الخميس 28 مارس / مارس 2024

عقوبات على بيلوسي.. بكين تعلن إنهاء التعاون مع واشنطن في ملفات عدة

عقوبات على بيلوسي.. بكين تعلن إنهاء التعاون مع واشنطن في ملفات عدة

Changed

نافذة إخبارية لـ"العربي" تناقش دلالات تصعيد الصين لقدراتها العسكرية قرب مضيق تايوان (الصورة: غيتي)
أعلنت الصين أنها ستفرض عقوبات على بيلوسي بعد زيارتها لتايوان، كما أعلنت إلغاء عدد من اللقاءات حول مسائل دفاعية على صلة بعدة ملفات مع واشنطن.

أعلنت وزارة الخارجية الصينية الجمعة أنها ستفرض عقوبات على رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي بعد زيارتها لتايوان التي أثارت غضب بكين.

وقالت الوزارة: إن بيلوسي "تدخلت بشكل خطير في الشؤون الداخلية للصين وقوضت بشكل خطير سيادة الصين وسلامة أراضيها" عبر الزيارة. وأوضحت أن الصين "ستفرض عقوبات على بيلوسي وعائلتها المباشرة"، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

وفرضت الصين في السنوات الأخيرة عقوبات على عدد من المسؤولين الأميركيين ردًا على ما تعتبرها تصرفات تتعارض مع مصالحها الجوهرية، وللإدلاء بتصريحات تتعلق بحقوق الإنسان في هونغ كونغ ومنطقة شينجيانغ في شمال غرب البلاد.

وعلى الرغم من التحذيرات الحازمة من جانب بكين، زارت رئيسة مجلس النواب الأميركي التي تنتقد الصين بشدة، الجزيرة الثلاثاء والأربعاء.

وتعتبر بكين مبادرة بيلوسي، أعلى مسؤول أميركي منتخب يزور تايبيه منذ 25 عامًا، استفزازًا ونقضًا للوعود التي قطعتها الولايات المتحدة للصين.

الصين تعلن إنهاء التعاون مع واشنطن

وبعد زيارة بيلوسي لتايوان، أعلنت الصين الجمعة أيضًا إلغاء عدد من اللقاءات حول مسائل دفاعية على صلة بعدة ملفات مع الولايات المتحدة.

وذكرت وزارة الخارجية الصينية أن بكين "ستعلق المحادثات الصينية الأميركية حول التغير المناخي" وستلغي لقاء بين القادة العسكريين واجتماعين أمنيين، منددة بـ"الاستخفاف" الذي أبدته بيلوسي "حيال معارضة الصين الشديدة" لزيارتها إلى تايوان.

وكانت الصين والولايات المتحدة، أكبر مصدرين لانبعاثات الغازات الدفيئة، أعلنتا في خطوة مفاجئة العام الماضي التوصل إلى اتفاق حول المناخ خلال مؤتمر كوب 26 في غلاسكو.

وتعهد البلدان بموجب الاتفاق بتسريع العمل من أجل المناخ خلال العقد المقبل والاجتماع بانتظام من أجل "معالجة أزمة المناخ".

ومن بين التدابير المعلنة الجمعة ذكرت وزارة الخارجية تعليق التعاون مع واشنطن حول إعادة المهاجرين غير القانونيين إلى بلادهم، والتعاون على صعيد القضاء والجرائم العابرة للحدود الوطنية ومكافحة المخدرات.

وللتنديد بتصعيد الإجراءات ضد تايوان، استدعى البيت الأبيض السفير الصيني كين غانغ أمس الخميس، للتأكيد على أن الولايات المتحدة لا تريد أزمة في المنطقة، حسب ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" اليوم الجمعة.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي لصحيفة واشنطن بوست: "بعد تصرفات الصين، استدعينا السفير كين كانغ إلى البيت الأبيض لمناقشته بشأن الأعمال الاستفزازية (الصينية)".

الصين تستدعي دبلوماسيين أوروبيين

في غضون ذلك، استدعت وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، سفراء بعض الدول الأوروبية واليابان، وقدمت لهم احتجاجًا على بيان مجموعة السبع بشأن تايوان، حسب وسائل إعلام حكومية.

ووفقًا لصحيفة "غلوبال تايمز" المحلية، قدمت الخارجية الصينية "احتجاجات رسمية" بشأن بيان مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي حول تايوان.

وقالت الوزارة للمبعوثين: إن البيان "شوه الحقائق"، ويعد "استفزازًا سياسيًا صارخًا".

كما استدعت الوزارة السفير الياباني لدى الصين هيديو تارومي، لشرح موقف بلاده حول البيان الذي قالت بكين إنه "ينتهك بشكل خطير القواعد الدولية الأساسية، وأربع وثائق سياسية صينية-يابانية".

وفي وقت سابق الجمعة، اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون ينغ أن التصريحات الأخيرة للمسؤولين اليابانيين بشأن التوترات الحالية في مضيق تايوان محاولة لتبرير أفعال "المخطئين".

وتأتي هذه التصريحات الحادة لبكين بعد أن دعا وزراء خارجية دول مجموعة السبع، التي تضم اليابان، يوم الأربعاء الصين إلى حل التوتر حول مضيق تايوان بطريقة سلمية.

