يُعتبر نظام التدفئة المركزي من أحدث التقنيات المُدهشة في العصر الحديث.
لكن ما لا نعرفه هو أنّ هذه التقنية اشتهرت في العصر الروماني القديم، وإن كان بشكل مختلف وعُرف آنذاك باسم "هيبوكاوست"، وفقًا لموقع "هيستوري فاكتس".
و"هيبوكاوست" هو نظامٌ مشابهٌ للأرضيات المُشعّة اليوم، ويتضمَّن فراغات مجوّفة تحت الأرضية؛ بحيث يسري داخلها الهواء الحار الذي يتمّ توجيهه من خلالها.
استُخدمت هذه التقنية بشكلٍ أساسي لتدفئة الحمّامات العامة، ولكنّها استُخدمت أيضًا على نطاقٍ واسع في المنازل الخاصة، وخاصةً الفيلات، في المناطق الأكثر برودةً في الإمبراطورية الرومانية.
كيف يعمل نظام "هيبوكاوست"؟
وكانت المباني المُدفأة بنظام الـ"هيبوكاوست" تُبنى على أعمدة، ما يُخلّف مساحةً فارغةً أسفلها.
ويُوجد فرن خارجي يُسمّى "برايفورنيوم" (praefurnium)، وكان غالبًا ما يعمل بحرق الأخشاب، ويُوصل الهواء الساخن إلى المنطقة بواسطة أنابيب. وكان هذا الهواء يُدفئ الأرضية الحجرية أو البلاطية التي تعلوها، والمعروفة باسم "سوسبينسورا" (suspensura).
وكان الهواء يتسرّب من الأرضية السفلية عبر مداخن (أحيانًا مصنوعة من الطين المحروق) تمتدّ عبر جدران المنزل، موفرًا حرارة إضافية أثناء صعوده. أحيانًا، كان الجدار بأكمله مجوفًا. وساعد دفع الحرارة عبر الأرضيات والجدران على توفير الراحة في الحمامات الرومانية، ومنع التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة عند دخول الماء الدافئ أو الخروج منه.
وكانت بعض الغرف تُسخّن ببساطة بدون ماء على الإطلاق، ومصمّمة للتعرّق الجاف الشبيه بـ"الساونا". لكنّ أجهزة التدفئة بـ"الهيبوكوست" كانت تُسخّن الماء نفسه عند دخوله إلى المنشأة.
وعندما ينحدر الماء من القناة، يمرّ مباشرةً عبر حجرة فرن قبل أن يُضخّ عبر الأنابيب إلى المنشأة. ومع تبريد الماء، يُمكن استخدامه في الحمّامات الفاترة أو الباردة في المجمع.
ويُمكن رؤية نظام التدفئة القديم هذا اليوم في العديد من الحمّامات الرومانية الباقية، بما في ذلك حمّامات "ستابيان" في بومبي، التي بُنيت حوالي عام 125 قبل الميلاد.
واختفت التدفئة بنظام "هيبوكاوست" بالهواء الساخن مع نهاية الإمبراطورية الرومانية، ولكنَّ تطورًا جديدًا في التدفئة الداخلية ظهر في أوروبا الغربية مع بداية القرن الـ12؛ حيث بدأت تحل المدفأة المبنية الحجرية والمدخنة محل النظام الروماني المركزي، حيث تعمل فتحات السقف الكبيرة على النار المركزية حتى في ظروف الرياح والمطر، والتي كانت تُصمَّم لكل بيت مدفأة واحدة فقط وللمباني الكبيرة بأقل عدد ممكن.
