاجتماعي. ودعت أولياء الأمور إلى عدم ترك هذا الدواء في متناول المراهقين، وطالبت الصيادلة بعدم بيعه دون وصفة للأطفال حماية لأرواحهم.
"تداعيات خطيرة على الكبد"
كما حذرت الجمعية الوطنية للصيادلة الجزائريين، من أن تناول جرعة زائدة من الباراسيتامول يؤدي إلى تسمم خطير في الكبد، وفشل حاد في وظائف الكبد، وخطر الموت خلال ساعات قليلة فقط.
والباراسيتامول، المعروف أيضًا باسم الأسيتامينوفين، هو مسكن للآلام وخافض للحرارة، يستخدم لعلاج الصداع، وآلام العضلات والحمى، وغيرها من الحالات البسيطة إلى المتوسطة. ويعتبر آمنًا عند استخدامه بالجرعات الموصى بها، ولكن تجاوز هذه الجرعات قد يؤدي إلى تسمم كبدي خطير وقد يؤدي إلى الوفاة.
وبحسب وكالة معاهد الصحة الوطنية الأميركية فإنه وعلى الرغم من أن الأسيتامينوفين، أو الباراسيتامول يتمتع بمستوى أمان جيد عند المستويات العلاجية، إلا أنه قد يسبب تسممًا شديدًا في الكبد عند تناوله بكميات كبيرة.
وتعتبر الوكالة أن تسمم الكبد بالباراسيتامول هو السبب الثاني لزراعة الكبد على مستوى العالم، وأشهر سبب لزراعة الكبد في الولايات المتحدة.
تحذيرات متواصلة
وهي مسؤولة عن 56 ألف زيارة لقسم الطوارئ، و2600 حالة دخول إلى المستشفى، و500 وفاة سنويًا في الولايات المتحدة. نصف هذه الحالات هي جرعات زائدة غير متعمدة.
وقد تفاعل معلقون على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير للتحذير من ترند تحدي الباراسيتامول. وانتشرت فيديوهات حول الموضوع.
كما لم يتوقف التفاعل حتى الآن في مختلف المنصات.
فكتب قاسمي سليم "أول سؤال تبادر لذهني من أين تأتي هذه الأفكار الغريبة والتي ليس لها أي معنى. قد يؤدي تناول جرعة كبيرة من البراسيتامول إلى أضرار فادحة في الكبد والكلى والجهاز الهضمي، أخطرها هو عجز هذه الأعضاء كليًا وفقدها لوظائفها. الحذر ثم الحذر".
وقال سليمان إنه حائر في الشخص الذي كرمه الله عز وجل بالعقل لكنه يرقص على تيك توك ويتبع الترندات، حسب تعبيره.
أمّا المعلقة رنيا ويبدو أنها طبيبة فكتبت "استقبلت مريضة بينما كنت مناوبة وكانت في حالة جد حرجة إذ أنها قامت باستهلاك 42 حبة paracetamol مما أدى إلى ظهور تعب شديد مع دوخة بشكل مفاجئ وعند إجراء التحاليل تبين لنا أن كبدها قد أُتلف".