الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

عائد إلى موريتانيا.. ولد صلاحي يروي لـ"العربي" عن صدمته وألمه وفقدان أمه

عائد إلى موريتانيا.. ولد صلاحي يروي لـ"العربي" عن صدمته وألمه وفقدان أمه

Changed

يعرض محمدو ولد صلاحي في الحلقة الرابعة والأخيرة من إطلالته عبر "وفي رواية أخرى" لآخر أيامه في معتقل غوانتانامو وما تلاها
وصلت سلسلة شهادات محمدو ولد صلاحي إلى محطتها الأخيرة. حيث يكشف كيف تبلغ نبأ إطلاق سراحه من معتقل غوانتانامو ويروي رحلة عودته إلى نواكشوط.

يختم السجين الموريتاني السابق في معتقل غوانتانامو محمدو ولد صلاحي فصول قصته المأسوية في حلقة رابعة وأخيرة من إطلالته عبر برنامج "وفي رواية أخرى".

وفيها، يواصل ولد صلاحي كشف الوجه الآخر لقصته المأسوية، والتي استمرت لأكثر من 14 سنة تعرّض خلالها لأبشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي.

وبعدما وصلت سلسلة شهاداته المثيرة، التي تُعرض للمرة الأولى عبر شاشة التلفزيون "العربي أخبار"، إلى محطتها الأخيرة، يجيب السجين رقم 760 عن أسئلة الزميل بدر الدين الصائغ بشأن ظروف اعتقاله في أيامه الأخيرة بسجن غوانتانامو.

ويتوقف عند صدور قرار ترحيله إلى موريتانيا أواخر 2016، وبقائه قيد الإقامة الجبرية في بلاده بضغط أميركي، وحصوله على جواز سفر.

"تباشير الحرية تلوح"

عبر "العربي أخبار" يستعيد ولد صلاحي يومياته في معتقل غوانتانامو الأميركي العسكري سيئ السمعة في كوبا، وهي رحلة عذاب دامت أكثر من 14 سنة تعرّض خلالها لأبشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي.

احتُجز الرجل هناك من دون محاكمة بين عامَي 2002 و2016 بشبهة الانتماء إلى تنظيم القاعدة، والتورّط في عمليات إرهابية استهدفت المصالح الأميركية، وارتباطه بما يُعرف بخلية هامبورغ التي كانت العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001.

تنقّل ولد صلاحي بين سجون سرية أميركية حول العالم، حيث كان قد أُوقف عام 2001 في نواكشوط عقب استدراجه في صفقة بين المخابرات الأميركية والموريتانية. وسُجن على التوالي في الأردن وأفغانستان قبل نقله إلى غوانتانامو.

بتاريخ 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، بدأت تباشير الحرية تلوح في أفق السجين رقم 760. يقول محمدو ولد صلاحي إن هذا التاريخ غيّر حياته إلى الأبد.

ويروي ما حدث يومها، شارحًا أن ضابطة أميركية كلّمته من فتحة صغيرة في باب سجنه الانفرادي، لتبلغه بعبارة مقتضبة بأن موعد إطلاق سراحه قد حان، وذلك عقب قرار صادر عن اللجنة الإدارية المكلفة بمتابعة معتقلي غوانتانامو بناء على ملفاتهم القضائية.

ويصف المشاعر التي انتابته لحظة سماع الخبر، قائلًا إنّ ما عاشه في تلك اللحظات أقرب إلى الخيال، حيث راح يعد الدقائق لمغادرة سجن غوانتانامو. ويشير إلى أنه أُخضع لفحوصات طبية معمقة قبيل ترحيله.

"منعطف في حياتي"

وفي ليلة من الليالي غير العادية في سجن غوانتانامو، التي تزامنت مع إعصار ضرب سواحل كوبا، تم إخراج محمدو ولد صلاحي من الزنزانة الانفرادية وتقييد يديه، وفق إجراءات أمنية مشددة. وكان مسار الرحلة من غوانتانامو إلى العاصمة الموريتانية مرورًا بإسبانيا.

لحظة وصوله إلى مطار نواكشوط بعد رحلة شاقة، مكبّل اليدين وبلباس السجن، وجد محمدو ولد صلاحي في استقباله السفير الأميركي وقائد جهاز الاستخبارات الموريتانية وعددًا من كبار الضباط.

ويلفت إلى أن لحظة ارتشاف أول كأس شاي في بهو مطار نواكشوط كانت منعطفًا في حياته.

ويردف بأنه "سرعان ما بدأ يستوعب حجم التغيّرات المتسارعة التي حدثت في العالم، وصُدم بحجم التحول التكنولوجي في الحياة اليومية، مثل ظهور منصات التواصل الاجتماعي، وثورة الهواتف الذكية، وهو الذي دخل السجن قبل أكثر من 14 سنة، وكان معزولًا عن العالم الخارجي".

