الإثنين 24 مارس / مارس 2025
Close

عزمي بشارة: هذا ما على العرب فعله كي لا تتحول خطة ترمب في غزة إلى واقع

عزمي بشارة: هذا ما على العرب فعله كي لا تتحول خطة ترمب في غزة إلى واقع محدث 10 فبراير 2025

شارك القصة

أكد الدكتور عزمي بشارة أن بيانات الاستنكار والإدانة لا تكفي في مواجهة خطة دونالد ترمب للتهجير
أكد الدكتور عزمي بشارة أن بيانات الاستنكار والإدانة لا تكفي في مواجهة خطة دونالد ترمب للتهجير
الخط
نبّه الدكتور عزمي بشارة إلى أنّ التهجير من قطاع غزة قد يتحول من مجرد أفكار إلى خطة على الأرض إذا لم يكن هناك رد عملي عليه يتجاوز البيانات الرسمية.

أكّد المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة على ضرورة التعامل بجدّية مع خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتهجير سكان قطاع غزة، بعيدًا عن تحليل مستوى ثقافته ودوافعه، وذلك باعتباره في نهاية المطاف يقول ما يقوله بوصفه رئيسًا للولايات المتحدة.

وشدّد بشارة في حديث خاص إلى التلفزيون العربي، على أنّ بيانات الاستنكار والإدانة لا تكفي في مواجهة خطة ترمب، موضحًا أنّ الردّ عليها يكون بتوفير مقوّمات الصمود لأهل قطاع غزة، وبخطوات تضمن بقاء الناس على أرضهم، ولا تجعل هجرتهم منها أمرًا حتميًا.

وفيما دعا إلى فتح بوابات معبر رفح باتجاه الدخول إلى غزة وليس التهجير خارجها، اعتبر أنّه يمكن العمل على مشروع عربي إسلامي لإعادة إعمار قطاع غزة من دون انتظار الغرب. وأشار إلى أنّ إعادة الإعمار يجب أن تتم عبر الباب العربي، كاشفًا أنّ الموارد المطلوبة من العرب أقل بكثير مما يطلبه ترمب منهم.

ونبّه بشارة إلى أنّ التهجير من قطاع غزة قد يتحول من مجرد أفكار إلى خطة على الأرض إذا لم يكن هناك رد عملي عليه يتجاوز البيانات الرسمية، معربًا عن اعتقاده بأنّ التطاول الإسرائيلي وصل إلى درجة غير مسبوقة بسبب ما وصفه بـ"الهوان الرسمي العربي".

خطة ترمب الاستفزازية.. ما مدى جدّيتها؟

من "جدّية" خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لقطاع غزة، انطلق المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في حديثه إلى التلفزيون العربي، فاعتبر أنّ ترمب "جدّي بقدر ما يمكن أن نقول عن الشخص إنه جدي بما أنه رئيس الولايات المتحدة".

وقال: "نحن مضطرون للتعامل معه على أنه جدّي بغض النظر عن مستوى ثقافته أو دوافعه التي قد تكون عجيبة سواء على مستوى إرضاء المتبرعين في الحملة الانتخابية، أو إرضاء نزواته ونزوات من حوله". لكنّه لفت إلى أنّ خطته تبقى عبارة عن أفكار، ولا يوجد حتى الآن مشروع مفصّل لتطبيقها.

ومع وصفه الأفكار التي طرحها بـ"الاستفزازية جدًا والسيئة جدًا"، شدّد على وجوب أخذها بجدّية، معتبرًا أنّ ما يجعلها أكثر جدّية هو حال الأمة العربية، "لأنّه ما كان مثل هذا التصريح ليصدر لولا مراقبة أي مسؤول أميركي لسلوك الدول العربية خلال الحرب على غزة، وكيف حصل ما حصل من دون أن يكون هناك رد فعل، وكأنّ هذه الدول العربية تحولت لمجموعة مراقبين ومحللين".

ولأنّ "الأمور تُبنى على بعضها"، فإنّ تدمير غزة وجعلها غير صالحة للسكن كان "البنية التحتية التي على أساسها جاء تصريح ترمب"، وفقًا لبشارة، الذي لفت إلى أنّ "هناك من جعل غزة غير صالحة للسكن، وهناك من صمت وعوّل على القانون الدولي، فجاء رئيس أميركي ليبني على ذلك ويدعو لتهجير أهل غزة".