مناورات عسكرية صينية وتنديد دولي

وفي سياق متصل، نددت تايوان الجمعة بـ"جارتها الخبيثة" بعدما حاصرت الصين الجزيرة عبر إجراء سلسلة مناورات عسكرية ضخمة قوبلت بإدانات من الولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء الغربيين.

وأطلقت الصين خلال المناورات التي بدأت الخميس وما زالت متواصلة الجمعة، صواريخ بالستية ونشرت طائرات مقاتلة وسفنًا حربية حول تايوان.

من جهته، أعلن "جيش التحرير الشعبي" الصيني عدة مناطق خطر مغلقة في محيط تايوان تطل على بعض أهم ممرّات الشحن البحري في العالم، وتبعد في مواقع معيّنة نحو 20 كيلومترًا فقط عن سواحل الجزيرة.

وذكرت بكين بأن المناورات ستستمر حتى منتصف نهار الأحد، بينما أعلنت تايبيه أن مقاتلات وسفنًا صينية عبرت "الخط الأوسط" الذي يمر عبر مضيق تايوان صباح الجمعة.

وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان: "منذ الساعة الحادية عشرة، أجرت مجموعات عدة من طائرات حربية وسفن حربية صينية تدريبات حول مضيق تايوان وعبرت الخط الأوسط للمضيق".

ويمثّل الخط الأوسط حدودًا غير رسمية لكن يتم الالتزام بها إلى حد كبير وتمتد على طول منتصف المضيق الفاصل بين تايوان والصين.

وتكررت عمليات التوغل الصينية منذ أعلنت بكين في 2020 أن هذه الحدود لم تعد قائمة.

رد ضروري على زيارة بيلوسي

ووصفت بكين المناورات الحربية بأنها رد "ضروري" على الزيارة التي أجرتها رئيسة مجلس النواب الأميركي  إلى الجزيرة التي تحظى بحكم ذاتي ديموقراطي، لكن واشنطن رأت أن قادة الصين "اختاروا المبالغة في رد الفعل".

من جهته، دعا رئيس الوزراء التايواني سو  تسينغ-تشانغ حلفاء بلاده للضغط من أجل خفض التصعيد.

وقال للصحافيين: "لم نتوقع أن يستعرض الجار الخبيث قوّته على عتبتنا وبأن يعرّض إلى الخطر بشكل تعسفي الممرات المائية الأكثر انشغالًا في العالم عبر تدريباته العسكرية".

ودافعت بيلوسي عن زيارتها الجمعة، مشيرة إلى أن واشنطن "لن تسمح" للصين بعزل تايوان.

وقالت للصحافيين في طوكيو، آخر محطة ضمن جولة آسيوية قامت بها، "قلنا منذ البداية" إن الزيارة "لا تهدف إلى تغيير الوضع القائم هنا في آسيا، أو تغيير الوضع القائم في تايوان".

"تصعيد كبير"

ويعتبر الحزب الشيوعي الحاكم في الصين تايوان جزءًا من الأراضي التابعة له وتعهّد باستعادتها يومًا ما، وإن كان بالقوة، لكن حجم وكثافة التدريبات أثارت حفيظة الولايات المتحدة وقوى ديموقراطية أخرى.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعد محادثات مع وزراء خارجية من دول جنوب شرق آسيا في بنمو بنه عن المناورات العسكرية الصينية في محيط تايوان "تمثّل هذه الأعمال الاستفزازية تصعيدًا كبيرًا".

وأضاف: "الحقيقة هي أن زيارة رئيسة مجلس النواب كانت سلمية. لا يوجد مبرر لهذا الرد العسكري المتشدد والمبالغ فيه والتصعيدي".

وتقدّمت اليابان باحتجاج دبلوماسي رسمي ضد بكين إذ يُعتقد أن خمسة من الصواريخ سقطت في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها.

كما أدانت أستراليا التي تربطها علاقات متوترة مع الصين أكبر شريك تجاري لها، المناورات على اعتبار أنها "مبالغ فيها ومزعزعة للاستقرار".

وفي حديث لـ"العربي"، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر حسن البراري: إن "الصين تريد أن تبعث برسالة واضحة بأنها مستعدة لتوظيف القوة العسكرية للدفاع عن مصالحها، وهي تُعرف ذلك من خلال "الصين الواحدة"، في حين أن الولايات المتحدة من جانب آخر تلتزم لفظيًا بسياسة الصين الواحدة لكنها تدعم تايوان تجاريًا وأمنيًا".

وأضاف من العاصمة الأردنية عمّان، أن الصين لا تريد مواجهة عسكرية مع تايوان، يمكن أن تنجر إليها الولايات المتحدة وحلفاؤها، كما أن أميركا لا تريد إعطاء الصين ذريعة لتوظيف القوة العسكرية.

وأوضح أن ما يجري الآن هو محاولة صينية من أجل رسم خطوط حمراء جديدة، حتى يأخذها المجتمع الدولي بعين الاعتبار، وتحديدًا الولايات المتحدة.

وتابع البراري أن الولايات المتحدة والصين لا بد أن يكون بينهما في الوقت الراهن ما يسمى "الخط الأحمر"، من أجل توضيح الأمور، حتى لا تنزلق الأوضاع وتدفع الجانبين إلى مواجهة لا يريدها أي طرف. 

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close