ويشير إلى أن "الموقف الذي حزّ في نفسه هو لحظة وصوله إلى نواكشوط، ولم يجد والدته في استقباله، بعد أن غادرت الحياة وهو في سجن غوانتانامو". ويشرح أنه لم يبلغ بوفاتها إلا أواخر عام 2013.

إقامة جبرية ومنع سفر

وُضع محمدو ولد صلاحي إثر وصوله إلى موريتانيا، وبطلب من السلطات الأميركية، تحت الإقامة الجبرية، ومُنع من السفر لسنوات. 

ولم يحصل الرجل على جواز سفر إلا في عهد الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد الغزواني، الذي قدم له اعتذارًا رسميًا عن كل ما حدث له، بعد أن سلمته السلطات الموريتانية لوكالة الاستخبارات الأميركية "سي. آي. إيه" في صفقة غير معلنة.

ويتوقف محمدو ولد صلاحي كثيرًا عند جزئية قرار منعه من السفر ومغادرة التراب الموريتاني لدواع أمنية كونه لا يزال يشكل خطرًا، وفق الرواية الأميركية رغم تبرئته من قبل محاكم أميركية وأردنية وموريتانية في سنوات سابقة. 

وهنا يستشهد السجين رقم 760 بمواقف أعضاء في البرلمان البريطاني في صورة تام بروك، وليلى عمران وغيرهم من النشطاء، الذين قاموا بمراسلة السلطات البريطانية للضغط على نظيرتها الموريتانية ومنحه جواز سفر.

"انتقام راق من الجلادين" 

إلى ذلك، ألّف ولد صلاحي كتابًا أثناء وجوده في المعتقل حمل عنوان "يوميات معتقل في غوانتانامو"، أثار موجة من الجدل، وتُرجم لأكثر من 27 لغة.

كتب السجين رقم 760 مذكراته بطريقة سرية وبعيدًا عن الأعين، بمساعدة من المحامية الشهيرة نانسي هولندر، التي ذاع صيتها أثناء فترة احتجازه في غوانتانامو.

وعبر "العربي" يعرض محمدو ولد صلاحي بالتفصيل كواليس كتابة الكتاب وطباعته، الذي تعرض لمقص الرقابة الأميركي. 

ويقول ولد صلاحي إن الكتاب الذي نُشر ساهم في تسليط الضوء على قضية معتقلي غوانتانامو ومأساتهم المتواصلة منذ سنوات، معتبرًا أنّ الكتاب بمثابة انتقام راقٍ من جلاديه، الذين أذاقوه كل صنوف التعذيب في سجن غوانتانامو، ومن الديمقراطية الأميركية العرجاء التي تتغنى بشعارات بعيدة عن الحقيقة.

إلى ذلك، يؤكد ولد صلاحي أن ما حدث في سجن غوانتانامو "جريمة ضد الإنسانية شوهت وجه أميركا".

ويعترف بأنه لحظة دخوله سجن غوانتانامو، وإبلاغه من طرف جلاديه بأنه يواجه حكم الإعدام، فوّض أمره لله، وبأنه كان يعتقد أنه لن يرى الشمس تشرق أو تغرب مرة أخرى في حياته.

وتحوّل كتاب "يوميات معتقل في غوانتانامو" إلى فيلم من إنتاج هوليوود؛ لاقى رواجًا عالميًا. أُسند فيه دور البطولة إلى النجم الجزائري الفرنسي طاهر رحيم، الذي جسّد شخصية محمدو ولد صلاحي، وأخرجه الإسكتلندي كيفن ماكدونالد.

وركز الفيلم الضوء على العدالة المزعومة التي تروّج لها الولايات المتحدة، وكيف أن هذا المواطن الموريتاني قضى أكثر من 14 سنة في السجن ظلمًا، وأُفرج عنه من دون أن يوجه له أي إتهام إو قرار إدانة.

ويجدّد محمدو ولد صلاحي في آخر حلقة من برنامج "وفي رواية أخرى"، مطالبته مَن سمّاهم بأحرار العالم بمواصلة الضغوط الدولية الرامية إلى غلق معتقل غوانتانامو الأميركي، الذي أساء إلى صورة الولايات المتحدة وفضح زيف شعارات ديمقراطيتها البراقة، على حد تعبيره.

ويقول إن الشيء الوحيد الذي لا يزال يؤلمه إلى اليوم، هو قرار سلطات بلاده موريتانيا تسليمه إلى السي أي إيه ظلمًا.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close