وشدّد بشارة على أنّ هذا السلوك لن يتوقف "إلا إذا كان هناك رد بمستوى الحدث وليس بمستوى السخرية منه"، مذكّرًا بأنّ ترمب في النهاية مطوّر عقاري، "فهذه مهنته وهذه عقليّته، كما أنه محاط بالمطوّرين العقاريين من بيئة معينة جدًا"، في إشارة إلى أن ترمب سياسي انعزالي وهو يمثل رمزًا لمعسكر الأغنياء المحافظين داخل الولايات المتحدة، علمًا أنّ قيَمَه تتلخص في أن القوي يأكل الضعيف والبقاء للأصلح، والأصلح عنده هو الغني وليس الذكي.

وقال: "هذا المنظور للعالم يجعله لا يرى التفاصيل والحقائق كما هي، ولكن يفضَّل أن يكون هنالك من يُفهِمه هذه الحقائق، وهذا لا يكون بالإعلانات والاستنكارات والبيانات"، مشدّدًا على أنّ المطلوب هو "خطوات عملية تقنعه بأن هذا الأمر لن يمر"، وأنه "ليس قدرًا محتّمًا ولا كارثة طبيعية حلّت بنا".

أكد الدكتور بشارة أن الرد على ترمب يكون بتوفير مقومات الصمود لأهل قطاع غزة - رويترز
أكد الدكتور بشارة أن الرد على ترمب يكون بتوفير مقومات الصمود لأهل قطاع غزة - رويترز

كيف يكون الردّ على خطة ترمب للتهجير؟

ومع إشارته إلى أنّ الناس من المحيط إلى الخليج لا يأخذون اجتماعات القمم العربية بجدية منذ عقود طويلة، شدّد على أنّ ما يحصل الآن مفصل حقيقي، ولا سيما أنّ تصريح ترمب لم يدغدغ مشاعر الإسرائيليين فحسب، بل أيقظ ذاكرتهم على ما كانوا يفعلون منذ قيام "دولتهم الاستعمارية الاستيطانية"، علمًا بأنّ أغلبية الشارع الإسرائيلي، وليس فقط اليمين، تدعم هذا التوجّه.

من هنا، اعتبر بشارة أنّ الرد على من يريد تهجير سكان غزة لأنها غير صالحة للعيش، يكون بكل بساطة بجعلها صالحة للعيش، وبالتالي بتوفير مقوّمات الصمود للناس، من دواء وغذاء ومنازل ميدانية ومستشفيات ميدانية، عدا عن بدء عمليات الإعمار، بدون انتظار إذن الدول الغربية وتخطيطها.

وأشار إلى أنّ المطلوب هو فتح بوابات معبر رفح باتجاه الدخول إلى غزة وليس التهجير خارجها، مشدّدًا على أنّ مصر لا تحتاج إذنًا إسرائيليًا لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة. وأضاف: "إسرائيل هي التي تشنّ حرب الإبادة، وهي التي تُغريها الولايات المتحدة للبدء بعملية تهجير، فلماذا يطلبون الإذن منها". وسأل: "هل تتحمل إسرائيل تبعات إعلان حرب على مصر إذا دخلوا الآن وبدأوا بإفشال المخطط؟".

وفيما ذكّر بأنّ مقررات القمة العربية بشأن قطاع غزة لم تجد طريقها إلى التطبيق، شدّد على أنّ المطلوب الآن الفعل وليس القول لضمان بقاء الناس على أرضهم، وقال: "نحن قادرون على وضع خطة إعمار وتنفيذها، علمًا بأنّ المطلوب لكل ذلك ليس إلا جزء بالمئة ممّا تطلبه الولايات المتحدة من دول الخليج حتى يستثمَر في الولايات المتحدة".

ولفت إلى أنّ وضع ميزانيات لإعادة إعمار غزة يجب ألا يشغلنا عن "تشجيع الهيئات الفلسطينية وسكان قطاع غزة على رفع قضايا تعويض ضد إسرائيل في كل المحاكم"، لأنه يجب ألا تعفى إسرائيل من دفع تعويضات على ما جرى في قطاع غزة.

الاستقواء على الدول العربية.. سببه "الهوان الرسمي"

ورأى بشارة أنّ سلوك الأنظمة العربية وعدم قدرتها على اتخاذ موقف حاسم لحماية المدنيين خلال الحرب، يكفي وحده للاستقواء عليهم. ودعا إلى قرار عربي بمنع اجتماع أي مسؤول عربي، سواء كان مطبّعًا أو لا، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باعتباره "مجرمًا مطلوبًا لمحكمة الجنايات الدولية".

ولفت إلى أنّ الاستقواء على الدول العربية "بهذه الطريقة المهينة"، أو ما وصفه بـ"التطاول" على الدول العربية، وصل إلى درجات غير مسبوقة، بسبب ما وصفه بـ"الهوان الرسمي العربي"، مشدّدًا على وجوب عدم التعامل مع هذا الوضع الجديد، بنفس الأسلوب القديم، أي ببيانات الاستنكار التي تعقبها محاولة استرضاء الولايات المتحدة ثم التوجه إلى الدول الأوروبية بحثًا عن تعاطفها.

الرد على مخطط ترمب يجب أن يتجاوز البيانات الرسمية إلى خطوات تجعل هجرة سكان غزة غير حتمية، فالتهجير من قطاع غزة قد يتحول من مجرد أفكار إلى خطة على الأرض إذا لم يكن هناك رد عملي عليه

بشارة شدّد على ضرورة أن تعتمد الدول العربية على نفسها، محذرًا من أنّ التهجير من قطاع غزة قد يتحول من مجرد أفكار إلى خطة على الأرض إذا لم يكن هناك رد عملي عليه. ولفت إلى أنّ ربّ العائلة الفلسطيني لن يكون له خيار سوى الهجرة، إذا لم يجد مقوّمات الصمود أمامه، من عمل ومدرسة ومستشفى ومسكن.

وقال: "ما نراه الآن هو نتيجة ما حصل خلال الحرب على غزة، حيث قوبلت حرب الإبادة بصمت عربي، أو انتظار أن تقضي إسرائيل على المقاومة الفلسطينية"، مضيفًا: "إسرائيل تعرف أنه لا يمكن القضاء على حركة حماس أو المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من دون تدمير قطاع غزة، وبالتالي فإنّ ما حصل هو موضوعيًا تهجير بالقوة حيث استخدمت حرب إبادة لإيصال الفلسطيني لاستنتاج أنه ما من خيار آخر".

رأى بشارة أن التطاول الإسرائيلي وصل إلى درجة غير مسبوقة بسبب الهوان الرسمي العربي
رأى بشارة أن التطاول الإسرائيلي وصل إلى درجة غير مسبوقة بسبب الهوان الرسمي العربي

ماذا يمكن للعرب أن يقدّموا على المستوى الدبلوماسي؟

على صعيد الخيارات الدبلوماسية الممكنة، أوضح المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أنّ العرب قدّموا أساسًا مبادرة السلام العربية في قمّة بيروت الشهيرة، لكنّهم بدأوا يتخلّون عنها عبر التطبيع، من دون حلّ القضية الفلسطينية.

وأوضح أنّ الشعب الفلسطيني ترك وحده عندما اختارت دول عربية أن تقيم سلامًا مع إسرائيل بمعزل عن المبادرة العربية للسلام، ومن دون حل القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أنّ دولاً صوّتت على هذه المبادرة بدأت تطبّع مع إسرائيل من دون تطبيقها.

وذكّر بأنّه عندما طرحت مبادرة السلام العربية تشكل وفد وزاري عربي لزيارة الدول، إلا أنّ الرئيس الأميركي جورج بوش الابن رفض استقبالها، وهو ما يؤكد أن أميركا وإسرائيل رفضتا المبادرة من الأساس. وقال: "يجب أن يفهم الذين تنازلوا عنها أنهم أخطأوا، وأن يصوّبوا الأمر".

وإذ رأى أنّ الرد المبدئي لإفشال الخطة يكون بجعل هجرة أهالي غزة غير ضرورية لأن مقومات الصمود في غزة قائمة، اعتبر أنّ القمة العربية والإسلامية قادرة أيضًا على إجبار الفلسطينيين على الوحدة وليس إقامة وساطات.

وشدّد على أنّ موضوع السلطة في غزة "أصبح خلفنا"، والمسألة الآن هي "كيف نثبّت الصمود في قطاع غزة لمنع خطة التهجير"، مجدّدًا دعوته لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية تشمل الجميع بما فيها حركات المقاومة.

هل يريد نتنياهو استئناف الحرب على غزة؟

وبخصوص التطورات الآنية في الأراضي الفلسطينية، تحدث بشارة عما يجري في الضفة الغربية المحتلة، واصفا ما يحدث بأنه "بروفات كبرى لتقطيع أوصال الضفة".

وأعرب عن اعتقاده بوجود خطة بأن يعترف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالكتل الاستيطانية لضمها إلى إسرائيل، مثلما فعل مع القدس، على أن يسبق ذلك قانون في الكنيست ليعترف به. وقال: "هناك تواطؤ باتجاه ضمها ثم اعتراف الإدارة الأميركية بها، ولذلك الجريمة في الضفة مستمرة".

وردًا على سؤال عن وجود نوع من الغطاء لنتنياهو لاستئناف الحرب على غزة، خصوصًا بالنظر إلى طريقة تعامله مع المرحلة الثانية من المفاوضات، قال: "هذا الاحتمال وارد ولكن قد يكون ما يفعله الآن في سياق أسلوب التسويف والابتزاز الدائم".

وأوضح أنّ نتنياهو "يحاول أن يضغط قدر الإمكان، لكن حتى الآن الانسحاب من نتساريم وغيره يعطي مؤشرات مقبولة"، وأعرب عن اعتقاده بأنّ ترمب لا يريد العودة للحرب، "فهو يعرف تمامًا أنه لم يعد هناك ما يُقصَف في غزة"، ولذلك فإنّ الاحتمال الأكبر هو أن يستمر تنفيذ الاتفاقية في مرحلة ثانية وربما ثالثة.

أعرب بشارة عن اعتقاده بأن ترمب لا يريد العودة للحرب على غزة في الوقت الحالي - رويترز
أعرب بشارة عن اعتقاده بأن ترمب لا يريد العودة للحرب على غزة في الوقت الحالي - رويترز

"أرى نفقًا ولا أرى نورًا في نهايته"

وختامًا، أوضح بشارة ما قصده حين قال في محاضرته الافتتاحية في منتدى فلسطين قبل أسبوعين، إنه "يرى نفقًا، ولا يرى نورًا في نهايته، وإنّ علينا عربًا وفلسطينيين أن نضيء الطريق نحو المخرج بأنفسنا"، مشيرًا إلى أنّ "هذا الإيمان أن الشعوب ستنتصر في النهاية، ليس كافيًا، إذا لم تتخذ خطوات عملية"، قائلاً: "إذا لم تقم أنت بفعل ما يلزم عليك لا ينشأ ضوء في آخر النفق".

وأضاف: "حرب غزة نفق طويل ونتائجها السياسية على مستوى الإقليم، والآن هناك من يتجرأ على الحديث عن تهجير، "وفي مثل هذه الظروف، إذا لم تتّحد القوى الفلسطينية، فهذا معناه أنه لا يوجد ضوء في آخر النفق".

وشدّد على أنّ الأمل لا يصبح موجودًا إلا إذا كان هناك من يضيء الطريق نحو المخرج، قائلاً: "إذا تحرك الفلسطينيون باتجاه الوحدة و/أو وجدت قرارات عربية حقيقية ولو كانت من باب التضامن مع مصر والأردن والسعودية، فيمكن أن يكون هناك نور".


في الفيديو المرفق، تجدون المقابلة الكاملة مع المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة، التي تطرق فيها إلى ملف المرحلة الانتقالية في سوريا، إلى جانب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتهجير سكان قطاع غزة.
تابع القراءة

المصادر

التلفزيون العربي
تغطية خاصة